علاقات ليبيا الخارجية

أعادت ليبيا فتح صفحة جديدة فيما يتعلق بالكثير من علاقاتها الخارجية عقب انتهاء الحرب الأهلية الليبية، وذلك تزامنًا مع الإطاحة بمعمر القذافي وانخماد الحرب الأهلية الليبية الثانية. تولت نجلاء منقوش منصب وزير الخارجية منذ 15 مارس 2021، وعلى الرغم من إغلاق العديد من السفارات الأجنبية في طرابلس في عام 2014 بسبب الحرب، أُعيد افتتاح ثلاثين بعثة دبلوماسية في العاصمة الليبية بحلول نهاية عام 2017.[1]

السياسة الخارجية[عدل]

أشار المجلس الوطني في «بيانه التأسيسي» الصادر في 5 مارس 2011، «نطالب المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماته بشأن حماية الشعب الليبي من أي إبادة جماعية وجرائم أخرى مُرتكبة ضد الإنسانية دون أي تدخل عسكري مباشر على الأراضي الليبية».[2] جرى تعيين علي العيساوي متحدثًا باسم الشؤون الخارجية للمجلس الوطني في مارس 2011.[3] لاحقًا، حل محمود جبريل محل علي العيساوي وجرى تعيينه رئيسًا للشؤون الدولية.

دعا المجلس الوطني الانتقالي المجتمع الدولي إلى مساعدته في الجهود التي يبذلها بشأن إزاحة العقيد معمر القذافي، حاكم ليبيا منذ عام 1969، والموالين له. طالب المسؤولون بتزويدهم بالإمدادات الطبية[4] والأموال[5] والأسلحة وغيرها من أشكال المساعدات الخارجية. في أواخر يونيو عام 2011، اقترح المجلس الوطني الانتقالي استخدام الأصول المجمدة الدولية للقذافي ودائرة المقربين منه ضمانًا للقروض، وحذر وزير المالية، علي الترهوني من أن حكومته بدأت بالإفلاس فعليًا.[6] طالب المجلس الوطني الانتقالي سابقًا بإلغاء تجميد هذه الأصول ونقلها إلى بنغازي،[7] وأشار مسؤولو إدارة أوباما في الولايات المتحدة إلى أنهم سيحاولون الوفاء بها.[8][9]

صرح مسؤولو المجلس الوطني الانتقالي أنهم يعتزمون مكافأة الدول التي ستبادر بالاعتراف بالمجلس ممثلًا شرعيًا لليبيا، فضلًا عن الدول التي شاركت في التدخل العسكري الدولي لقمع قوات القذافي. قدم المجلس الوطني العديد من الحوافز للدول التي اعتبرها حليفة له، بما في ذلك عقود نفط مواتية وغيرها من الروابط الاقتصادية.[10][11][12] في 15 يوليو 2011، أخبر متحدث باسم المجلس أعضاء مجموعة أصدقاء ليبيا في اسطنبول، تركيا، أن حكومته لن تبرم أي عقود نفط جديدة وأنه ينبغي تشكيل حكومة منتخبة قبل إبرام أي صفقات جديدة.[13]

بعد أن اقتحمت القوات المناهضة للقذافي العاصمة الليبية، طرابلس، صرح مدير المعلومات في شركة الخليج العربي للنفط التي تولى المجلس الوطني الانتقالي إدارتها في 22 أغسطس أنه وبمجرد استئناف ليبيا لصادرات النفط، فإن حكومتها الجديدة «قد تنخرط في بعض القضايا السياسية مع روسيا والصين والبرازيل» وأنها ستفضل الدول الغربية والعربية التي دعمت الثورة ضد القذافي عند منح عقود النفط.[14] مع ذلك، في 23 أغسطس، ذكر وزير الخارجية البرازيلي، أنطونيو باتريوتا أن حكومته ستحرص على «احترام العقود» في حال تولي المجلس الوطني الانتقالي السلطة في ليبيا، ولن تُعاقَب البرازيل على موقفها.[15] في 1 سبتمبر، جادل ممثل المجلس الوطني الانتقالي في باريس أن الحكومة الليبية الجديدة لن تمنح عقود النفط على أساس السياسة، على الرغم من أنه أشار إلى أن عددًا من الشركات الغربية، بما في ذلك شركة بي بي وتوتال إنرجيز وإني وغيرها من «الشركات الأمريكية الكبرى»، تمتلك «سجلًا جيدًا في قطاع النفط الليبي».[16]

تاريخ السياسة الخارجية[عدل]

شهدت علاقات ليبيا الخارجية خلال عهد معمر القذافي (1969-2011) الكثير من التقلبات والتغييرات. اتسمت كذلك بالتوتر الشديد مع الدول الغربية والسياسات الوطنية الأخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا، بما في ذلك الدعم المالي والعسكري الذي قدمته الحكومة الليبية إلى العديد من الجماعات شبه المسلحة والمتمردة.

ردود الفعل الدولية[عدل]

خلال الحرب الأهلية الليبية، اعترف ما لا يقل عن 100 دولة والعديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، بالمجلس الوطني الانتقالي باعتباره السلطة الشرعية لليبيا أو ما يوازي ذلك. منذ نهاية الحرب، اعترفت عدة دول أخرى بالمجلس الوطني الانتقالي حكومة مؤقتة لليبيا.

عضوية المنظمات الحكومية الدولية[عدل]

في أواخر فبراير 2011، جرى تعليق عضوية ليبيا في جامعة الدول العربية بسبب قصف قوات القذافي للمدنيين خلال الاحتجاجات التي اندلعت ضد حكومته.[17] في مطلع يونيو، أكد نائب رئيس مجلس الإدارة عبد الحفيظ غوقة، المتحدث الدائم باسم المجلس الوطني، على نية حكومته إعادة دمج ليبيا في العالم العربي.[18] في 27 أغسطس، أُعيد تفعيل عضوية ليبيا ممثلةً بالمجلس الوطني الانتقالي.

في 26 أغسطس 2011، دعا مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم من تبقى من حكومة القذافي إلى جانب أعضاء المجلس الوطني الانتقالي عوضًا عن الاعتراف دبلوماسيًا بالمجلس الوطني الانتقالي ممثلًا قانونيًا لليبيا.[19] تعهد الرئيس مصطفى عبد الجليل بالتزام المجلس بحماية حقوق الإنسان، والحرص على أمن ليبيا من خلال إجراء عملية مصالحة بعد الحرب، والتحول إلى الديمقراطية الكاملة في مؤتمر مجموعة أصدقاء ليبيا في باريس في 1 سبتمبر، وذكر متحدث باسم مفوضية الاتحاد الأفريقي أن المفوضية «مطمئنة» وستطرح مسألة الاعتراف للنقاش مرة أخرى.[20] توترت العلاقات بين الاتحاد الأفريقي والمجلس الوطني الانتقالي بسبب تكرار التقارير التي تفيد بوقوع جرائم كراهية، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية وعمليات الإعدام غير القانونية، والتي ارتُكبت ضد السود في تاورغاء وطرابلس ومناطق أخرى في ليبيا.[21][22][23] في 20 سبتمبر 2011، اعترف الاتحاد الأفريقي رسميًا بالمجلس الوطني الانتقالي بوصفه الممثل الشرعي لليبيا.[24]

طالب المجلس الوطني الانتقالي بتمثيل مقعد ليبيا في الأمم المتحدة.[25] كانت الأمم المتحدة كذلك عضوًا في مجموعة أصدقاء ليبيا. في 1 سبتمبر، ذكر الأمين العام بان كي مون، القائد الاسمي للأمم المتحدة، أن الأمم المتحدة تسعى للعمل إلى جانب «السلطة الليبية» على مساعدة ليبيا للتوجه نحو الديمقراطية. أيد بان كي مون قرارًا اقترحه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول تدوين دور الهيئة الدولية في دعم الديمقراطية والاستقرار الليبيين.[26] على الرغم من أن المجلس الوطني الانتقالي رحب بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1973، والذي سُمِح بموجبه قصف أهداف عسكرية ليبية بقيادة حلف شمال الأطلسي، رفض مقترحات وضع وحدات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة في ليبيا بعد الحرب، مجادلًا بعدم رغبته بنشر قوات أجنبية على الأراضي الليبية.[27] في 16 سبتمبر 2011، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بحصيلة بلغت 114 دولة مؤيدة من الأعضاء مقابل 17 دولة معارضة، حول الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي باعتباره ممثل مقعد ليبيا في الأمم المتحدة.[28][29]

المراجع[عدل]

مراجع[عدل]

  1. ^ Cochrane, Richard (16 November 2017). Kidnap and death and injury risks will remain high in Tripoli, despite return of foreign embassies. خدمات جاينز المعلوماتية. Retrieved 4 December 2017. نسخة محفوظة 2022-04-07 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ "Founding statement of the Interim Transitional National Council". National Transitional Council. 5 مارس 2011. مؤرشف من الأصل في 2011-03-10. اطلع عليه بتاريخ 2011-03-07.
  3. ^ Blomfield، Adrian (7 مارس 2011). "Libya: rebel leadership wants future British assistance 'in a legal way'". The Telegraph. London. مؤرشف من الأصل في 2023-02-03.
  4. ^ "Libyan Health Minister on Cairo Visit Seeking Medical Supplies". The Tripoli Post. 30 يونيو 2011. مؤرشف من الأصل في 2021-05-02. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-06.
  5. ^ Kelemen، Michele (13 مايو 2011). "Rebel Leader Asks U.S. For Frozen Libya Funds". National Public Radio. مؤرشف من الأصل في 2021-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-05.
  6. ^ "Cash-strapped Libya rebels call for loans". News24. 30 يونيو 2011. مؤرشف من الأصل في 2021-05-05. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-05.
  7. ^ "Libya opposition asks US Treasury for Gaddafi assets". Reuters. 9 أبريل 2011. مؤرشف من الأصل في 2011-04-10. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-05.
  8. ^ "U.S. wants to give frozen assets to Libyan rebels". The Washington Post. 5 مايو 2011. مؤرشف من الأصل في 2021-05-03. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-05.
  9. ^ Quinn، Andrew (15 يوليو 2011). "U.S. recognizes Libya rebels with eye on funds". Reuters. مؤرشف من الأصل في 2022-11-28. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-15.
  10. ^ Gannon، Matthew (5 مايو 2011). "OPPORTUNITIES FOR THE UNITED STATES IN THE LIBYAN CRISIS OF 2011 AND BEYOND" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2021-06-28. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-05.
  11. ^ Corfield، Gareth (24 يونيو 2011). "Norwegian Libyan contribution may yield oil contracts". The Foreigner. مؤرشف من الأصل في 2023-02-03. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-05.
  12. ^ "Libya 'will direct oil to friends'". Times of Malta. 19 مارس 2011. مؤرشف من الأصل في 2022-02-23. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-05.
  13. ^ "US formally recognizes Libya rebels". Ocala. 15 يوليو 2011. مؤرشف من الأصل في 2021-05-02. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-15.
  14. ^ "ENI leads Libya oil race; Russia, China may lose out". Reuters. 22 أغسطس 2011. مؤرشف من الأصل في 2022-03-11. اطلع عليه بتاريخ 2011-08-23.
  15. ^ "Tuesday, August 23, 2011 - 15:25 GMT+3 - Libya". Al Jazeera Blogs. 23 أغسطس 2011. مؤرشف من الأصل في 2021-05-02. اطلع عليه بتاريخ 2011-08-23.
  16. ^ "Libya no ally favoritism". CNC. 2 سبتمبر 2011. مؤرشف من الأصل في 2016-03-07. اطلع عليه بتاريخ 2011-09-02.
  17. ^ Nahmias، Roee (22 فبراير 2011). "Libya suspended from Arab League sessions". Ynet News. مؤرشف من الأصل في 2020-03-15. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-05.
  18. ^ "Libyan National Transition Council: "Algeria is a brotherly country"". Echorouk Online. 7 يونيو 2011. مؤرشف من الأصل في 2023-03-02. اطلع عليه بتاريخ 2011-07-05.
  19. ^ "AU refrains from recognising Libya's NTC". Al Jazeera English. 26 أغسطس 2011. مؤرشف من الأصل في 2023-02-05. اطلع عليه بتاريخ 2011-09-02.
  20. ^ "African Union reassured by the NTC". Libya TV. 2 سبتمبر 2011. مؤرشف من الأصل في 2012-09-08. اطلع عليه بتاريخ 2011-09-02.
  21. ^ "Witnesses say African mercenaries have been captured in Libya". France24. 21 فبراير 2011. مؤرشف من الأصل في 2022-01-06. اطلع عليه بتاريخ 2011-09-02.
  22. ^ Dagher، Sam (21 يونيو 2011). "Libya City Torn by Tribal Feud". The Wall Street Journal. مؤرشف من الأصل في 2023-01-15. اطلع عليه بتاريخ 2011-09-02.
  23. ^ Van Langendonck، Gert (29 أغسطس 2011). "In Tripoli, African 'mercenaries' at risk". The Christian Science Monitor. مؤرشف من الأصل في 2022-11-27. اطلع عليه بتاريخ 2011-09-02.
  24. ^ "African Union officially recognises Libya's new leadership". مؤرشف من الأصل في 2022-04-08.
  25. ^ Queenann، Gavriel (26 أغسطس 2011). "Libyan Rebels Want Tripoli's UN Seat". Arutz Sheva 7. مؤرشف من الأصل في 2021-04-10. اطلع عليه بتاريخ 2011-09-02.
  26. ^ "UN to lead campaign with NTC for Libya's future: Ban Ki-moon". Xinhua. 1 سبتمبر 2011. مؤرشف من الأصل في 2012-11-08. اطلع عليه بتاريخ 2011-09-02.
  27. ^ "NTC rejects foreign military presence, says UN envoy". France24. 31 أغسطس 2011. مؤرشف من الأصل في 2022-07-08. اطلع عليه بتاريخ 2011-09-02.
  28. ^ Lederer، Edith (16 سبتمبر 2011). "UN approves Libya seat for former rebels". San Jose Mercury News. مؤرشف من الأصل في 2011-11-23. اطلع عليه بتاريخ 2011-09-16.
  29. ^ "After Much Wrangling, General Assembly Seats National Transitional Council of Libya as Country's Representative for Sixty-Sixth Session". UN General Assembly. 16 سبتمبر 2011. مؤرشف من الأصل في 2023-04-07. اطلع عليه بتاريخ 2013-09-02.