مستقبل فلسطين

مستقبل فلسطين
النسخة الاولى للمذكرة كما نشرت في مستندات مجلس الوزراء البريطاني في يناير 21 سنة 1915

صياغة يناير - اذار 1915
محررو الوثيقة هربرت صموئيل

مستقبل فلسطين[1][2]، تعرف أيضًا باسم مذكرة صموئيل، هي مذكرة كتبها هربرت صموئيل وعرضها على مجلس الوزراء البريطاني في يناير وآذار سنة 1915، بعد شهرين من إعلان البريطانيين الحرب على الامبراطورية العثمانية. كان للمذكرة تأثيرٌ على عدد من الوزراء في المجلس قبل مفاوضاتهم ونقاشاتهم في الأشهر التي سبقت اتفاقية سايكس بيكو وبيانية بالفور. كانت هذه المرة الأولى التي تم الاقتراح فيها، بوثائق رسمية، تسخير مساعدة ودعم اليهود كإجراء ومخطط خلال الحرب.[3]

خلفية[عدل]

تم نقاش أرض فلسطين لأول مرة، على مستوى مجلس الوزراء البريطاني، في تاريخ 9 نوفمبر 1914، وقد حدث ذلك بعد مرور أربعة أيام من إعلان بريطانيا الحرب على الدولة العثمانية. وأشار ديفيد لويد جورج، مستشار الخزانة آنذاك، «إلى مصير فلسطين النهائي».[4][5] كان مكتب ديفيد لويد جورج للمحاماة، لويد جورج وروبرتس وشركاه، قد تعاقد وتم تعيينه، قبل حوالي مدة عقد من الزمن، من قبل الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العظمى وأيرلندا للعمل على خطة أوغندا.[6] قام لويد جورج بالتأكيد لرئيس مجلس الحكم المحلي، هربرت صموئيل، أنه «متحمس ومصمم على رؤية دولة يهودية في فلسطين»؛ وكان ذلك خلال نقاش دار بينهما بعد ان إلتقيا مع بعضهما.[4][7] قام صموئيل بعد ذلك بتحديد الموقف الصهيوني بشكل كامل ومفصل في محادثة مع وزير الخارجية إدوارد غراي. وتحدث عن التطلعات والطموحات الصهيونية لتأسيس دولة يهودية في فلسطين، وأهمية الموقع الجغرافي، الذي سوف تتواجد به هذه الدولة، للإمبراطورية البريطانية.

تنص مذكرة صموئيل:

ذكرت أنه سيكون هنالك أمرين ضروريين وأساسيين - أن الدولة يجب أن تتخذ موقف حيادي، حيث أنها لا يمكن أن تكون دولة كبيرة بما فيه الكفاية للدفاع عن نفسها، وأنه يجب السماح بوصول الحجاج المسيحيين وضمان حرية دخولهم.

... ذكرت أيضًا أنه سيكون أفضلية عظيمة ونقطة لصالحنا، لو قامت فرنسا بضم ما تبقى من سوريا، حيث سيكون من الأفضل بكثير لو كان لهذه الدولة جار الذي هو عبارة عن دولة التي تعتبر قوة أوروبية؛ بدلا من الأتراك [4][8]

في مساء نفس اليوم، أعلن رئيس الوزراء هربرت هنري أسكويث، أن التسبب في انهيار وتشتيت الإمبراطورية التركية أصبح هدفاً للحرب، وكان ذلك في خطاب القاه خلال وليمة اللورد عمدة لندن [الإنجليزية] في مانشن هاوس، حيث قال؛ «إنها الحكومة العثمانية، وليس نحن، من قرع دقات جرس المنية للهيمنة العثمانية، ليس فقط في أوروبا، بل في آسيا أيضا». [9]

النقاشات على مستوى مجلس الوزراء[عدل]

في شهر ديسمبر عام 1914, التقى صموئيل بحاييم وايزمان،[10] الذي تم انتخابه بعد الحرب كرئيس للمنظمة الصهيونية العالمية، وفيما بعد أنتخب ليكون الرئيس الأول لإسرائيل. كان صموئيل آنذاك عضوًا في مجلس الوزراء البريطاني بصفته رئيسًا لمجلس الحكم المحلي. وفقا لمذكرات وايزمان الشخصية، كان صموئيل في ذلك الحين قد كان داعما ومؤمنا بالصهيونية بشكل كبير، وقد إعتقد صموئيل أن مطالب وايزمان كانت متواضعة للغاية وليست كبيرة.[11] لم يرغب صموئيل في الخوض في مناقشة تفصيلية فيما يتعلق بخططه، لكنه ذكر أنه «ربما سيتم إعادة بناء الهيكل، كرمز للوحدة اليهودية؛ طبعا اقصد بالشكل وبالمفهوم الحديث».[11]

تفيد دراسة حالة معينة أن ذكريات يوشيا ويدجوود، تؤكد ذكريات ديفيد لويد جورج نفسه (وهو أمر يوثقه ويدعمه الأرشيف الوطني) أن أول اجتماع دار بين لويد جورج ووايزمان كان في شهر أغسطس عام 1915[12] مع ذكر عدة مصادر التي تشير إلى اجتماع الذي حدث في شهر ديسمبر عام 1914 أو شهر يناير عام 1915. (وفقًا لشنير، في تاريخ 15 يناير 1915، التقى وايزمان وصموئيل في داونينج ستريت 11 مع لويد جورج[13] ولكنه يذكر المصدر على إنه التجربة والخطأ لوايزمان، حيث يذكر التاريخ على أنه 3 ديسمبر 1914.) في نهاية شهر يناير، أرسل صموئيل المذكرة لرئيس الوزراء هربرت هنري أسكويث ولوزير الخارجية إدوارد غراي، من أجل الموافقة عليها.[13]

ذكر أسكويث أن لويد جورج، الذي أصبح رئيس الوزراء عند حلول وعد بلفور، كان العضو الوحيد في مجلس الوزراء الذي دعم بشدة هذا الاقتراح (المذكرة).[14]

المذكرة[عدل]

بدأت المذكرة بالإشارة إلى أن اندلاع الحرب العالمية الأولى قد أتاح فرصة للتغيير "في وضع وحالة فلسطين". وأشار إلى أن الوقت، على الأرجح، يعتبر مبكرًا جدًا لدولة يهودية مستقلة، وأعتبر أن الاندماج في الإمبراطورية البريطانية هو الحل "الذي سيكون في موضع ترحيب كبير بالنسبة لقادة ومؤيدي الحركة الصهيونية في جميع أنحاء العالم.[15]

ثم حددت المذكرة خمسة فوائد من تقبل الإمبراطورية البريطانية لهذه الإستراتيجية. وهي:

  1. ستحقق الدولة إنجاز آخر في مجال إضافي، وهو دورها التاريخي في تسبب تحضر الدول الرجعية."[15][16]
  2. سوف يرفع ذلك وسيزيد من مستوى وهيبة الإمبراطوية البريطانية.[15][16]
  3. سيجلب الأمر نتيجة إيجابية من الحرب بالنسبة للإمبراطورية البريطانية، وذلك من دون التسبب في خسارة ألمانيا لمستعمراتها؛ الأمر الذي قد يخلق حرب ثأرية.[15][16]
  4. سيتم تحسين دفاعات مصر، حيث سيتم تشكيل حدود قوية[15][16]
  5. سوف يجلب الأمر «تقدير دائم لإنجلترا من قبل كل اليهود في أنحاء العالم»، وسيشمل ذلك مليوني يهودي متواجدين في الولايات المتحدة[15][16]

بعد ذلك، تم اعتبار والنظر في بدائل للضم البريطاني. اعتبر الضم الفرنسي «غير مرحب به من قبل اليهود»، وأعتبر الإخضاع لإشراف دولي على أنه «سيضع البلاد تحت إدارة يد ميتة»، والضم لمصر الكبرى سيؤدي إلى تعقيدات، وترك البلاد مع تركيا مع ضمانات لحدوث إستعمار يهودي، على الأرجح سيترك الوضع دون تحسن إلى حد كبير.[15][16]

ثم اختتم صموئيل بالإشارة إلى أنه في حين أن 'فلسطين البريطانية' لن تحل لوحدها المسألة اليهودية في قارة أوروبا، إلا أنه سيكون لها تأثير مهم على «شخصية/صفة» يهود العالم، وبالتالي إثراء العالم.

اختتم صموئيل بمرجع إلى خطاب برلماني مشهور ألقاه توماس بابنجتون ماكولي في عام 1833[17] خلال إعتاق اليهود في المملكة المتحدة[18]

"فليتم إنشاء مركز يهودي في فلسطين، وليحقق ما أعتقد أنه سوف يحقق، عظمة روحانية وفكرية؛ ولابد في النهاية، وحتى ولو كان بطريقة غير واعية، سيحقق الشخصية اليهودية الفردية، أينما كانت، سيتم رفع شرفها. إن الارتباطات الدنيئة التي تعلقت بالاسم اليهودي سوف تنقطع، وسيتم تحسين وتعزيز قيمة اليهود كعنصر في حضارة الشعوب الأوروبية. الدماغ اليهودي هو منتج فسيولوجي لا ينبغي أن يحتقر. لمدة خمسة عشر قرناً، أنتج السباق في فلسطين سلسلة متتالية من الرجال العظماء - رجال دولة وأنبياء، قضاة وجنود. إذا أعطي للجسد مرة أخرى أن تقيم فيه روحه، فقد يتم إثراء العالم مرة أخرى. حتى يتم منح المجال الكامل، كما قال ماكولي في مجلس العموم، "دعونا لا نفترض وأن نقول أنه لا يوجد صفة العبقرية بين مواطني أشعياء، وأنه لا يوجد صفة البطولة بين أحفاد المكابيين".[16][19]

ردود الفعل[عدل]

وفقًا لفريدمان، لم تتم مناقشة النسخة النهائية لشهر مارس («كما ويفترض ذلك أيضًا بخصوص إصدار يناير») في مجلس الوزراء أو في مجلس الحرب.[20]

علق رئيس الوزراء هربرت هنري أسكويث، بخصوص النسخة الأولى في تاريخ 28 من شهر يناير:

"لقد تلقيت للتو من هربرت صموئيل مذكرة بعنوان "مستقبل فلسطين"... يعتقد أننا قد نقوم بإرسال حوالي ثلاثة أو أربعة ملايين يهودي أوروبي لهذه المنطقة الغير الواعدة، وأن ذلك سيكون له تأثير جيد على أولئك الذين تم تركهم. قرأتها وكأنها تقريبًا مثل إصدار جديد من رواية "Tancred"

الذي وكأنه تم تحديثه وحتلنته للعصر الراهن... إنه شرح غريب ومثير للإهتمام للقول المفضل لدى [ديزي - بينجامين دزرائيلي]، أن "العرق هو كل شيء"، مع فهم أن هذا الإنفعال الشاعري تقريبًا، يأتي من الدماغ المنهجي والمنظم لهربرت صموئيل"...[21]

وبخصوص النسخة النهائية في شهر مارس:

«أعتقد أنني قد تحدثت بالفعل عن مذكرة هربرت صموئيل المكتوبة بشكل انفعالي وحماسي وكأنها ديثرامب، والتي تحث على أنه عند تحكمنا، وإعادة رسم تواجد هيمنة الأتراك في آسيا؛ يجب علينا أن نأخذ فلسطين، التي في الوقت المناسب، سيعود إليها اليهود المتناثرون من كل قطاع العالم، وفي اللحظة المؤاتية سيكتسبون الحكم الموطني  [لغات أخرى]‏. من الغريب والمثير للفضول بشكل ما فيه الكفاية، أن الطرف الآخر الوحيد، المسبب للانقسامية في هذا الاقتراح، هو لويد جورج، الذي بغنى عن التعريف، لا يهتم باليهود أو بما يخص ماضيهم أو بما يخص مستقبلهم، لكنه يعتقد أنه سيكون أمرا صادم ومثير للغضب بأن نسمح لانتقال قضية حيازة أو حماية الأماكن المقدسة لأيدي 'فرنسا اللاأدرية، الملحدة'»[22]

في وقت سابق، في تاريخ 5 فبراير، أشار روفوس إسحاق ,مركيز ريدينج الأول  [لغات أخرى]‏، إلى أن «[لويد جورج كان] يميل إلى الجانب المتعاطف مع هذا الاقتراح - اقتراحك يستهوي الشاعرية والخيالية بالإضافة إلى الميزات الرومانسية والدينية لعقله».[14]

قريب صموئيل، إدوين مونتجيو، الذي كان معادي للصهيونية، كتب وبعث رسالة لأسكويث في تاريخ 16 مارس 1915:

فلسطين نفسها، تملك القليل لجذب أو حتى لا تجذب بريطانيا العظمى نهائيا، من وجهة نظر إستراتيجية أو مادية"... "[ستكون فلسطين عبارة عن] ملكية هزيلة وغير ثمينة، بلا أي مقارنة مع مثلا، دعنا نقول، بلاد الرافدين"... "لا يمكنني التخيل أن أرى أي أشخاص يهود أعرفهم وهم يقومون بالاعتناء بأشجار الزيتون أو برعي الأغنام"... "لا يوجد عرق يهودي الآن ككتلة كلية متجانسة. من الواضح تمامًا أن اليهود في بريطانيا العظمى بعيدون كل البعد، ولا يقربون بأي شكل اليهود الموجودين في المغرب أو اليهود السود في كوتشي، أي مثل بعد وعدم قربة الإنجليزي المسيحي من الموريون أو من الهندوس "..." لو فقط يقوم شعبنا ... بإتخاذ مكانته في وضعية اللاإمتثالية، عندها من الواضح أن الصهيونية ستتلاثى وستختفي عن الوجود وقد يشق اليهود طريقهم نحو إلاحترام والتقدير." [23]

المراجع[عدل]

  1. ^ George H. Cassar (1994). Asquith As War Leader. A&C Black. ص. 72. ISBN:978-1-85285-117-0. مؤرشف من الأصل في 2020-04-08.
  2. ^ Colin Shindler (21 فبراير 2008). A History of Modern Israel. Cambridge University Press. ص. 39. ISBN:978-0-521-85028-5. مؤرشف من الأصل في 2020-04-08.
  3. ^ Huneidi 2001، صفحة 83: "Samuel declared that "the course which is advocated would win for England the gratitude of the Jews throughout the world", perhaps the first time in any official record that enlisting Jewish support as a war measure was suggested. Two years later, the Balfour Declaration was based on this premise."
  4. ^ أ ب ت Grooves Of Change: A Book Of Memoirs هربرت صموئيل
  5. ^ Britain's Moment in the Middle East, 1914–1956, Elizabeth Monroe, p26 نسخة محفوظة 2020-04-09 على موقع واي باك مشين.
  6. ^ Conservative Party attitudes to Jews, 1900–1950, Harry Defries نسخة محفوظة 2020-04-09 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ Huneidi 2001، صفحة 261.
  8. ^ Samuel, Grooves of Change, p174
  9. ^ Schneer 2011.
  10. ^ Rose 2010، صفحة 15.
  11. ^ أ ب Weizmann، Chaim (1983). The Letters and Papers of Chaim Weizmann: August 1898-July 1931. Transaction Publishers. ص. 122. ISBN:978-0-87855-279-5. مؤرشف من الأصل في 2020-04-10. He believed that my demands were too modest, that big things would have to be done in Palestine; he himself would move and would expect Jewry to move immediately the military situation was cleared up… The Jews would have to bring sacrifices and he was prepared to do so. At this point I ventured to ask in which way the plans of Mr. Samuel were more ambitious than mine. Mr. Samuel preferred not to enter into a discussion of his plans, as he would like to keep them 'liquid', but he suggested that the Jews would have to build railways, harbours, a university, a network of schools, etc… He also thinks that perhaps the Temple may be rebuilt, as a symbol of Jewish unity, of course, in a modernised form.
  12. ^ Barbara Pfeffer Billauer (17 سبتمبر 2013). "Case-Studies in Scientific Statecraft: Chaim Weizmann and the Balfour Declaration - Science, Scientists and Propaganda". SSRN: 44–45. مؤرشف من الأصل في 2020-04-10.
  13. ^ أ ب Schneer 2011، صفحة 135.
  14. ^ أ ب Schneer 2011، صفحة 145.
  15. ^ أ ب ت ث ج ح خ Bowle، John (1957). Viscount Samuel: A Biography. V. Gollancz. ص. 168–175. مؤرشف من الأصل في 2020-04-10.
  16. ^ أ ب ت ث ج ح خ s:The Future of Palestine
  17. ^ Essay and speech on Jewish disabilities, published 1910 نسخة محفوظة 10 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  18. ^ Friedman، Isaiah. The Question of Palestine: British-Jewish-Arab Relations, 1914–1918. Transaction Publishers. ص. 10. ISBN:978-1-4128-3868-9. مؤرشف من الأصل في 2020-04-10.
  19. ^ Friedman، Isaiah. The Question of Palestine: British-Jewish-Arab Relations, 1914–1918. Transaction Publishers. ص. 10. ISBN:978-1-4128-3868-9. مؤرشف من الأصل في 2020-04-10.
  20. ^ Friedman 1973، صفحة 15.
  21. ^ Huneidi 2001، صفحة 83a.
  22. ^ Lewis، Geoffrey (31 مارس 2009). Balfour and Weizmann: The Zionist, the Zealot and the Emergence of Israel. Bloomsbury Publishing. ص. 84–. ISBN:978-1-4411-6469-8. مؤرشف من الأصل في 2020-04-11.
  23. ^ Schneer 2011، صفحة 146.

مراجع خارجية[عدل]