مسيحيو الثقافة

مسيحي الثقافة أو المسيحية الثقافية هو مصطلح واسع يستخدم لوصف أفراد غير ملتزمين دينيًا أو علمانيين أو ملحدين أو لادينيين ذوي خلفية تراثية وحضارية مسيحية؛ ويعود انتمائهم للمسيحية إلى الناحية الدينية أو العرقية أو الثقافية أو التعليمية أو بسبب الروابط العائلية وقد لا يؤمنون بالمعتقدات الدينية المسيحية، ولكن يعرّفون أنفسهم كمسيحيين لارتباطهم بالمسيحية وراثيًا وحضاريًا، وبسبب البيئة الاجتماعية والثقافية التي نشأوا فيها.[1]

يمكن اعتبار عدد واسع من سكان في نصف الأرض الغربي بأنهم مسيحيين ثقافيًا، نظرًا لارتباط الإيمان المسيحي في الحضارة الغربية في كافة المجالات الأسرية والاجتماعية في الفن، الموسيقى، الأدب، الفلسفة، اللغة، العمارة، الإقتصاد، السياسة، القانون، الرعاية الصحية، التعليم، العلوم والطب، وكذلك الأعياد الدينية التي يحتفل بها على نطاق واسع مثل عيد الفصح وعيد الميلاد.[2][3][4]

انتشار المصطلح[عدل]

ينتشر المصطلح مسيحي ثقافيًا بشكل خاص في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية فاليوم على الرغم من تراجع الديانات في العالم الغربي وظهور حركات مثل اللاأدرية والإلحاد، ما يزال غالبية الأوروبيون يعرّفون انفسهم كمسيحيون وان كانت نسبة كبيرة منهم مسيحيين ثقافيًا أو اسميًا، ولا تزال المسيحية الديانة المهيمنة في العالم الغربي؛ إذ يشّكل المسيحيين وفقًا لمركز الأبحاث الاميركي بيو حوالي 70% من سكان العالم الغربي.[5]

الربوبيون في القرن الثامن عشر والتاسع عشر أمثال نابليون وعدد من الآباء المؤسسون للولايات المتحدة أعتبروا أنفسهم جزء من الثقافة والحضارة المسيحية وبالتالي فهم مسيحيين وإن اختلفوا في الأمور العقائدية مع الديانة المسيحية.[6][7][8][9][10]

تفسير المصطلح[عدل]

يختلف التفسيرات حول مصطلح مسيحي الثقافة إلا أنه غالبًا ما يوصف الشخص المولود لأسرة مسيحية وقد تم تعميدُه إلا أنه غير ممارس دينيًا وغير ملتزم حسب الشعائر الدينية،[11] وأحيانًا لمن يولد في مجتمع ذات تراث وثقافة مسيحية وحيث المسيحية هي الدين السائد، وبسبب تشبُعه من التاريخ والحضارة والثقافة المسيحية والتي هي جزء من ثقافته المحلية فيطلق عليه مسيحي أسميًا وثقافيًا،[11] على الرغم من عدم تدينه أو التزامه الديني.

بالنسبة للمسيحيين الثقافة إن الحفاظ على العادات والتقاليد المسيحية متعلق بالقيم الأسرية، وينظر الكثير إلى الحفاظ على العادات والتقاليد بأنها قيم عائلية وتعليمية مهمة، فضلًا عن ذلك بالنسبة للمسيحيين ثقافيًا أن تكون مسيحيًا تعني أن تكون جزء حيوي من الثقافة المحلية المشبعة في المسيحية دون العيش بالضرورة في الالتزام الديني.[12] يظهر ذلك في الذهاب إلى الكنيسة في الأعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية والعائلية مثل حفلات الزفاف والعماد والجنازة وزيارة قبور الأقارب ووضع رموز دينية مثل الصليب والأيقونات وحمل أسماء مسيحية وممارسة طقوس مثل العماد وأول قربانة والأسرار السبعة المقدسة والاحتفال في الأعياد المسيحية خاصًة العائلية منها مثل عشية عيد الميلاد وتلوين بيض عيد الفصح والمشاركة في التطوافات الدينية مثل تطوافات الأسبوع المقدس أو عادة الصيام عن اللحوم يوم الجمعة أو الصلاة قبل الطعام.[13][14] في عيد الميلاد يحافظ المسيحيين ثقافيًا على مظاهره والتي تكون على شكل إعطاء الهدايا ووضع شجرة الميلاد ووجود شخصية بابا نويل الأسطورية وعشاء الميلاد والاجتماعات العائلية.[15] المسيحيين ثقافيًا غالبًا ما يُعَمِّدون أبنائهم باعتباره نوع من القيم التقليدية المسيحية والتي هي جزء من هويتهم الثقافية، هذا بالإضافة إلى اعتبارهم الكتاب المقدس والليتورجيا والفن والموسيقى الكنسية جزء من ثقافتهم وقيمهم.[13]

مصطلح مسيحي الثقافة يتوافق مع مصطلحات مثل يهودي الثقافة، مسلم الثقافة وهندوسي الثقافة لأنها لها جذور في ثقافة وحضارة معينة، وليس بالضرورة أن يكون أتباعها ممارسين وملتزمين دينيًا.[16]

وفقًا للمؤرخ الفرنسي فرناند بروديل فالإنسان الأوروبي متدينًا كان أو ملحدًا فإنّ ردود فعله النفسيّة، وسلوكه، وأخلاقيته، ظلت متجذّرة في التّراث المسيحي الذي طبع الحياة الأوروبيّة بطابعه على مدار القرون المتطاولة. وقد وصف المؤرخ بروديل الإنسان الأوروبي على إنّه من «دم مسيحيّ»؛ يُذكر أن الكاتب الفرنسي هنري مونترلان قدّم نفسه بأنّه من دم كاثوليكي على الرّغم من أنّه كان ملحدًا.[17]

وقد يوصف ملحدون ولادينيون أنفسهم مسيحيون الثقافة مثل إخصائي السلوك البريطاني ومؤلف عدة كتب؛ ريتشارد دوكينز فعلى الرغم من كونه معروف بآرائه في الإلحاد فقد وصف نفسه كمسيحي الثقافة.[18] وقد يصف عدد من الملحدين ذوي الخلفية المسيحية أنفسهم كملحدين مسيحيين ويعني ذلك عدم إيمانهم بالله أو الوهية يسوع لكنّهم يعتبرونه مَثَل أعلى ويلتزمون بتعاليمه الأخلاقية، ويلتزمون ببعض الشعائر المسيحية كنوع من تراث ثقافي وحضاري.

مصطلحات أخرى[عدل]

بالمقابل يُطلق على المسيحيين المتبِّعين لاهوت والدوغماتية المسيحية عدد من المصطلحات مثل المسيحي الكتابي،[19] المسيحي المتلزم،[20] معتنق المسيحية والمسيحي المؤمن.[21] وتُلقى هذه المصطلحات رواج بين المسيحيين الأصوليين والإنجيليين حيث يعتبرون المسيحي الحق هو الشخص المؤمن بيسوع المسيح ويقبله مخلصًا شخصيًا لنفسه وممارس لدينه بشكل يومي ولا يكفي أن يكون الشخص مولود كمسيحي ولا يزاول الطقوس الدينية لذلك فالمسيحيين الإنجيليين يشجّعون مسيحيين الثقافة أو المسيحيين الإسميًا الغير الملتزمين على على إعادة الولادة كمسيحيين مرة أخرى أو ما يعرف بالولادة الجديدة.

صور[عدل]

ترتبط عدد من الطقوس المسيحية بالثقافة الغربية والشعبية، ويُمارسها العديد من المسيحيين إسميًا وثقافيًا بغض النظر عن مدى الالتزام الديني.

طقوس مسيحية دينية وثقافية

ديموغرافيا[عدل]

وفقا لمركز بيو، يميل أغلب المسيحيين في أوروبا الغربية إلى امتلاك مستويات منخفضة أو متوسطة من الالتزام الديني، حيث في الدنمارك يحظى فقط 11% من المسيحيين بمستوى عال من الالتزام الديني، وتبلغ النسبة 13% في كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، و14% في كل من بلجيكا وسويسرا، و15% في النمسا، و16% في فنلندا، و18% في السويد، و27% في جمهورية أيرلندا، و29% في النرويج، و31% في كل من إسبانيا وإيطاليا، و35% في هولندا و43% في البرتغال.[13]

المعتقدات والميول لدى المسيحيين[عدل]

خارطة تظهر أهميَّة الدين بالنسبة للناس في البُلدان ذات الغالبيَّة المسيحيَّة، استنادًا إلى استطلاع أجرته مؤسسة غالوب بين سنتيّ 2006 و2008.

أجرت مجلة المسيحية اليوم دراسة واسعة لفهم نطاق الاختلافات بين المسيحيين الأمريكيين والتي تنطبق بشكل أو بآخر على مجمل المسيحيين في العالم. وقد وجدت الدراسة الاستقصائية مواقف وسلوكيات مختلفة تنقسم إلى خمسة قطاعات متمبيزة. إذ تتنوع الميول الدينية بالنسبة للمسيحيين فمثلًا بدلًا من حضور الكنيسة صباح يوم الأحد والطقوس الجماعيَّة، يختار العديد من المسيحيين خاصًة الشباب طرق أخرى قد تكون أكثر شخصية وفردية. يتنوع أيضًا المسيحيون لاهوتيًا علمًا أنًّ الغالبيَّة العظمى من المسيحيين يؤمنون بألوهية المسيح لكن هناك أقلية تنكر ألوهة المسيح وترى أنه كائن روحي أشبه بالله.[22]

يُعتبر سر العماد، «الأساس والمقدمة لسائر الأسرار»، وهو علامة الدخول في الدين المسيحي، ومشاركة المسيح، وقبول عمله في سر الفداء، ويتم غالبًا بسكب الماء ثلاثًا على رأس المعمد. تمارس الكنيسة الكاثوليكية وسائر الكنائس الأرثوذكسية وقسم هام من الكنائس البروتستانتية عماد الأطفال وبالتالي حسب المعتقدات المسيحية يعتبر العماد ختم أبدي وبالتالي إن حصل الشخص على سر العماد يعتبر مسيحي بغض النظر عن مدى ايمانه أو التزامه بالطقوس المسيحية. في حين أنّ العديد من الكنائس البروتستانتية تعتبر المسيحي الحقيقي من يقبل يسوع كمخلص شخصي. وقد وجدت دراسات مختلفة أنًّ المسيحيين في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية هم أكثر التزامًا من الناحية الدينية وأكثر تدينًا مقارنًة بمسيحيي العالم الغربي وينطبق ذلك أيضًا على الشباب المسيحي إذ يميل الشباب في نصف الكرة الأرضية الجنوبي أن يكون أكثر تدينًّا والتزامًا من الناحية الدينيًَة.

وجدت الدراسة تقسيمات المسيحيين الاميريكيين والتي قد تنطبق على مجمل المسيحيين:

مظاهر من الثقافة المسيحيَّة