الحرب في أفغانستان (2001–2021)

الحرب في أفغانستان (2001–2021)
جزء من الحرب الأمريكية على الإرهاب والنزاع الأفغاني المستمر
الأعلى:الوضع العسكري للحرب الأهلية الأفغانية (1996-2001) قبل الغزو الأمريكي، بين طالبان (باللون الأحمر) والتحالف الشمالي (باللون الأزرق)
الأسفل وفي اتجاه عقارب الساعة من أعلى اليسار: أسقطت طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الأمريكي صواريخ ذخائر الهجوم المباشر المشترك على كهف في شرق أفغانستان. جنود أمريكيون في معركة بالأسلحة النارية مع قوات طالبان في ولاية كنر؛ جندي من الجيش الوطني الأفغاني يقوم بمسح فوق عربة هامفي. جنود أفغان وأمريكيون يتحركون وسط الثلوج في ولاية لوكر؛ قوات طالبان المنتصرة تؤمن كابول؛ جندي أفغاني يقوم بمسح وادٍ في ولاية بروان. تستعد القوات البريطانية لركوب طائرة من طراز شينوك خلال عملية تور شيزادا.
معلومات عامة
التاريخ 7 أكتوبر 2001 – 30 أغسطس 2021
(19 سنوات، و10 شهور، و3 أسابيع، و2 أيام)
المرحلة الأولى: 7 أكتوبر 2001 – 28 ديسمبر 2014
المرحلة الثانية: 1 يناير 2015 – 30 أغسطس 2021[1][2]
البلد أفغانستان  تعديل قيمة خاصية (P17) في ويكي بيانات
من أسبابها هجمات 11 سبتمبر  تعديل قيمة خاصية (P828) في ويكي بيانات
الموقع أفغانستان
النتيجة انتصار طالبان[3]
انتهاء صراع بنجشير
المرحلة الأولى
المرحلة الثانية
تغييرات
حدودية
استعادت طالبان كابل وسقوط مناطق التحالف الشمالي ومنها بنجشير
المتحاربون
غزو (2001):
أفغانستان التحالف الشمالي
 الولايات المتحدة
 المملكة المتحدة
 كندا
 أستراليا
 إيطاليا
 نيوزيلندا[4]
 ألمانيا[5]
غزو (2001):
أفغانستان إمارة أفغانستان الإسلامية[6]
تنظيم القاعدة
اللواء 055[7][8]
حركة أوزبكستان الإسلامية[9]
حركة تطبيق الشريعة المحمدية[10]
الحزب الإسلامي التركستاني[11]

مرحلة قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان/مهمة الدعم الحازم (2001–2021):

الإدارة الأفغانية المؤقتة (2002–2004)

 جمهورية أفغانستان الإسلامية (2004–2021)
مهمة الدعم الحازم
(2015–2021) (36 دولة)[12]
المجلس الأعلى لإمارة أفغانستان الإسلامية (زعم منذ 2015)[13][14][15][16][17][18]
مرحلة قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان/مهمة الدعم الحازم (2001–2021):
أفغانستان طالبان تنظيم القاعدة
(قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية)[21]
أفغانستان طالبان مجموعات منشقة
مرحلة مهمة الدعم الحازم (2015–2021):
تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان[34]
القادة
جمهورية أفغانستان الإسلامية حامد كرزاي
جمهورية أفغانستان الإسلامية أشرف غني
جمهورية أفغانستان الإسلامية أمر الله صالح
الولايات المتحدة جورج بوش الابن
الولايات المتحدة باراك أوباما
الولايات المتحدة دونالد ترامب
الولايات المتحدة جو بايدن
المملكة المتحدة توني بلير
المملكة المتحدة جوردون براون
المملكة المتحدة ديفيد كاميرون
المملكة المتحدة تيريزا ماي
المملكة المتحدة بوريس جونسون
كندا جان كريتيان
كندا بول مارتن
كندا ستيفن هاربر
كندا جاستن ترودو
أستراليا جون هوارد
أستراليا كيفن رود
أستراليا جوليا غيلارد
أستراليا توني أبوت
أستراليا مالكولم تورنبول
أستراليا سكوت موريسون
إيطاليا سيلفيو برلسكوني
إيطاليا رومانو برودي
إيطاليا ماريو مونتي
إيطاليا إنريكو ليتا
إيطاليا ماتيو رينزي
إيطاليا باولو جينتيلوني
إيطاليا جوزيبي كونتي
إيطاليا ماريو دراجي
ألمانيا غيرهارد شرودر
ألمانيا أنغيلا ميركل
كينيث مكينزي
جون إف. كامبل
إيساف
مهمة الدعم الحازم
ننغیالي [18]
عبد المنان نيازي [36]
أفغانستان ملا عمر #
أفغانستان أختر محمد منصور 
أفغانستان هبة الله آخند زاده
أفغانستان عبد الغني برادر
أفغانستان جلال الدين حقاني #[39]
أفغانستان عبيد الله آخوند [40]
أفغانستان داد الله [40]
غلبدين حكمتيار
أسامة بن لادن 
أيمن الظواهري
عاصم عمر 
ملا محمد رسول
حجي نجيب الله[41]
شهاب المهاجر[37]
حافظ سعيد خان 
مولوي حبيب الرحمن[38]
عبد الحسيب لوغاري  [لغات أخرى]‏ 
عبد الرحمن غالب  [لغات أخرى]‏ 
أبو سعد أرهابي 
عبد الله أوركزي (أ.ح)
قاري حكمت  [لغات أخرى]‏ 
مفتي نعمت  [لغات أخرى]‏ استسلم
داود أحمد صوفي 
محمد زهران 
أشفق أحمد صوفي 
القوة
جمهورية أفغانستان الإسلامية قوات الأمن الوطنية الأفغانية: 352,000[42]

مهمة الدعم الحازم: ~17,000[43] عقود عسكرية: 20,000+[44]
المجلس الأعلى لإمارة أفغانستان الإسلامية: 3,000–3,500[15]

أفغانستان طالبان: 60,000
(تقديرات أولية)[45]

الحزب الإسلامي: 1,500–2,000+[49]
تنظيم القاعدة: ~300[50][51][52] (~ 3,000 in 2001)[50]


فدائي محاذ: 8,000[41]

تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تنظيم داعش - ولاية خراسان: 3,500–4,000 (2018، في أفغانستان)[53]
الخسائر
قوات الأمن الأفغانية:
67,558–70,558+ قتيل[54][55]
التحالف الشمالي:
200 قتيل[56][57][58][59][60]

خسائر التحالف في أفغانستان:
القتلى: 3,576

الجرحى: 22,773

  • الولايات المتحدة: 19,950[62]
  • المملكة المتحدة: 2,188[63]
  • كندا: 635[64]

عقود
قتلى: 3,937[65][66]
الجرحى: 15,000+[65][66] إجمالي القتلى: 73,295+

52,893+ قتيل[54][67] (2,000+ مقاتلي القاعدة)[50]

قتلى مدنيين: 46,319[67]

إجمالي القتلى: 212,191+ (حسب UCDP)[68]


ملاحظات
a تشمل القائمة دول ساهمت بأقل من 200 جندي اعتبارًا من نوفمبر 2014.[69] b تشمل القائمة دول ساهمت بأقل من 200 جندي اعتبارًا من مايو 2017.[70]
 

الحرب في أفغانستان أو الحرب الأمريكية في أفغانستان، هو صراع دار في أفغانستان من سنة 2001 إلى 2021، بدأ بغزو الولايات المتحدة وحلفائها،[71][72] في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقد أطاح الغزو بإمارة أفغانستان الإسلامية التي تحكمها طالبان لحرمان القاعدة من ملجأ آمن للعمليات في البلاد.[73] في معظم فترات الحرب، كان القتال بين مجاهدين طالبان وبين حلف شمال الأطلسي وعملائهم القوات المسلحة الأفغانية التي بنية على يد المحتلين من قوات حلف شمال الأطلسي . استعادت حركة طالبان السلطة بعد 19 عامًا و 8 أشهر بعد هزيمة القوات المسلحة الأفغانية عقب انسحاب معظم قوات الناتو. وعدت أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة متجاوزة حرب فيتنام (1955-1975) بحوالي خمسة أشهر.

في أعقاب هجمات 11 سبتمبر في 2001، طالب جورج دبليو بوش حركة طالبان التي كانت تحكم أفغانستان آنذاك بتسليم أسامة بن لادن.[74] فرفضت طالبان تسليمه ما لم تُقدَّم أدلة وثيقة على علاقته بالهجمات،[75] وقد رفضت الولايات المتحدة تقديم الأدلة رفضًا كان منها تكتيك تأخير. وفي 7 أكتوبر 2001 شن الجيش الأمريكي عملية الحرية الدائمة بالتعاون مع المملكة المتحدة. ولتبرير الحرب زعمت إدارة بوش أن سيادة أفغانستان مجرد «سيادة انتقائية»، وأن التدخل كان ضروريًّا، لأن طالبان هددت سيادة بلاد أخرى.[76] هُزمت حركة طالبان وحلفاؤها من القاعدة في مرحلة الغزو على يد القوات التي قادتها الولايات المتحدة والتحالف الشمالي الذي كان يقاتل طالبان منذ 1996.

وقد انهزمت طالبان وحلفاؤها من القاعدة في ديسمبر 2001، وفي مؤتمر بون انتَخبت السلطات الأفغانية الجديدة المؤقتة (كان أغلبها من التحالف الشمالي) حامد كرزاي رئيسًا للإدارة الأفغانية المؤقتة. بعد اكتمال الأهداف الأولية، شكل تحالف من أكثر من 40 دولة (بما في ذلك جميع أعضاء الناتو) مهمة أمنية في الدولة الأفغانية، سميت قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان (إيساف وخلفتها بعثة الدعم الحازم (RS) في 2014) وشارك في تلك القوات 43 دولة، وأغلبها من دول الناتو. وكانت فرقة واحدة من القوات الأمريكية تحت قيادة الناتو، وأما الباقي فظلت تحت القيادة الأمريكية المباشرة.[77][78]

بعد انهزام طالبان في بداية الغزو، أعاد قائدها الملا عمر تنظيمها، وشَنّ في 2003 حركة تمرد ضد الحكومة الأفغانية وقوات المساعدة الدولية.[79] حيث شنوا ومعهم الجماعات الأخرى حربًا غير متكافئة مثل حرب العصابات ونصب الكمائن في الريف، وهجمات انتحارية ضد أهداف حضرية، وعمليات قتل ضد قوات التحالف وعمليات انتقامية ضد المتعاونين المشكوك بهم.[80] استغلت حركة طالبان نقاط الضعف في الحكومة الأفغانية لإعادة تأكيد نفوذها عبر المناطق الريفية في جنوب وشرق أفغانستان. تصاعد العنف من 2007 إلى 2009.[81] ردت إيساف بزيادة قواتها بشكل كبير لمكافحة التمرد من أجل تطهير والسيطرة على القرى.[82] بدأت أعداد القوات بالارتفاع في 2009 واستمرت في الزيادة خلال 2011 عندما عمل ما يقرب من 140 ألف جندي أجنبي تحت قيادة إيساف والقيادة الأمريكية في أفغانستان.[83]

بعد مقتل أسامة بن لادن في 2011 (السبب هو ذريعة الحرب)، بدأ قادة الناتو إستراتيجية خروج قواتهم في 28 ديسمبر 2014،[84][85] أنهى الناتو رسميًا عمليات إيساف القتالية في أفغانستان ونقل الأمن بشكل رسمي المسؤولية للحكومة الأفغانية. تم تشكيل مهمة الدعم الحازم بقيادة الناتو في نفس اليوم للمساعدة في تعزيز المسؤوليات المنقولة حديثًا.[86][87]

وعندما لم تتمكن من اجتثاث طالبان بالوسائل العسكرية، لجأت قوات التحالف إلى الدبلوماسية لإنهاء الصراع. تُوجت هذه الجهود في 29 فبراير 2020، عندما وقعت الولايات المتحدة وطالبان اتفاق سلام مشروط في الدوحة[88] والذي يتطلب انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في غضون 14 شهرًا طالما تعاونت طالبان مع شروط الاتفاقية «بعدم السماح لأي من أعضائها سواءًا أفراد أو جماعات بما في ذلك القاعدة باستخدام أراضي أفغانستان لتهديد أمن الولايات المتحدة وحلفائها».[89][90] ومع ذلك استمر المتمردون المنتمون إلى القاعدة في شبه القارة الهندية وتنظيم ولاية خراسان في العمل في أجزاء من البلاد.[91] لم تكن الحكومة الأفغانية طرفًا في الصفقة ورُفِضت شروطها المتعلقة بالإفراج عن السجناء.[92]

بعد أن أصبح جو بايدن رئيسًا، قام بتغيير تاريخ انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان من 1 مايو 2021 إلى 11 سبتمبر، قبل أن يقدم الموعد إلى 31 أغسطس.[77] شنت طالبان بعد انتهاء الموعد النهائي الأصلي وتزامنًا مع انسحاب القوات، هجومًا واسعًا استولوا فيه على معظم أفغانستان. وفي يوم 15 أغسطس استطاعت حركة طالبان السيطرة على العاصمة كابل. وفي نفس اليوم فر رئيس أفغانستان أشرف غني من البلاد، فأعلنت طالبان النصر وانتهاء الحرب، وأعلنت عن عودة وشيكة لإمارة أفغانستان الإسلامية.[93] في 16 أغسطس أكد بايدن استيلاء طالبان، وغادرت آخر طائرة عسكرية أمريكية أفغانستان يوم 30 أغسطس، منهية 20 عامًا من الوجود العسكري الغربي في البلاد.[94] بعد الانسحاب الأمريكي تقطعت السبل بحوالي ألف مواطن أمريكي وأفغاني يحملون تأشيرات أمريكية أو غيرها داخل أفغانستان.[95]

وفقا لمشروع تكاليف الحرب في جامعة براون، فإن الحرب قتلت 176 ألف شخص في أفغانستان. 46319 مدنياً و 69095 عسكرياً وشرطياً، وما لا يقل عن 52893 مقاتلاً من طالبان.[96] ووفقًا للأمم المتحدة، عاد بعد غزو 2001 أكثر من 5.7 مليون لاجئ سابق إلى أفغانستان.[97] ولكن بعد تجدد هجوم طالبان 2021، ظل 2.6 مليون أفغاني لاجئًا أو فر إلى باكستان وإيران،[98] ولايزال هناك 4 ملايين أفغاني نازحين داخل البلاد. وفي 7 سبتمبر أعلنت حركة طالبان حكومة مؤقتة، وأن محمد حسن أخوند رئيسًا للوزراء.[99]

التسمية[عدل]

سميت تلك الحرب بالحرب في أفغانستان من 2001 إلى 2021 لتمييزها عن الحروب الأخرى، مثل الحرب السوفيتية الأفغانية. وأحيانًا يتم تقسيمها إلى فترتين: من 2001 إلى 2014 (وهي مهمة إيساف) ومن 2015 إلى 2021 (أثناء مهمة الدعم الحازم). أطلقت الولايات المتحدة اسم عملية الحرية الدائمة على الفترة من 2001 إلى 2014 وعملية حارس الحرية من 2015 إلى 2021. وفي بعض البلدان أطلق عليها اسم حرب الولايات المتحدة في أفغانستان. وفي أفغانستان تُعرف الحرب باسم «الحرب في أفغانستان» ((بالدرية: جنگ در افغانستان)، (بالبشتوية: د أفغانستان جګړه)‏).

ما قبل الحرب[عدل]

جذور الحرب الأهلية الأفغانية[عدل]

طابع بريد أفغاني بمناسبة ثورة ثور اليسارية 1979

بدأ النظام السياسي في أفغانستان في الانهيار. أولاً في السبعينيات عندما استولى محمد داود خان على السلطة في انقلاب يوليو 1973، حيث تمت الإطاحة بالنظام الملكي لصالح الجمهورية. ثم قُتل داود خان في أبريل 1978 في ثورة ثور، وهو انقلاب تولى فيه حزب الشعب الديمقراطي الأفغاني الشيوعي (PDPA) السيطرة على الحكومة.[100] دفع الحزب الشيوعي من أجل التحول الاشتراكي من خلال إلغاء الزيجات المرتبة وتعزيز محو الأمية الجماعية وإصلاح ملكية الأراضي. ولكن هذا التحول أدى إلى تقويض النظام القبلي التقليدي وأثار معارضة من القادة الإسلاميين في جميع أنحاء المناطق الريفية، وساهم قمع PDPA في اندلاع تمرد مفتوح، وبالذات انتفاضة هرات بقيادة إسماعيل خان. وأحاطت بحزب الشعب الديمقراطي الأفغاني خلافات قيادية داخلية، وأضعفه انقلاب داخلي في 11 سبتمبر 1979، حين أطاح حفيظ الله أمين بنور محمد تركي. بعد أن استشعر ضعف الحزب، تدخل الاتحاد السوفيتي عسكريًا بعد ثلاثة أشهر لإقالة أمين وتثبيت فصيل آخر من الحزب الشيوعي بقيادة بابراك كرمال.

الحرب السوفيتية الأفغانية: لقاء الرئيس ريغان مع قادة المجاهدين الأفغان في المكتب البيضاوي في فبراير 1983; القوات السوفيتية في أفغانستان في أكتوبر 1986

دفع دخول الاتحاد السوفيتي إلى أفغانستان في ديسمبر 1979 خصومه في الحرب الباردة وهم الولايات المتحدة وباكستان والسعودية والصين[101] إلى دعم المتمردين الذين يقاتلون ضد جمهورية أفغانستان الديمقراطية المدعومة من الاتحاد السوفيتي. على عكس الحكومة العلمانية والاشتراكية التي كانت تسيطر على المدن، كان المجاهدون ذوو الدوافع الدينية يسيطرون على معظم المناطق خارج المدن. إلى جانب رباني وحكمتيار وخان كان من بين قادة المجاهدين الآخرين جلال الدين حقاني. عملت وكالة المخابرات المركزية بشكل وثيق مع المخابرات الباكستانية لتوجيه الدعم الأجنبي للمجاهدين. كما اجتذبت الحرب المتطوعين العرب، المعروفين باسم «الأفغان العرب»، ومنهم أسامة بن لادن.

بعد انسحاب الجيش السوفيتي من أفغانستان في مايو 1989، استمر نظام PDPA بقيادة نجيب الله حتى 1992، عندما حرم انهيار الاتحاد السوفيتي النظام من أي مساعدة، وأدى انشقاق الجنرال الأوزبكي عبد الرشيد دوستم إلى فتح الطريق نحو كابل. سيطر المجاهدون على كابل في 16 أبريل 1992، وأطاحوا بحكم نجيب الله، وأعلنوا دولة أفغانستان الإسلامية. مع إخلاء المسرح السياسي من الاشتراكيين الأفغان.

حكم أمراء الحرب (1992-1996)[عدل]

في 1992 أصبح قائد المجاهدين برهان الدين رباني رسميًا رئيسًا لدولة أفغانستان الإسلامية، لكن كان عليه محاربة أمراء الحرب الآخرين للسيطرة على كابل. في أواخر 1994، هزم أحمد شاه مسعود وزير الدفاع التابع لرباني، حكمتيار في كابل وأنهى القصف المستمر للعاصمة. حاول مسعود الشروع في عملية سياسية على الصعيد الوطني بهدف الدمج الوطني. حافظ أمراء الحرب الآخرون، من بينهم إسماعيل خان في الغرب ودوستم في الشمال، على إقطاعياتهم.[102][103][104]

في عام 1994، عاد الملا عمر -مجاهد بشتوني تعلم في المدارس الإسلامية- إلى قندهار وأسس طالبان. كان أتباعه طلاب دين عُرفوا بالطالبان، وسعوا إلى إنهاء أميرية الحرب من خلال التزام صارم بالشريعة الإسلامية. بحلول نوفمبر 1994، كانت طالبان قد استولت على كامل ولاية قندهار. ورفضوا عرض الحكومة بالانضمام إلى حكومة ائتلافية وساروا نحو كابل سنة 1995.[105] ولكن انتصارات طالبان الأولى سنة 1994 تلتها سلسلة من الهزائم المكلفة.[106] قدمت باكستان دعمًا قويًا لطالبان.[107][108] وصف محللون مثل أمين سيكال الحركة بأنها تتطور إلى قوة بالوكالة لمصالح باكستان الإقليمية، الأمر الذي نفته طالبان. بدأت طالبان قصف كابول مطلع 1995، لكن مسعود دفعها على الانسحاب.[103][109]

في 27 سبتمبر 1996 استولت طالبان مع دعم عسكري من باكستان ودعم مالي من السعودية، على كابول وأسست إمارة أفغانستان الإسلامية.[110]

المواجهة بين إمارة طالبان والتحالف الشمالي[عدل]

لم يعترف بحكومة طالبان دبلوماسيا إلا باكستان والسعودية والإمارات وجمهورية الشيشان إشكيريا المعترف بها جزئيًا. وفرضت تفسيرها الأصولي للإسلام في المناطق التي كانت تحت سيطرتها، وأصدرت فتاوى تمنع النساء من العمل خارج المنزل أو الذهاب إلى المدرسة أو مغادرة منازلهن ما لم يرافقهن قريب ذكر.[111] بحسب الخبير الباكستاني أحمد رشيد، «بين عامي 1994 و1999، تدرَّب وحارب في أفغانستان ما يقدر بنحو 80 ألف حتى 100 ألف باكستاني» إلى جانب طالبان.[112]

أنشأ مسعود ودوستم الأعداء الألداء السابقين جبهة موحدة ضد طالبان، عرفت باسم التحالف الشمالي.[113] بالإضافة إلى قوة مسعود الطاجيكية وأوزبك دوستم، ضمت الجبهة المتحدة فصائل الهزارة وقوات البشتون بقيادة قادة مثل عبد الحق وحجي عبد القادر. كما جمع عبد الحق عددًا محدودًا من البشتون المنشقين عن طالبان.[114] اتفق كلاهما على العمل مع الملك الأفغاني المنفي ظاهر شاه. تلقى تحالف الشمال درجات متفاوتة من الدعم من روسيا وإيران وطاجيكستان والهند. ولكن استولت طالبان على مزار شريف سنة 1998 ودفعت دوستم إلى المنفى.

كان الصراع وحشيًا. وفقًا للأمم المتحدة ارتكبت حركة طالبان، أثناء محاولتها إحكام سيطرتها على شمال وغرب أفغانستان مذابح ممنهجة ضد المدنيين. صرح مسئولو الأمم المتحدة أنه كانت هناك 15 مجزرة بين 1996 و 2001. استهدفت طالبان بشكل خاص الهزارة الشيعة.[115] انتقامًا لمقتل 3000 سجين من طالبان على يد الجنرال الأوزبكي عبد الملك بهلوان سنة 1997، وقتلت طالبان حوالي 4000 مدني بعد الاستيلاء على مزار شريف في 1998.[116]

ولم يأتي 2001 إلا وكانت طالبان تسيطر على حوالي 90٪ من البلاد، مع اقتصار تحالف الشمال على الزاوية الشمالية الشرقية للبلاد. وكان إلى جانب طالبان حوالي 28,000 - 30,000 باكستاني و 2000-3000 مقاتل من القاعدة.[105][117][118] تم تجنيد العديد من الباكستانيين من المدارس الدينية.[119] أكدت وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية في 1998 أن «20-40٪ من جنود طالبان [النظاميين] هم باكستانيون». وقالت الوثيقة إن العديد من آباء هؤلاء الرعايا الباكستانيين «لا يعرفون شيئًا عن تورط أطفالهم العسكري مع طالبان حتى يتم إعادة جثثهم إلى باكستان». وطبقاً لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية وتقارير هيومن رايتس ووتش، فإن مواطنين باكستانيين آخرين يقاتلون في أفغانستان كانوا جنوداً نظاميين، وبالذات من فيلق الحدود، ولكن هناك أيضًا من الجيش قدموا دعمًا قتاليًا مباشرًا.[108]

القاعدة[عدل]

في أغسطس 1996 أجبر بن لادن على مغادرة السودان، فوصل إلى جلال آباد. وقد كان أسس القاعدة أواخر الثمانينيات لدعم حرب المجاهدين ضد السوفييت، لكنه أصيب بخيبة أمل بسبب الاقتتال الداخلي بين أمراء الحرب. لقد اقترب من الملا عمر ونقل عمليات القاعدة إلى شرق أفغانستان. وهو ملاذ آمن حيث كان تحت حماية طالبان هناك.

وجدت لجنة 11 سبتمبر في الولايات المتحدة أنه في ظل حكم طالبان، فإن القاعدة قادرة على استخدام أفغانستان في تدريب المقاتلين وتلقينهم عقائدهم واستيراد الأسلحة والتنسيق مع المجاهدين الآخرين والتخطيط لعمليات أخرى.[120] حافظت القاعدة على معسكراتها الخاصة في أفغانستان، ودعمت أيضًا معسكرات تدريب لمنظمات أخرى. وتلقى مابين 10,000 إلى 20,000 رجل التدربات في تلك المرافق قبل 11 سبتمبر، ثم أرسل معظمهم للقتال مع طالبان ضد الجبهة المتحدة. وانضم إلى القاعدة عدد أقل من المجندين.[121]

بعد أن ارتبطت تفجيرات السفارة الأمريكية في أغسطس 1998 بابن لادن، أمر الرئيس بيل كلينتون بشن ضربات صاروخية على معسكرات تدريب المسلحين في أفغانستان. وضغط المسؤولون الأمريكيون على طالبان لتسليم بن لادن. ثم فرض مجلس الأمن عقوبات على طالبان في 1999، داعيًا إلى تسليم بن لادن.[122] ولكن طالبان رفضت مرارًا وتكرارًا تلك المطالب، على الرغم من ورود تقارير عن محاولات طالبان بالتفاوض على تسليم بن لادن.[123]

كان قسم الأنشطة الخاصة شبه العسكري التابع لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) نشطًا في أفغانستان في التسعينيات في عمليات سرية لتحديد مكان أسامة بن لادن لقتله أو القبض عليه. وخطط القسم لعدة عمليات، لكنه لم يتلق أمر بالتصرف من الرئيس كلينتون. أدت جهودهم إلى بناء علاقات مع القادة الأفغان والتي ثبت أنها ضرورية في غزو 2001.[124]

تغيير في سياسة الولايات المتحدة تجاه أفغانستان[عدل]

خلال إدارة كلينتون كانت الولايات المتحدة تميل إلى تفضيل باكستان ولم يكن لديها سياسة واضحة تجاه أفغانستان حتى 1998-1999. فعلى سبيل المثال أمرت روبن رافيل من وزارة الخارجية الأمريكية مسعود بالاستسلام لطالبان سنة 1997. ورد مسعود بأنه طالما كان يسيطر على منطقة بحجم قبعته، فإنه سيستمر في الدفاع عنها من طالبان.[105] في نفس الوقت تقريبًا سافر كبار مسؤولي السياسة الخارجية في إدارة كلينتون إلى شمال أفغانستان لمحاولة إقناع الجبهة المتحدة بعدم الاستفادة من فرصة تحقيق مكاسب مهمة ضد طالبان. وأصروا على أن الوقت قد حان لوقف إطلاق النار وفرض حظر توريد الأسلحة. في ذلك الوقت بدأت باكستان بتمويل سعودي «جسرًا جويًا شبيهًا ببرلين لإعادة إمداد طالبان وإعادة تجهيزها».[125]

ولكن بعد تفجير سفاراتها سنة 1998 تغيرت السياسة الأمريكية تجاه أفغانستان. حيث وجهت إلى أسامة بن لادن لائحة اتهام لتورطه في تفجيرات السفارتين. وفي 1999 طالب مجلس الأمن في قراره رقم 1267 طالبان بتسليم أسامة بن لادن لمحاكمته في الولايات المتحدة وإغلاق جميع مخيمات القاعدة في أفغانستان.[126] كان التعاون الوحيد بين مسعود والولايات المتحدة في ذلك الوقت هو محاولة مع وكالة المخابرات المركزية لتعقب بن لادن بعد تفجيرات 1998. لم تقدم الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أي دعم لمسعود في محاربة طالبان.

وفي سنة 2001 كان التغيير في السياسة الذي سعى إليه ضباط وكالة المخابرات المركزية وهم يعرفون أن مسعود جاهز للتنفيذ.[127] بدأ محامو وكالة المخابرات المركزية في صياغة نتيجة رسمية لتوقيع الرئيس جورج دبليو بوش، تسمح ببرنامج عمل سري في أفغانستان. ستكون الأولى منذ عقد من الزمن التي تسعى للتأثير على مسار الحرب الأفغانية لصالح مسعود.[110] يُزعم أن ريتشارد كلارك الذي كان رئيس مجموعة مكافحة الإرهاب الأمنية في إدارة كلينتون ثم مسؤول في إدارة بوش لاحقًا، قدم خطة إلى مستشارة بوش للأمن القومي القادمة كوندوليزا رايس في يناير 2001.

تم إجراء تغيير في سياسة الولايات المتحدة في أغسطس 2001.[110] حيث وافقت إدارة بوش على خطة لبدء دعم مسعود. اتفق اجتماع لكبار مسؤولي الأمن القومي على تقديم إنذار لطالبان لتسليم بن لادن وعناصر آخرين في القاعدة. وإذا رفضت طالبان ستقدم الولايات المتحدة مساعدة عسكرية سرية للجماعات المناهضة لطالبان. وإذا فشل كلا الخيارين اتفق النواب على أن الولايات المتحدة ستسعى للإطاحة بنظام طالبان من خلال إجراءات أكثر جرأة.[128]

اغتيال مسعود قبيل 11 سبتمبر[عدل]

اغتيل أحمد شاه مسعود على يد تنظيم القاعدة في ولاية تخار الأفغانية يوم 9 سبتمبر 2001

كان أحمد شاه مسعود القائد الأوحد للجبهة المتحدة. وقد فر العديد من المدنيين إلى المناطق الخاضعة لسيطرته.[129] في المجمل، تشير التقديرات إلى فرار مليون شخص من طالبان إليه.[130]

وفي أواخر 2000 جمع مسعود رسميًا هذا التحالف الجديد في اجتماع في شمال أفغانستان لمناقشة اللويا جيرغا لتسوية الاضطرابات السياسية في أفغانستان.[131] وكان من بين الحاضرين حامد كرزاي.[132]

وفي بداية 2001 ألقى أحمد شاه مسعود ومعه زعماء من جميع أنحاء أفغانستان خطابًا أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل مطالبين المجتمع الدولي بتقديم المساعدة الإنسانية لشعب أفغانستان.[130] وذكر أن طالبان والقاعدة أدخلوا تصورًا خاطئًا جدًا للإسلام، وأنه بدون دعم باكستان وبن لادن لن تتمكن طالبان من الاستمرار في حملتها العسكرية لمدة تصل إلى عام.[130] في هذه الزيارة إلى أوروبا حذر أيضًا من أن معلوماته الاستخباراتية قد جمعت معلومات حول هجوم وشيك على الأراضي الأمريكية.[133]

اغتيل أحمد شاه مسعود في 9 سبتمبر 2001 في عملية انتحارية، وكان ذلك قبل يومين فقط من أحداث 11 سبتمبر. ويعتقد أن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة المتحالف مع طالبان أرسل عنصرين من التنظيم نجحا في اغتياله في بلدة «خواجة بهاء الدين» بولاية تخار الشمالية قرب طاجيكستان حين تظاهرا بأنهما صحفيان وحملا معهما كاميرا ملغومة.[134]

هجمات 11 سبتمبر[عدل]

المنطقة صفر في نيويورك بعد هجمات 11 سبتمبر 2001

في صباح يوم 11 سبتمبر 2001 جرى تنفيذ أربع هجمات منسقة على الولايات المتحدة، باستخدام أربع طائرات ركاب نفاثة تجارية تم اختطافها.[135][136] قام الخاطفون بضرب طائرتين من طائرات ركاب عمداً في البرجين التوأمين لمركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك. انهار المبنيان في غضون ساعتين من الأضرار الناجمة عن الحرائق الناجمة عن الضربة، وتعرضت المباني المجاورة للدمار، وتضررت مباني أخرى أبعد. واصطدمت الطائرة الثالثة بمبنى البنتاغون في مقاطعة أرلنغتون (فيرجينيا). أما الطائرة الرابعة فسقطت في حقل زراعي بالقرب من شانكسفيل بنسلفانيا بعد أن حاول بعض ركابها وطاقم الطائرة استعادة السيطرة على الطائرة، التي أعاد الخاطفون توجيهها نحو واشنطن العاصمة لاستهداف البيت الأبيض أو مبنى الكابيتول. لم يكن هناك ناجون من الرحلات الجوية. إجمالاً قُتل 2996 شخصًا ومنهم 19 مختطفًا، وأصيب أكثر من 6000 آخرين في الهجمات.[137] طبقاً لإدارة الصحة بولاية نيويورك، توفي 836 مسعف أول ومنهم رجال الإطفاء وأفراد الشرطة حتى يونيو 2009.[137]

الإنذار الأمريكي لطالبان[عدل]

أدانت طالبان علناً هجمات 11 سبتمبر.[138] وأصدر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش إنذارا لطالبان لتسليم أسامة بن لادن:«إغلاق كل معسكرات لتدريب المقاتلين فورًا، وتسليم المقاتلين ومؤيديهم، وإعطاء الولايات المتحدة حق الوصول الكامل إلى تلك المعسكرات للتفتيش».[138] رفضت طالبان قائلة: إن أسامة بن لادن محمي بموجب قوانين الضيافة البشتونية التقليدية.[139] في الأسابيع التي سبقت غزو الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لأفغانستان، طالبت طالبان بإثبات تهمة بن لادن، وعرضت بعد ذلك تسليمه.[140] فرد مسؤول في إدارة بوش لاحقًا «أن مطالبهم ليست للتفاوض، وأن الوقت قد حان لتحرك طالبان الآن».[141]

بعد اندلاع القصف الأمريكي، رفضت طالبان تسليم بن لادن إلى الولايات المتحدة، وبدلاً من ذلك أعربت عن استعدادها لتسليمه إلى دولة ثالثة لن تتعرض أبدًا لضغط الولايات المتحدة إذا تم تقديم المزيد من الأدلة على إدانته. وردت الولايات المتحدة بمواصلة قصفها لمطار كابل ومدن أخرى. من جانبهم هددت القاعدة بمزيد من الهجمات ضد المملكة المتحدة والولايات المتحدة.[142] قال الحاج عبد الكبير ثالث أقوى شخصية في نظام طالبان الحاكم للصحفيين: «إذا أُعطيت طالبان دليلًا على تورط أسامة بن لادن، سنكون مستعدين لتسليمه إلى دولة ثالثة».[142] خلال اجتماع عقد في إسلام أباد في أكتوبر، عرض وكيل أحمد متوكل وزير خارجية أفغانستان إبعاد أسامة بن لادن إلى عهدة منظمة التعاون الإسلامي لمحاكمته بتهمة هجمات 11 سبتمبر. كان متوكل في هذه المرحلة قد أسقط شرط أن تقدم الولايات المتحدة دليلاً على تورط أسامة بن لادن في هجمات 11 سبتمبر كشرط مسبق لنقل أسامة بن لادن من قبل أفغانستان إلى منظمة المؤتمر الإسلامي لمحاكمته.[143]

التاريخ[عدل]

خريطة تفصيلية توضح انتشار تمرد طالبان في أفغانستان 2002-2006

2002-2001 الغزو والعمليات الأولى[عدل]

مشغلي القوات الخاصة الأمريكية والبريطانية في تورا بورا 2001
القوات الخاصة الأمريكية ومراقبي القوات الجوية الأمريكية مع قوات التحالف الشمالي على ظهور الخيل في ولاية سمنكان

بعد هجمات 11 سبتمبر مباشرة، اقترح الجنرال تومي فرانكس القائد العام للقيادة المركزية آنذاك (CENTCOM) على الرئيس جورج دبليو بوش ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد أن تغزو الولايات المتحدة أفغانستان باستخدام قوة تقليدية قوامها 60 ألف جندي، مع الحاجة إلى ستة أشهر من التحضير. خشي رامسفيلد وبوش من أن الغزو التقليدي لأفغانستان يمكن أن يتعثر كما حدث للسوفييت سنة 1979 والبريطانيين في 1842. فرفض رامسفيلد خطة فرانكس قائلا «أريد رجالا على الأرض الآن!» عاد فرانكس في اليوم التالي بخطة استخدام القوات الخاصة الأمريكية.[144] في 26 سبتمبر أي بعد خمسة عشر يومًا من هجوم 11 سبتمبر، دخل أفغانستان سرا أعضاء من قسم الأنشطة الخاصة بوكالة المخابرات المركزية، وشكلوا فريق الاتصال بشمال أفغانستان فتواصلوا مع التحالف الشمالي في وادي بنجشير.[145]

وفي أكتوبر بدأت فرق القوات الخاصة المكونة من 12 فردًا في الوصول إلى أفغانستان للعمل مع وكالة المخابرات المركزية والتحالف الشمالي. في غضون أسابيع قليلة، استولى التحالف الشمالي بمساعدة القوات البرية والجوية الأمريكية، على العديد من المدن الرئيسية من طالبان.[146]

أطلقت الولايات المتحدة رسميًا عملية الحرية الدائمة في 7 أكتوبر 2001، بمساعدة المملكة المتحدة. وانضمت إلى الاثنين فيما بعد دول أخرى. طردت الولايات المتحدة وحلفاؤها طالبان من السلطة وبنت قواعد عسكرية بالقرب من المدن الكبرى في جميع أنحاء البلاد. لم يتم القبض على معظم عناصر القاعدة وطالبان، حيث هربوا إلى باكستان المجاورة أو تراجعوا إلى المناطق الجبلية الريفية أو النائية.[147]

في 20 ديسمبر 2001 أنشئت الأمم المتحدة قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان (إيساف)، مع تفويض لمساعدة الأفغان في الحفاظ على الأمن في كابل والمناطق المحيطة بها. تم إنشاؤه في البداية من المقر الرئيسي للفرقة الميكانيكية الثالثة البريطانية بقيادة اللواء جون ماكول، ولم يتجاوز عددها في سنواتها الأولى 5000.[148] ولم يمتد تفويضها إلى ما وراء منطقة كابل في السنوات القليلة الأولى.[149] وساهمت ثمانية عشر دولة في القوة في فبراير 2002.

في مؤتمر بون في ديسمبر 2001 تم اختيار حامد كرزاي لرئاسة الإدارة الأفغانية المؤقتة، والتي أصبحت بعد اجتماع اللويا جيرغا في كابل 2002 الإدارة الأفغانية الانتقالية. في انتخابات الرئاسة الأفغانية 2004 انتخب كرزاي رئيسًا للبلاد، والتي سميت جمهورية أفغانستان الإسلامية.[150]

من أهم المعارك الرئيسية في المرحلة الأولى من الحرب: معركة تورا بورا (ديسمبر 2001) وعملية أناكوندا (مارس 2002).

سيارة هامفي أمريكية تعبر النهر سنة 2002

في أعقاب معركة شاهي كوت أقام مقاتلو القاعدة ملاذات على الحدود الباكستانية، حيث شنوا غارات عبر الحدود ابتداء من صيف 2002. ويتراوح عدد وحدات حرب العصابات بين 5 و 25 رجلاً، ويعبرون الحدود بانتظام لإطلاق الصواريخ على قواعد التحالف وتكمن للقوافل والدوريات والاعتداء على المنظمات غير الحكومية. وشهدت المنطقة المحيطة بقاعدة شكين في ولاية بكتيكا بعضا من أعنف الهجومات.

وظل مقاتلو طالبان مختبئين في المناطق الريفية لأربع مقاطعات جنوبية: قندهار وزابل وهلمند وأوروزغان. بعد أناكوندا طلبت وزارة الدفاع نشر مشاة البحرية الملكية البريطانية، المدربين تدريباً عالياً في حرب الجبال. فنشرت البحرية الملكية كتيبة كوماندوز 45 تحت الاسم الرمزي العملي لعملية Jacana في أبريل 2002. قاموا بعمليات عسكرية على مدى عدة أسابيع بنتائج متفاوتة. وقد تجنبت طالبان القتال قدر المستطاع.[151]

2003–2005 تمرد طالبان[عدل]

جنود أمريكيون يستقلون طائرة هليكوبتر في ولاية زابل، 2003
جندي في البحرية الأمريكية يبحث عن مقاتلي طالبان في مهترلام ربيع 2005.
عربات للبحرية الأمريكية عند ممر خوست-جارديز، 2004

ظهرت منشورات من قبل طالبان وجماعات أخرى متناثرة في البلدات والريف في أوائل 2003 تحث المؤمنين على الانتفاضة ضد القوات الأمريكية والجنود الأجانب الآخرين في جهاد مقدس.[152] وفي 27 يناير 2003 أثناء عملية النمس، هاجمت القوات الأمريكية فرقة من المقاتلين تمركزت في مجمّعٍ ضمن كهوف جبال هدي غار على بعد 25 كـم (15 ميل) شمال سبين بولداك.[153] وذُكر مصرع 18 مقاتل من طالبان، بينما لم تُذكر أي إصابات في صفوف قوات الولايات المتحدة. اشُتبه بكَوْنِ الموقع قاعدةً للإمدادات والمقاتلين القادمين من باكستان. كانت الهجمات الأولى المعزولة ضخمة نسبيًا. ظهرت فرق طالبان أيضًا ضمن الأهداف الأفغانية في تلك الفترة تقريبًا.

وفي 19 مارس 2003 أُعلن عن عملية أمريكية بمساهمة القوات الرومانية والأفغانية. تحركت القوات المشتركة عبر قندهار وأجزاء من جنوب أفغانستان بهدف القضاء على قوات طالبان ومخابئ الأسلحة مع محاولة جمع معلومات استخبارية عن نشاط طالبان في المنطقة.[154] في ختام العملية في 24 مارس 2003 اعتقلت قوات التحالف 13 من مقاتلي طالبان المشتبه فيهم وصادرت أكثر من 170 قذيفة صاروخية و 180 لغمًا أرضيا و 20 بندقية آلية ومدفع رشاش عدا العديد من الصواريخ والبنادق وقاذفات.

في مايو 2003، أعلن عبد السلام –رئيس قضاة المحكمة العليا لطالبان– عودة حركة طالبان، وانتظامها وتسلحها مجددًا، وجاهزيتها لبدء حرب العصابات بهدف طرد القوات الأمريكية من أفغانستان. فوّض ملا عمر قادته بأداء عمليات في 5 مناطق مختلفة، وأوكل داد الله مسؤولية تنفيذ العمليات في ولاية زابل.

في غضون ذلك تحول الاهتمام الأمريكي عن أفغانستان عندما غزت القوات الأمريكية العراق في مارس 2003.[155]

وخلال صيف 2003، ازدادت هجمات طالبان. وقتل العشرات من جنود الحكومة الأفغانية وعاملي المنظمات غير الحكومية في المجال الإنساني والعديد من الجنود الأمريكيين في الغارات والكمائن والهجمات الصاروخية. إلى جانب حرب العصابات بدأ مقاتلو طالبان في حشد القوات في منطقة دايجوبان في ولاية زابل. قررت طالبان التمركز هناك. فانتقل في فصل الصيف حوالي 1000 مقاتل إلى هناك. وقُتل أكثر من 220 شخصًا من بينهم عشرات من الشرطة الأفغانية في أغسطس 2003.[154]

في 11 أغسطس 2003 تولى الناتو السيطرة على قوة المساعدة الأمنية الدولية.[149][156] عملت بعض القوات الأمريكية في أفغانستان تحت قيادة الناتو، والبقية ضلت تحت القيادة الأمريكية المباشرة. أعاد زعيم طالبان الملا عمر تنظيم الحركة، وفي 2003 شن حركة تمرد ضد الحكومة وقوة المساعدة الأمنية الدولية.[79][157]

في يونيو 2004 بدأت القوات الأمريكية ضربات الطائرات بدون طيار في باكستان على طول المناطق القبلية الفيدرالية ضد مقاتلي طالبان والقاعدة. بدأت هذه الضربات أثناء إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش.[158]

في أواخر 2004 أعلن زعيم طالبان المخفي آنذاك محمد عمر عن تمرد ضد «أمريكا وعملائها» (في إشارة إلى قوات الحكومة الأفغانية الانتقالية) من أجل «استعادة سيادة بلدنا».[159] وكما جرى أول انتخابات في أفغانستان بموجب نظام جديد في 9 أكتوبر 2004، بمشاركة متحمسة بلغت 70%. وحصل كرزاي على 55% من الاصوات.

نفذت قوات البحرية الأمريكية عملية الأجنحة الحمراء من أواخر يونيو حتى منتصف يوليو 2005، وهي عملية عسكرية مشتركة في منطقة بيتش بولاية كنر الأفغانية، على منحدرات جبل سوتالو سار،[160] لتعطيل نشاط ميليشيا طالبان المحلية المناهضة للتحالف، وبالتالي المساهمة في الاستقرار الإقليمي وبالتالي تسهيل انتخابات البرلمان الأفغاني المقررة في سبتمبر 2005.[160] في ذلك الوقت كان نشاط مليشيات طالبان المناهضة للتحالف في المنطقة ينفذ بشكل ملحوظ من قبل مجموعة صغيرة، بقيادة رجل محلي من ولاية ننكرهار أحمد شاه الذي كان لديه تطلعات إلى بروز الأصولية الإسلامية الإقليمية. كان هو ومجموعته الصغيرة من بين الأهداف الأساسية للعملية. ولكن تلك العملية كانت انتكاسة للبحرية الأمريكية، حيث فشلت مؤقتا وانسحب المتمردون ليعودوا بعد ثلاثة أسابيع.[161]

2009-2006 تصاعد الحرب وتحشيد الناتو[عدل]

عدد من الذخائر جاهزة للتدمير، وفوقها مركب C-4.
فرق إيساف الرائدة في إعادة الإعمار، والقيادات الإقليمية بقيادة الناتو (ليست بقيادة الولايات المتحدة) بدءًا من 2006

بدأت فرقة متعددة الجنسيات في إيساف لتحل محل القوات الأمريكية في جنوب أفغانستان مع بداية يناير 2006. وشكل لواء الهجوم الجوي البريطاني السادس عشر (الذي عززته لاحقًا مشاة البحرية الملكية) جوهر القوة، إلى جانب القوات وطائرات الهليكوبتر من أستراليا وكندا وهولندا ودنمارك وأستونيا. وفي يناير 2006 كان تركيز الناتو في جنوب أفغانستان على تشكيل فرق إعادة إعمار إقليمية بقيادة البريطانيين في هلمند بينما تقود هولندا وكندا عمليات نشر مماثلة في أورزجان وقندهار على التوالي. تعهدت شخصيات محلية من طالبان بالمقاومة.[162]

وفي 29 مايو 2006 ذكر موقع The Spokesman-Review أن أفغانستان تواجه تهديدًا متزايدًا من مقاتلي طالبان المسلحين في الريف، فقدت شاحنة عسكرية أمريكية السيطرة من قافلتها في كابل واصطدمت باثنتي عشرة مركبة مدنية، مما أسفر عن مقتل شخص وجرح ستة اشخاص. غضب الحشد المحيط واندلعت أعمال شغب استمرت طوال اليوم وانتهت بمقتل 20 شخصًا وإصابة 160 آخرين. وقال متحدث عسكري أمريكي إنه عندما رشق حشد من حوالي 400 رجل بالحجارة وإطلاق النار، فاستخدمت القوات الأمريكية أسلحتها «للدفاع عن نفسها» أثناء مغادرتها المكان. أشار مراسل لصحيفة فاينانشيال تايمز في كابل إلى أن هذا كان اندلاع موجة من الاستياء على الأرض والعداء المتزايد للأجانب الذي كان يتزايد ويتراكم منذ سنة 2004، وربما يكون سبب ذلك أيضًا غارة جوية أمريكية قبل أسبوع في جنوب أفغانستان قتل 30 مدنياً، حيث افترضت أن طالبان كانوا يحتمون في منازل مدنية.[163][164]

في يناير وفبراير 2007 شن مشاة البحرية الملكية البريطانية عملية البركان لإخراج طالبان من قرية باريكجو، شمال كاجاكي.[165] وأعلنت وزارة الدفاع البريطانية عزمها رفع مستوى القوات البريطانية في البلاد إلى 7700 (ملتزم بها حتى 2009). حدثت عمليات أخرى لمواصلة الضغط على طالبان على أمل صد هجوم الربيع المتوقع.[166]

في 4 مارس 2007 قتلت قوات المارينز الأمريكية ما لا يقل عن 12 مدنياً وجرحت 33 في منطقة شينوار بولاية ننكرهار،[167] ردًا على كمين نصب للقنابل. عُرف الحدث باسم مذبحة شينوار. أمر الميجر جنرال فرانك كيرني الوحدة البحرية المكونة من 120 فردًا والمسؤولة عن الهجوم بمغادرة البلاد، لأن الحادث أضر بعلاقات الوحدة مع السكان الأفغان المحليين.[168]

في 12 مايو 2007 قتلت قوات إيساف الملا داد الله. وقتل أحد عشر مقاتلا آخر من طالبان في نفس القتال. وخلال الصيف حققت قوات الناتو انتصارات تكتيكية في معركة تشورا في أورزجان، حيث تم نشر قوات إيساف الهولندية والأسترالية.

في 16 أغسطس لقي ثمانية مدنيين من بينهم امرأة حامل وطفل مصرعهم عندما قصف الجنود البولنديون قرية نانجار خيل في مقاطعة باكتيكا،[169] بعد ساعات قليلة من قيام المتمردين بنصب عبوة ناسفة بدائية الصنع ألحق أضرارًا بمركبة مدرعة بولندية. اتهم سبعة جنود بارتكاب جرائم حرب، بعد أن صرح سكان محليون أن الوحدة البولندية أطلقت قذائف مورتر ومدافع رشاشة في حفل زفاف دون استفزاز.[170]

وفي 2 نوفمبر: قتلت قوات الأمن أحد كبار المقاتلين: مولوي عبد المنان، وهو شخصية مهمة في حركة طالبان، بعد أن قُبض عليه وهو يعبر الحدود. وأكدت طالبان وفاته.[171] وفي 10 نوفمبر نصبت طالبان كمينًا لدورية في شرق أفغانستان. رفع هذا الهجوم عدد القتلى الأمريكيين في 2007 إلى 100، مما يجعله أكثر الأعوام دموية بالنسبة للأمريكيين في أفغانستان.[172]

وقعت معركة قلعة موسى في ديسمبر. كانت الوحدات الأفغانية هي القوة القتالية الرئيسية، بدعم من القوات البريطانية. وأجبرت قوات طالبان على الخروج من المدينة.

قدر المحللون الغربيون أن طالبان تمكنت من نشر حوالي 10,000 مقاتل أكثر من أي وقت مضى. ومنهم حوالي «2000 إلى 3000 متمرّد نشط ومتفرغ للغاية». أما البقية فكانت وحدات تطوعية من شباب أفغان غاضبون من مقتل مدنيين أفغان في غارات جوية عسكرية واحتجاز الأمريكيين لأشخاص منذ سنوات دون توجيه اتهامات إليهم.[173] وفي 2007 ازداد عدد مقاتلي طالبان من الأجانب أكثر من أي وقت مضى، وفقًا لمسؤولين أفغان والولايات المتحدة. حيث قدر نحو 100 إلى 300 مقاتل بدوام كامل هم من الأجانب، عادة من باكستان وأوزبكستان والشيشان ودول عربية مختلفة وربما حتى تركيا وغرب الصين. وهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر تعصبًا وعنفًا، وغالبًا ما يجلبون مهارات مثل القدرة على نشر مقاطع فيديو أكثر تعقيدًا على الإنترنت أو خبرة في صناعة القنابل.

في 13 يونيو 2008 أظهر مقاتلو طالبان قوتهم، وحرروا جميع السجناء في سجن قندهار. فحررت العملية 1200 سجين، 400 منهم من طالبان، مما تسبب في إحراج كبير لحلف شمال الأطلسي.[174]

في 13 يوليو 2008 شنت طالبان هجوم منسق على قاعدة نائية لحلف شمال الأطلسي في وانات بولاية كنر. وفي 19 أغسطس عانت القوات الفرنسية من أسوأ خسائرها في أفغانستان في كمين حيث قتل 10 جنود وجرح 21.[175] في وقت لاحق من الشهر استهدفت غارة جوية قائدًا لطالبان في ولاية هرات وقتلت 90 مدنياً.

في 11 سبتمبر قتل مسلحون جنديين أمريكيين في الشرق. رفع هذا العدد الإجمالي للخسائر الأمريكية إلى 113، أكثر من أي عام مضى.[176] سجلت عدة دول أوروبية أرقام قياسية خاصة بها، وبالذات المملكة المتحدة التي تكبدت 108 قتيلاً.[177]

وفي نهاية 2008 بدا أن طالبان قطعت ما تبقى من العلاقات مع القاعدة.[178] طبقاً لمسؤولين كبار في المخابرات العسكرية الأمريكية، ربما بقي أقل من 100 من أعضاء القاعدة في أفغانستان.[179]

استجابةً للمخاطر المتزايدة في إرسال الإمدادات عبر باكستان، بدأ العمل على إنشاء شبكة توزيع شمالية (NDN) عبر جمهوريات روسيا وآسيا الوسطى. فبدأ منح الإذن المبدئي لنقل الإمدادات عبر المنطقة في 20 يناير 2009، بعد زيارة للمنطقة قام بها الجنرال ديفيد بتريوس.[180] غادرت الشحنة الأولى على طول طريق NDN في 20 فبراير من ريغا في لاتفيا، فعبرت 5,169 كـم (3,212 ميل) إلى مدينة ترمذ الأوزبكية على الحدود الأفغانية. ثم أضيف إلى ريغا الموانئ بوتي (جورجيا) وفلاديفوستوك الروسية.[181] وفي 2011 تعاملت شبكة NDN مع حوالي 40٪ من حركة المرور المتجهة إلى أفغانستان مقابل 30٪ عبر باكستان.[181]

في 4 سبتمبر 2009 أثناء حملة ولاية قندوز، شن الناتو غارة جوية مدمرة على بعد 7 كيلومترات جنوب غرب قندوز بعدما استولى مقاتلو طالبان على صهاريج وقود، مما أسفر عن مقتل حوالي 179 شخصًا، ومن ضمنهم أكثر من 100 مدني.[182]

تجديد الالتزامات الدولية وزيادة القوات[عدل]

رسم يوضح زيادة قوة الإيساف

في مارس 2007 نشرت الولايات المتحدة خلال إدارة بوش أكثر من 3500 جندي آخر في أفغانستان لتوسيع القتال ضد طالبان.[183] وقال الأدميرال مايك مولن رئيس هيئة الأركان المشتركة: إنه في حين أن الوضع في أفغانستان محفوف بالمخاطر وعاجل، فإن القوات الإضافية التي يبلغ عددها 10 آلاف لن تكون متوفرة بأي حال ما لم يتم الانسحاب من العراق. ولكن كانت الأولوية للعراق ثم أفغانستان بعدها.[184] في الأشهر الخمسة الأولى من 2008 زاد عدد القوات الأمريكية في أفغانستان بأكثر من 80٪ بزيادة 21,643 جنديًا إضافيًا، ليصبح المجموع من 26,607 في يناير إلى 48,250 في يونيو. وفي سبتمبر 2008 أعلن الرئيس بوش انسحاب أكثر من 8000 شخص من العراق وزيادة أخرى تصل إلى 4500 في أفغانستان.[185] وفي يونيو 2008 أعلن رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون أن عدد القوات البريطانية التي تخدم في أفغانستان سيرتفع إلى 8030 جنديًا - بزيادة 230. وفي الشهر نفسه فقدت المملكة المتحدة جنديها رقم 100.[186]

في يناير 2009 انتقل حوالي 3000 جندي أمريكي إلى ولايات لوكر ووردك وكنر. حارب الحرس الفيدرالي الأفغاني إلى جانبهم. كانت القوات هي الموجة الأولى من الزيادة المتوقعة في التعزيزات التي أمر بها الرئيس بوش في الأصل وزادها الرئيس أوباما.[187] وفي منتصف فبراير 2009 أُعلن أنه سيتم نشر 17 ألف جندي إضافي.[188] ودعا قائد إيساف الجنرال ديفيد ماكيرنان إلى إرسال 30 ألف جندي إضافي، مما ضاعف عدد القوات بشكل فعال.[189] في 23 سبتمبر تضمن تقييم سري أجراه الجنرال ماكريستال استنتاجه بأن إستراتيجية مكافحة التمرد الناجحة ستتطلب نصف مليون جندي وخمس سنوات.[190]

في 1 ديسمبر 2009 أعلن أوباما في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت أن الولايات المتحدة سترسل 30 ألف جندي إضافي.[191] فجاء رد المنظمات المناهضة للحرب في الولايات المتحدة سريعًا، حيث شهدت المدن في جميع أنحاء الولايات المتحدة احتجاجات في 2 ديسمبر.[192] قارن العديد من المتظاهرين قرار نشر المزيد من القوات في أفغانستان بتوسيع حرب فيتنام تحت إدارة جونسون.[193]

جندي من الجيش الألماني، جزء من القيادة الإقليمية الشمالية لإيساف في معسكر مارمال
حرق حشيش مصادر في عملية مشتركة للمسؤولين الأفغان وحلف شمال الأطلسي وإدارة مكافحة المخدرات.

النشاط الأمريكي في باكستان[عدل]

باراك أوباما مع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي والرئيس الباكستاني آصف علي زرداري سنة 2009.

صرح مسؤول كبير في البنتاغون لم يذكر اسمه لبي بي سي أنه ما بين 12 يوليو و 12 سبتمبر 2008 أصدر الرئيس بوش أمرًا سريًا يسمح بشن غارات على المسلحين في باكستان. قالت باكستان إنها لن تسمح بدخول قوات أجنبية إلى أراضيها وإنها ستحمي سيادتها بقوة.[194] في سبتمبر صرح الجيش الباكستاني بأنه أصدر أوامر بإطلاق النار على الجنود الأمريكيين الذين يعبرون الحدود لملاحقة القوات المسلحة.[195]

في 3 سبتمبر 2008 هبطت قوات الكوماندوز التي يُعتقد أنها من القوات الخاصة الأمريكية، بطائرة هليكوبتر وهاجمت ثلاثة منازل بالقرب من معقل معروف للعدو في باكستان. أسفر الهجوم عن مقتل ما بين سبعة و 20 شخصًا. وزعم السكان المحليون أن معظم القتلى من المدنيين. نددت باكستان بالهجوم ووصفت التوغل بأنه «انتهاك صارخ للأراضي الباكستانية».[196] وفي رد فعل مباشر أعلنت باكستان في 6 سبتمبر قطعًا غير محدود لخطوط الإمداد.[197]

في 25 سبتمبر 2008 أطلقت القوات الباكستانية النار على طائرات الهليكوبتر التابعة لقوة المساعدة الأمنية الدولية. وأدى ذلك إلى ارتباك وغضب في البنتاغون الذي طلب تفسيرا كاملا للحادث ونفى وجود مروحيات أمريكية في المجال الجوي الباكستاني. وقال كبير المتحدثين باسم الجيش الباكستاني اللواء أطهر عباس إن المروحيات «عبرت إلى أراضينا في منطقة غلام خان. مرت فوق نقطة التفتيش التابعة لنا فأطلقت قواتنا طلقات تحذيرية». بعد أيام قليلة تحطمت طائرة بدون طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية في الأراضي الباكستانية.[198] حدث اشكال آخر عندما هبطت القوات الأمريكية على ما يبدو على الأراضي الباكستانية لتنفيذ عملية ضد المسلحين في خيبر بختونخوا. ورد الباكستانيون بغضب على هذا العمل قائلين إن 20 قرويًا بريئًا قتلوا على يد القوات الأمريكية.[199] ومع ذلك على الرغم من التوترات زادت الولايات المتحدة من استخدام الطائرات بدون طيار الموجهة عن بعد في المناطق الحدودية الباكستانية، ولا سيما المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية وبلوشستان؛ وبدءًا من 2009 ارتفعت هجمات الطائرات بدون طيار بنسبة 183٪ منذ 2006.[200]

وفي 2009 زادت هجمات الطائرات بدون طيار في باكستان بشكل كبير في ظل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما. ضد مقاتلي طالبان والقاعدة.[201] أشار البعض في وسائل الإعلام إلى الهجمات على أنها حرب بطائرات بدون طيار. وفي أغسطس 2009 قُتل بيت الله محسود زعيم حركة طالبان باكستان في غارة بطائرة بدون طيار، والتي كانت واحدة من النجاحات المبكرة لإدارة أوباما.[202]

جندي أمريكي ومترجم أفغاني في زابل 2009

وضع طالبان واستراتيجيتها[عدل]

وفقًا لإحاطة إعلامية في 22 ديسمبر من اللواء مايكل فلين ضابط المخابرات الأمريكية الأعلى في أفغانستان ، تحتفظ طالبان بالشراكات المطلوبة للحفاظ على الدعم وتغذية الشرعية وتعزيز القدرات. تنص على أنه من المتوقع أن تكون الحوادث الأمنية أعلى في 2010.[203] وزادت هذه الحوادث بالفعل بنسبة 300 في المائة منذ 2007 وبنسبة 60 في المائة منذ 2008 طبقاً للإحاطة.[204] أشارت استخبارات الناتو في ذلك الوقت إلى أن طالبان كان لديها ما يصل إلى 25000 جندي متفرغ ، تقريبًا ما كان قبل 11 سبتمبر وأكثر من سنة 2005.[205]

مقاتلو طالبان السابقون يسلمون أسلحتهم كجزء من برنامج إعادة الإدماج في ولاية غور

في 10 أغسطس قال ماكريستال الذي عين حديثًا قائد للقوات الأمريكية في أفغانستان، إن طالبان لها اليد العليا. في استمرار لاستراتيجية طالبان المعتادة للهجمات الصيفية،[206] ووسعت طالبان نفوذها بقوة في شمال وغرب أفغانستان، وصعدت هجومها في محاولة لتعطيل الانتخابات الرئاسية.[207] ووصف ماكريستال طالبان بأنها عدو شديد القسوة، وأضاف أن إستراتيجية الولايات المتحدة كانت لوقف زخمها والتركيز على حماية المدنيين الأفغان وحمايتهم، واصفًا ذلك بالعمل الجاد.[208]

ادعت طالبان أن أكثر من 135 حادثًا عنيفًا قد أدى إلى خلل في الانتخابات، ولكنه كان محل خلاف قوي. وقد طُلب من وسائل الإعلام عدم الإبلاغ عن أي حوادث عنف.[209] ولكن أفادت بعض التقديرات أن نسبة حضور الناخبين هي أقل بكثير من النسبة المتوقعة البالغة 70%. ففي جنوب أفغانستان حيث كانت طالبان تسيطر على أكبر قدر من السلطة، كان إقبال الناخبين منخفضًا وكان العنف المتقطع موجهًا إلى الناخبين وأفراد الأمن. قال كبير مراقبي بعثة الاتحاد الأوروبي للانتخابات الجنرال فيليب موريلون ، إن الانتخابات كانت «نزيهة بشكل عام» لكنها «ليست حرة».[210]

واجه مراقبو الانتخابات الغربيون صعوبة في الوصول إلى المناطق الجنوبية، حيث قُتل حوالي 9 مدنيين أفغان و 14 من قوات الأمن في هجمات تهدف إلى ترهيب الناخبين. ونشرت حركة طالبان شريط فيديو بعد أيام من الانتخابات، تصور على الطريق بين كابل وقندهار، وهي توقف المركبات وتطلب رؤية الأصابع. وأظهر شريط الفيديو الذي تم بثه عشرة رجال أدلوا بأصواتهم، وهم يستمعون إلى أحد مقاتلي طالبان. وقامت طالبان بالعفو عن الناخبين بسبب رمضان.[211] هاجمت طالبان البلدات بالصواريخ وغيرها من الأسلحة. وسط مزاعم عن حدوث تزوير واسع النطاق، أعلن المتنافسان حميد كرزاي وعبد الله عبد الله فوزهما. أشارت التقارير إلى أن نسبة المشاركة كانت أقل مما كانت عليه في الانتخابات السابقة.[212]

في ديسمبر أدى هجوم على قاعدة العمليات الأمامية تشابمان، التي استخدمتها وكالة المخابرات المركزية لجمع المعلومات وتنسيق هجمات الطائرات بدون طيار ضد قادة طالبان، إلى مقتل ستة من ضباط وكالة المخابرات المركزية على الأقل.

2013-2010: هجمات التحالف والاتفاقات الاستراتيجية[عدل]

أفراد الخدمة البريطانية من سلاح الجو الملكي أثناء قيامهم بمهمة قتالية بالقرب من مطار قندهار
جنود أستراليون وأفغان يقومون بدوريات في حقول الخشخاش في منطقة وادي بلوتشي، أبريل 2010

قامت الولايات المتحدة في 2010 بنشر 9000 من إجمالي 30000 من القوات الإضافية المخطط لها قبل نهاية مارس و 18,000 أخرى بحلول يونيو، مع دعم رئيسي من الوحدة 101 المحمولة جوا وقوة مشاة البحرية في ولاية هلمند. فاق عدد القوات الأمريكية في أفغانستان عدد القوات الموجودة في العراق لأول مرة منذ 2003.[213] دعمت الزيادة في القوات زيادة عدد عمليات القوات الخاصة ستة أضعاف.[214] وانتهت زيادة عدد الأفراد الأمريكيين التي بدأت في أواخر 2009 في سبتمبر 2012. وقعت 700 غارة جوية في سبتمبر 2010 وحده مقابل 257 في كامل سنة 2009. من يوليو 2010 إلى أكتوبر 2010 قُتل 300 من قادة طالبان و 800 من جنود المشاة.[215]

طبقاً للحكومة الأفغانية، فقد قُتل حوالي 900 من طالبان في عمليات نفذت خلال 2010.[216] بسبب زيادة استخدام العبوات البدائية الصنع من قبل المتمردين، فقد زاد عدد الجرحى من جنود التحالف ومعظمهم من الأمريكيين. ثم بدأت القوات الخاصة التابعة لحلف شمال الأطلسي في مايو 2010 بالتركيز على عمليات اعتقال أو قتل قادة طالبان المحددين. وقد زعم الجيش الأمريكي أن هذا الجهد أدى اعتبارًا من مارس 2011 إلى اعتقال أو قتل أكثر من 900 من قادة طالبان من المستوى المنخفض إلى المتوسط.[217] وبشكل عام شهدت سنة 2010 أكبر عدد من هجمات المتمردين من أي عام آخر منذ بدء الحرب ، وبلغت ذروتها في سبتمبر عندما تخطت 1500 هجوم. زادت عمليات المتمردين «بشكل كبير» في ثلثي المقاطعات الأفغانية.[218]

قوات التحالف تقوم بعملية إنزال جوي في مقاطعة شاهجوي، زابل

أنشأت وكالة المخابرات المركزية فرق مطاردة لمكافحة الإرهاب (CTPT) عمل بها الأفغان في بداية الحرب.[219] نمت هذه القوة إلى أكثر من 3000 في 2010 واعتبرت واحدة من «أفضل القوات المقاتلة الأفغانية». لم تكن هذه الوحدات فعالة فقط في العمليات ضد طالبان وقوات القاعدة في أفغانستان، ولكن أيضًا وسعت عملياتها إلى باكستان.[220] كانت أيضًا عوامل مهمة في كل من خيارات «مكافحة الإرهاب الإضافية» و«مكافحة التمرد» الكاملة التي ناقشتها إدارة أوباما في مراجعة ديسمبر 2010.[221]

بدأت قوات التحالف والقوات الأفغانية مع بداية فبراير خططًا واضحة لشن هجوم، أطلق عليه اسم عملية مشترك على معقل طالبان بالقرب من قرية مرجة. بدأ الهجوم في 13 فبراير، ووفقًا لمسؤولين أمريكيين وأفغان فقد كانت العملية الأولى التي قادت فيها القوات الأفغانية التحالف. شارك في الهجوم 15000 جندي أمريكي وبريطاني وكندي وإستوني ودنماركي وفرنسي وأفغاني. كانت أكبر عملية مشتركة منذ غزو 2001 والتي أطاحت بحركة طالبان.[222] كانت القوات تقاتل على مساحة تقل عن 260 كـم2 (100 ميل2) ويبلغ عدد سكانها 80,000.

كانت معركة قندهار (2011) جزءًا من الهجوم الذي أعقب إعلان 30 أبريل أن طالبان ستشن هجومها الربيعي.[223] في 7 مايو شنت طالبان هجومًا كبيرًا على المباني الحكومية في قندهار. قالت طالبان إن هدفهم هو السيطرة على المدينة. تعرضت ثمانية مواقع على الأقل للهجوم: مبنى المحافظ ومكتب رئيس البلدية ومقر المديرية الوطنية للأمن وثلاثة أقسام للشرطة ومدرستين ثانويتين.[224] استمرت المعركة في اليوم الثاني. ووصف مراسل بي بي سي بلال سرواري الهجوم بأنه «أسوأ هجوم في إقليم قندهار منذ سقوطها سنة 2001 وأحرج الحكومة المدعومة من الغرب».[225]

محادثات السلام[عدل]

كان هناك اتفاق واسع في أفغانستان سنة 2009 على أن الحرب يجب أن تنتهي، ولكن لم يعرف كيفية انهائها. وقد دعا كرزاي إخوانه من طالبان إلى الوطن واحتضان أرضهم[226] ووضع خططًا لإطلاق اللويا جيرغا. ولكن تلك الجهود قد فشلت بسبب زيادة إدارة أوباما للقوات الأمريكية في البلاد.[227] ثم كرر كرزاي في مؤتمر عقد بلندن يناير 2010 أنه يريد التواصل مع طالبان لإلقاء السلاح. أيدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الاقتراح بحذر.[228] فانعقد «مجلس السلام» في كابل وحضره 1600 مندوب في يونيو 2010. ولكن لم تحضر طالبان ولا الحزب الإسلامي اللذان دعاهما كرزاي كبادرة حسن نية.[229]

كان عبد الغني برادر -أحد مؤسسي طالبان والرجل الثاني في القيادة- من أبرز أعضاء طالبان الذين فضلوا إجراء محادثات مع الحكومتين الأمريكية والأفغانية. وبحسب ما ورد فقد أجرت إدارة كرزاي محادثات مع برادار في فبراير 2010؛ ولكن تم اعتقاله في نفس الشهر في غارة أمريكية باكستانية مشتركة في مدينة كراتشي. أثار الاعتقال غضب كرزاي وأثار شكوك حول اختطافه لأن المخابرات الباكستانية كانت تعارض محادثات السلام الأفغانية.[230] بدأ كرزاي محادثات السلام مع مجموعات شبكة حقاني في مارس 2010.[231]

حدث تغيير في العقلية والاستراتيجية داخل إدارة أوباما سنة 2010 للسماح بمفاوضات سياسية محتملة لحل الحرب.[232] وقد رفض الطالبان أنفسهم التحدث إلى الحكومة الأفغانية، ووصفوها بأنها دمية أمريكية. بُذلت جهود متفرقة لمحادثات السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان بعد ذلك، وقد ورد في أكتوبر 2010 أن قادة قيادة طالبان (مجلس شورى كويتا) قد غادروا ملاذهم في باكستان ورافقتهم طائرات الناتو بأمان إلى كابل لإجراء محادثات، مع التأكيد على أن طاقم الناتو لن يعتقلهم.[233] بعد انتهاء المحادثات اتضح أن رئيس هذا الوفد، الذي ادعى أنه أختر منصور الرجل الثاني في قيادة طالبان كان في الواقع شخصًا آخر خدع مسؤولي الناتو.[234]

أكد كرزاي في يونيو 2011 أن محادثات سرية تجري بين الولايات المتحدة وطالبان، لكنها انهارت في أغسطس 2011.[235] ورُفِضت محاولات لاستئناف المحادثات في مارس 2012، ويونيو 2013 بعد خلاف بين الحكومة الأفغانية وطالبان بشأن فتح الأخيرة مكتبًا سياسيًا في قطر. اتهم الرئيس كرزاي حركة طالبان بتصوير نفسها على أنها حكومة في المنفى.[236] في يوليو 2015 استضافت باكستان أول محادثات سلام رسمية بين ممثلي طالبان والحكومة الأفغانية. حضرت الولايات المتحدة والصين المحادثات التي توسطت فيها باكستان في موري بصفة مراقبين.[237] وفي يناير 2016 استضافت باكستان جولة من المحادثات الرباعية مع المسؤولين الأفغان والصينيين والأمريكيين، لكن طالبان لم تحضر. وقد أجرت طالبان محادثات غير رسمية مع الحكومة الأفغانية سنة 2016.[238]

الخلافات[عدل]

جنود أمريكيون يسيرون بجانب صبية أفغان خلال دورية في غرديز

نشرت منظمة ويكيليكس في 25 يوليو 2010 91731 وثيقة سرية للعلن. وغطت الوثائق حادثة عسكرية أمريكية وتقارير استخباراتية من يناير 2004 إلى ديسمبر 2009.[239] تضمنت بعض هذه الوثائق روايات مخفية ومتسترة عن الخسائر المدنية التي تسببت فيها قوات التحالف. وكذلك احتوت على إشارات لحوادث أخرى شملت خسائر مدنية مثل غارة قندوز الجوية وحادثة نانجار خيل.[240] كما احتوت الوثائق المسربة على تقارير عن تواطؤ باكستان مع طالبان. وبحسب دير شبيجل:«أظهرت الوثائق بوضوح أن وكالة الاستخبارات الباكستانية هي أهم شريك لطالبان خارج أفغانستان».[241]

وفي يناير 2012 وقعت حوادث تورطت فيها القوات الأمريكية[242][243][244][245][246][247] ووصفتها صحيفة سيدني مورنينغ هيرالد بأنها «سلسلة من الحوادث والانتهاكات المدمرة التي ساهمت فيها القوات الأمريكية في أفغانستان».[242] تسببت هذه الحوادث في حدوث انشقاقات في الشراكة بين أفغانستان وقوة الإيساف،[248] وأثارت تساؤلات إن كان الانضباط داخل القوات الأمريكية ينهار،[249] وقوضت صورة القوات الأجنبية في بلد يوجد فيه بالفعل استياء عميق بسبب مقتل المدنيين، وتصور عند الأفغان أن القوات الأمريكية تفتقر إلى احترام الثقافة والشعب الأفغاني[250] وتسبب في توتر العلاقات بين أفغانستان والولايات المتحدة.[243][244] إلى جانب حادثة ظهرت فيها القوات الأمريكية مع أشلاء المتمردين القتلى [الإنجليزية] وشريط فيديو يظهر طاقم مروحية أمريكية يغني "bye-bye Miss American Pie" قبل تفجير مجموعة من الرجال الأفغان بصاروخ هيلفاير[250][251] تلك كانت الحوادث العسكرية الأمريكية البارزة في أفغانستان[246] بالإضافة إلى احتجاجات أفغانستان على حرق القرآن 2012 واندلاع إطلاق النار في بانجواي.

التوترات بين باكستان والولايات المتحدة[عدل]

جنود أمريكان يستقلون طائرة بلاك هوك في منطقة ناري بالقرب من الحدود الباكستانية

تصاعدت التوترات بين باكستان والولايات المتحدة في أواخر سبتمبر بعد مقتل وجرح العديد من جنود حرس الحدود الباكستاني. وتعرضت القوات لهجوم بطيار أمريكي كانت تلاحق قوات طالبان بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية، لكن لأسباب غير معروفة فتحت النار على موقعين حدوديين باكستانيين. ردًا على الضربة أغلقت باكستان معبر تورخام [الإنجليزية] البري الحدودي أمام قوافل إمداد الناتو لفترة غير محددة. جاء هذا الحادث عقب نشر مقطع فيديو يُزعم أنه يُظهر جنوداً باكستانيين يرتدون الزي العسكري وهم يعدمون مدنيين عزل.[252] بعد إغلاق حدود تورخام هاجمت حركة طالبان الباكستانية قوافل الناتو، مما أسفر عن مقتل العديد من السائقين وتدمير حوالي 100 ناقلة.[253]

في 2 مايو أعلن المسؤولون الأمريكيون أن زعيم القاعدة أسامة بن لادن قد قُتل في عملية نفذتها القوات البحرية الأمريكية في أبوت آباد الباكستانية.[254] تعرضت باكستان لرقابة دولية مكثفة بعد الغارة. نفت الحكومة الباكستانية أنها آوت بن لادن، وقالت إنها تبادلت معلومات مع وكالة المخابرات المركزية ووكالات استخبارات أخرى حول المجمع منذ 2009. وبعد مقتل أسامة بن لادن هاجمت قوات إيساف بطريق الخطأ القوات المسلحة الباكستانية في 26 نوفمبر، مما أسفر عن مقتل 24 جنديًا باكستانيًا. أغلقت باكستان خطوط إمداد الناتو وأمرت الأمريكيين بمغادرة مطار شامسي. وقال الأمين العام للناتو أندرس فوغ راسموسن إن الهجوم مأساوي وغير مقصود. فرد اللواء أطهر عباس مدير المخابرات:«هذا (الأسف) ليس جيدًا بما فيه الكفاية. ندين بشدة الهجمات ونحتفظ بالحق في اتخاذ إجراء. قد يكون لذلك عواقب وخيمة على مستوى ومدى تعاوننا».[255]

الانسحاب الدولي والاتفاقيات الإستراتيجية[عدل]

عربة مصفحة خفيفة تابعة للخدمة الأسترالية تمر عبر وادي تانجي، 29 مارس 2011

استمرت هجمات طالبان في 2011 بنفس المعدل الذي كانت عليه، أي حوالي 28,000 هجمة.[256] ومع ذلك فقد أعلن الرئيس أوباما في 22 يونيو 2011 أنه سيتم سحب 10,000 جندي حتى نهاية السنة، وأنه سيدخل 23,000 جندي إضافي صيف 2012. وبعد سحب 10,000 جندي أمريكي لم يتبق سوى 80,000 جندي.[257] في يوليو 2011 سحبت كندا قواتها القتالية، وانتقلت إلى دور تدريبي. وحذت حذوها دول أخرى في الناتو فخفضت في عدد القوات.

وحدات الجيش الأفغاني تحبط عبوة ناسفة في سنجين بولاية هلمند

زار كرزاي الولايات المتحدة في يناير 2012. في ذلك الوقت أعلنت حكومة الولايات المتحدة استعدادها لسحب جميع قواتها بنهاية 2014.[258] وفي 11 يناير 2012 وافق كرزاي وأوباما على نقل العمليات القتالية من الناتو إلى القوات الأفغانية في ربيع 2013 بدلاً من صيفها.[259] وفي 2 مايو 2012 وقع الرئيسان كرزاي وأوباما اتفاقية شراكة إستراتيجية بين البلدين، بعد أن وصل الرئيس الأمريكي دون سابق إنذار إلى كابل.[260] وفي 7 يوليو صنفت الولايات المتحدة أفغانستان بأنه حليف رئيسي خارج الناتو بعد لقاء كرزاي بكلينتون في كابل، وهو جزء من الاتفاقية.[261] واتفقا أيضا على نقل إدارة السجون الأفغانية والسجناء إلى الحكومة الأفغانية.[259][262]

وفي قمتهم سنة 2012، صادق قادة الدول الأعضاء في الناتو على إستراتيجية خروج من أفغانستان.[150] وستنقل قوات الإيساف قيادة المهام القتالية إلى القوات الأفغانية في منتصف 2013،[263] بينما تنتقل من القتال إلى تقديم المشورة والتدريب ومساعدة قوات الأمن الأفغانية.[264] وسيغادر معظم جنود الإيساف البالغ عددهم 130 ألف جندي في نهاية ديسمبر 2014.[263] وبعد ذلك سيتولى الناتو دور الدعم.[264]

2017-2014: الانسحاب وزيادة هجمات طالبان[عدل]

تقديم علم الدعم الحازم في كابل 28 ديسمبر 2014، بعد إزالة علم إيساف
مروحية روسية الصنع من طراز Mil Mi-8 تهبط في قاعدة العمليات الأمامية المحمولة جواً لتسليم البريد والإمدادات

صعدت حركة طالبان من التفجيرات الانتحارية بدءًا من سنة 2013. ومع ذلك استمر الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. وخفضت المملكة المتحدة قوتها إلى النصف وكانت تبطئ الانسحاب مع إغلاق جميع القواعد باستثناء قاعدتين. وفي 20 مارس 2014 بعد أكثر من أربعة أسابيع من انفجار قنبلة في حافلة عسكرية شنتها طالبان على المدينة مرة أخرى، شنت طالبان غارة على مطعم فندق سيرينا في كابل أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص، بمن فيهم الجناة الأربعة. جاء الهجوم بعد تسعة أيام فقط من مقتل الصحفي الإذاعي السويدي نيلس هورنر برصاص طالبان.[265]

ولكن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان قد عوضه دخول شركات أمنية خاصة استأجرتها حكومة الولايات المتحدة والأمم المتحدة. ويطلق عليها المتعاقدين العسكريين، وهم من العسكريين السابقين في الجيش ومشاة البحرية الأمريكية وبريطانيين وفرنسيين وإيطاليين ممن ترك الجيش بعد بضع سنوات من الخدمة الفعلية. ساعدت علاقاتهم السابقة بالدفاع في تأسيس أوراق اعتمادهم، مما ساعد الولايات المتحدة وبريطانيا بالاستمرار في المشاركة في الأعمال البرية دون الحاجة إلى تمركز قواتهم الخاصة.[266]

تم التوقيع على اتفاقيتين أمنيتين طويلتي الأجل، وهما اتفاقية الأمن المادي بين أفغانستان والولايات المتحدة الأمريكية واتفاقية وضع قوات حلف الناتو في أفغانستان يوم 30 سبتمبر 2014. وحدد كلا الاتفاقين إطار عمل مشاركة القوات الأجنبية في أفغانستان بعد 2014.[267]

بعد 13 عامًا أنهت بريطانيا والولايات المتحدة عمليتهما القتالية رسميًا في أفغانستان في 26 أكتوبر 2014. في ذلك اليوم سلمت بريطانيا قاعدتها الأخيرة في أفغانستان، كامب باستيون ، بينما سلمت الولايات المتحدة قاعدتها الأخيرة كامب ليذرنيك إلى القوات الأفغانية.[268] بقي حوالي 500 جندي بريطاني في مهمات غير قتالية.[269] وفي 28 ديسمبر 2014 أنهى الناتو رسميًا العمليات القتالية في حفل أقيم في كابل.[270] وتظل العمليات المستمرة من قبل قوات الولايات المتحدة داخل أفغانستان تحت اسم عملية حارس الحرية؛[271] انضمت إليها مهمة الناتو الجديدة تحت اسم عملية الدعم الحازم.[272] وانضمت إلى عملية الدعم الحازم 28 دولة من دول الناتو و 14 دولة شريكة و 11000 جندي أمريكي و 850 جنديًا ألمانيًا.[273]

بدأت حركة طالبان في الظهور بسبب عدة عوامل. في نهاية 2014 انتهت المهمة القتالية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وانسحاب معظم القوات الأجنبية من أفغانستان قلل من خطر تعرض طالبان للقصف والغارات. وفي يونيو 2014 شن الجيش الباكستاني عملية ضرب عضب، منطلقة من مناطق في شمال وزيرستان القبلية في يونيو 2014، وأدت إلى طرد الآلاف المسلحين الأوزبك والعرب والباكستانيين، الذين تدفقوا على أفغانستان وانضموا إلى طالبان. وقد ازدادت جرأة المجموعة بسبب النقص النسبي في الاهتمام من جانب المجتمع الدولي وتحويل انتباهه إلى أزمات في أماكن أخرى من العالم، مثل سوريا والعراق وأوكرانيا. كما تفتقر قوات الأمن الأفغانية إلى قدرات ومعدات معينة، وبالذات القوة الجوية والاستطلاع. كما استغلت طالبان الاقتتال السياسي في الحكومة المركزية في كابل والضعف الواضح في الحكم على مختلف المستويات.[274] وأطلقت الولايات المتحدة سنة 2015 حوالي ألف قنبلة وصاروخ على أهداف في أفغانستان، بحسب مجلس العلاقات الخارجية.[275] وفي مايو 2015 أغلقت روسيا ممر نقل عسكري رئيسي كان يسمح لحلف شمال الأطلسي بإيصال الإمدادات العسكرية إلى أفغانستان عبر الأراضي الروسية.[276]

بدأت القوات الأمريكية في يناير 2015 بشن هجماتها بطائرات الدرون في أفغانستان بتوجيه من إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضد مسلحي طالبان ومقاتلي طالبان باكستان وتنظيم الدولة - فرع خراسان ومسلحي القاعدة.[277] وأعدمت طالبان ما لا يقل عن 10 أشخاص، قيل إن بعضهم كانوا جنودًا خارج الخدمة من الجيش الأفغاني في 31 مايو 2016 بعد اختطاف ما يصل إلى 220 شخصًا من الحافلات والسيارات عند نقطة تفتيش على طريق قندوز - تخار السريع. تم الإفراج عن غالبية الركاب بعد استجوابهم من طالبان، ومع ذلك ظل ما لا يقل عن 18 شخصًا رهائن.[278][279]

في 22 يونيو 2015 فجرت طالبان سيارة مفخخة خارج الجمعية الوطنية في كابل، ثم هاجموا المبنى بالبنادق الهجومية وقذائف آر بي جي.[280] وقدرت مجلة تايم في يوليو 2016 أن 20 ٪ على الأقل من أفغانستان هي تحت سيطرة طالبان مع ولاية هلمند المعقل الرئيسي الواقع في أقصى الجنوب،[281] بينما صرح الجنرال نيكولسون أن خسائر القوات المسلحة الأفغانية الرسمية ارتفعت بنسبة 20% مقارنة بـ 2015.

في 22 سبتمبر 2016 وقعت الحكومة الأفغانية مشروع اتفاق سلام مع الحزب الإسلامي. وبحسب مسودة الاتفاقية وافق الحزب الإسلامي على وقف الأعمال العدائية وقطع العلاقات مع الجماعات المتطرفة واحترام الدستور الأفغاني، مقابل اعتراف الحكومة بالجماعة ودعمها لإلغاء عقوبات الأمم المتحدة والأمريكية بحق حكمتيار الذي حصل على منصب فخري في الحكومة.[282] تم إضفاء الطابع الرسمي على الاتفاقية في 29 سبتمبر من الرئيس الأفغاني أشرف غني وحكمتيار الذين ظهروا عبر رابط فيديو في القصر الرئاسي ووقعوا الاتفاقية.

في أوائل يناير 2017 ذكرت صحيفة مشاة البحرية أن 33 مقاطعة موزعة على 16 ولاية أفغانية تحت سيطرة المتمردين بينما تخضع 258 مقاطعة لسيطرة الحكومة وما يقرب من 120 مقاطعة متنازع عليها.[283] وفقًا للمفتش العام فإن الجيش الأفغاني يتألف من حوالي 169 ألف جندي، وعانى الجيش في 2016 من معدل تناقص يتراوح 33%، أكثر بـ 7% عن 2015.[283] وفي 9 فبراير 2017 أخبر الجنرال جون نيكلسون الكونغرس أن الناتو والقوات المتحالفة في أفغانستان تواجه مأزقًا وأنه بحاجة إلى بضعة آلاف من القوات الإضافية لتدريب الجنود الأفغان وتقديم المشورة لهم بشكل أكثر فعالية. كما أكد أن روسيا كانت تحاول إضفاء الشرعية على طالبان من خلال خلق رواية كاذبة مفادها أن التنظيم المتشدد يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية وأن القوات الأفغانية لم تؤكد أن هدف روسيا هو تقويض الولايات المتحدة والناتو في أفغانستان. لكنه قال إن المناطق التي ينشط فيها مقاتلو الدولة الإسلامية في أفغانستان تقلصت بحدة.[284]

ذكرت صحيفة Military Times أنه في 26 فبراير 2017 قتلت غارة جوية تابعة للقوات الجوية الأمريكية قائد قيادة طالبان الملا عبد السلام في ولاية قندوز في عملية مشتركة مع قوات الأمن الأفغانية. شكلت الغارة الجوية إستراتيجية جديدة من القوات الأمريكية تحت إدارة ترامب لإزالة قادة طالبان من ساحة المعركة. وفي 21 أبريل 2017 اقتحم مقاتلو إمارة أفغانستان الإسلامية ومعهم بعض جنود الأمن الأفغانية المتحالفة معهم القاعدة العسكرية 209 بالقرب من مزار شريف، مما أسفر عن مقتل أكثر من 140 جنديًا أفغانيًا.[285]

في 28 أبريل 2017 ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن طالبان أعلنت عن بدء هجوم الربيع الذي أطلق عليه اسم «عملية منصوري».[286] فقام جنود إمارة أفغانستان الإسلامية في 20 مايو بتأمين منطقة واغز بالكامل في ولاية غزنة، واقتحموا رمك مركز مقاطعة ديه يك وفي نفس الوقت فجروا مبنى محافظ غزنة في مدينة غزنة.[287] ووقع هجوم كبير آخر في 22 مايو في منطقة شاه والي كوت شمال ولاية قندهار، تمكنت خلاله طالبان من الاستيلاء على قاعدة عسكرية كبيرة، وقتلت 35 جنديًا وأسر أربعة بالإضافة إلى ثلاثة ناقلة جنود مدرعة. خلال اليوم نفسه اجتاحوا موقعًا حدوديًا في منطقة شورابك الجنوبية، مما أسفر عن مقتل 15 جنديًا. بالإضافة إلى موقع آخر في منطقة خاكريز، مما أسفر عن مقتل ثمانية آخرين. وفي اليوم التالي هاجم المتمردون قاعدة عسكرية أخرى في شاه والي كوت وموقع استيطاني، مما أسفر عن مقتل أربعة جنود وإصابة أربعة آخرين، بينما تخلت القوات الموالية للحكومة عن قرية في منطقة معروف الشمالية. في 24 مايو هاجمت طالبان قاعدة في منطقة مايوند، مما أسفر عن مقتل 13 جنديًا.[288] وشنت حركة طالبان هجومًا آخر في مقاطعة قندهار في 26 مايو، فقتل 18 جنديًا على الأقل وإصابة 16 آخرين وأسر أربعة وفقًا لمسؤولين أمنيين، بينما ذكرت المجموعة نفسها أنها قتلت 35 جنديًا وأسروا سبعة آخرين، واستولت على سبع ناقلات جنود مدرعة ومجموعة من الأسلحة. وفي 27 مايو انفجرت سيارة مفخخة لحركة طالبان في مدينة خوست، فقُتل 13 فردًا من قوة مقاطعة خوست، وهي مجموعة شبه عسكرية تمولها وتجهزها وكالة المخابرات المركزية واشتهرت بالتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء.[289]

في 31 مايو 2017 تعرضت السفارة الألمانية في كابل لهجوم بشاحنة انتحارية، مما أسفر عن مقتل حوالي 90 شخص، وإصابة أكثر من 350.[290] ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم. انفجرت القنبلة في حوالي الساعة 08:25 بالتوقيت المحلي (03:55 بتوقيت جرينتش) في ساعة الذروة. وتقع السفارة في منطقة من أكثر المناطق تحصينًا في كابل، حيث يبلغ ارتفاع جدرانها 3 أمتار (10 أقدام).[290]

وأعلن الجنرال جون نيكلسون في 20 نوفمبر 2017 أن الطائرات الأمريكية استهدفت منشآت إنتاج المخدرات في أفغانستان بموجب إستراتيجية جديدة تهدف إلى قطع تمويل طالبان، قائلًا إن طالبان أصبحت «منظمة إجرامية»، وتكسب حوالي 200 مليون دولار سنويا من الأنشطة المتعلقة بالمخدرات. أيد الرئيس أشرف غني بشدة الحملة الجديدة من الضربات الجوية الأمريكية والأفغانية ضد مراكز المخدرات التي تديرها طالبان؛ في اليوم التالي قال متحدث باسم مكتب حاكم هلمند إن العمليات الجوية التي جرت الأسبوع الماضي بمشاركة قوات التحالف وطائرات القوات الجوية الأفغانية شنت ضربات مباشرة على مخابئ طالبان ومراكز المخدرات (ثماني ضربات من قبل التحالف واثنتان للقوات الجوية الأفغانية). مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من مقاتلي طالبان وأنه تم تدمير مركز رئيسي لمعالجة المخدرات إلى جانب حوالي 2200 رطل من المخدرات.[291]

معركة قندوز[عدل]

اندلع قتال عنيف في ولاية قندوز، الذي كان مسرحًا للاشتباكات منذ 2009.[292] ففي مايو 2015 تم تعليق الرحلات الجوية إلى مدينة قندوز الشمالية بسبب أسابيع من الاشتباكات بين قوات الأمن الأفغانية وطالبان في منطقة جاردارا شمال قندوز.[293] أدت حدة الصراع إلى قيام الحكومة الأفغانية بتجنيد مقاتلين من الميليشيات المحلية لوقف تمدد طالبان.[294] وفي يونيو كثفت طالبان من هجماتها شمال مدينة قندوز في محاولة للاستيلاء عليها.[295] ونزح عشرات الآلاف من السكان داخليًا في أفغانستان بسبب القتال. حتى استعادت الحكومة منطقة جاردارا بعد شهر من القتال.[296]

موقع مستشفى أطباء بلا حدود في قندوز الذي دمرته غارة جوية أمريكية

وفي أواخر سبتمبر شنت طالبان هجومًا على قندوز، واستولت على عدة قرى نائية ودخلت المدينة. واقتحمت المستشفى الإقليمي واشتبكت مع قوات الأمن في الجامعة القريبة. وشهد القتال هجوم طالبان من أربع مناطق مختلفة: جاردارا في الغرب، وعلي أباد إلى الجنوب الغربي، وخان آباد إلى الشرق وإمام صاحب في الشمال.[297] واستولت على قريتي زاخيل وعلي خيل على الطريق السريع المؤدي إلى الجنوب، الذي يربط المدينة بكابل ومزار شريف عبر منطقة علي أباد. وحسب ما ورد فقد حققوا أكبر مكاسبهم في جنوب غرب قندوز، حيث جمع أهالي القرى المحلية الأسلحة وأعطوها طالبان.[297] أفاد أحد الشهود بإضرام النار في مقر المديرية الوطنية للأمن.[298] واستعادت القوات الأفغانية والأمريكية قندوز في 14 أكتوبر 2015.

ثم هاجمت القوات الأفغانية طالبان في شمال شرق قندوز، وهو جزء من هجوم الربيع لتلك القوات في 2016. وفي 14 أبريل حاول المئات من طالبان استعادة قندوز، لكن القوات الأفغانية صدت الهجوم. مما أسفر عن مقتل 40 شخصًا وإصابة ما بين 8 و 60 من طالبان، وخسرت القوات الأفغانية 4 قتلى و 6 جرحى. ودعمت طائرات المراقبة الأمريكية القوات الأفغانية في محاولتها دحر طالبان، كما كان هناك قتال في 6 مناطق أخرى على الأقل، حيث قُتل 28 من مقاتلي طالبان وأصيب 28 آخرون.[299] وفي 18 يوليو 2016 هاجم ما لا يقل عن 100 من مقاتلي طالبان منطقة قلاي زال في ولاية قندوز، لكن القوات الأفغانية صدتهم. وقتل 8 طالبان - بما في ذلك قائدهم -، في حين قتل عنصر واحد من قوات الأمن الأفغانية وجرح ثلاثة آخرون.[300]

مفاوضات طالبان والاقتتال الداخلي[عدل]

أعلن المسؤولون الصينيون أن عدم استقرار أفغانستان يؤثر سلبا على استقرار المنطقة، خاصة في غرب الصين، ويشجع الحركات الانفصالية في المنطقة. وكذلك على أمن الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.[301] شاركت الصين وباكستان في مفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان.[302] قامت مجموعة التنسيق الرباعية المكونة من مسؤولين أفغان وأمريكيين وصينيين وباكستانيين بدعوة حركة طالبان لمناقشة محادثات السلام في يناير 2016، لكن يفترض أنهم في ذلك الوقت منشغلون في قتال بعضهم البعض ومع القوات الحكومية. وقرر أن يعقد اجتماع بين ممثلي الجانبين أوائل مارس لكن طالبان أعلنت أنها لن تشارك.[303]

سلط قصف برلمان كابل الضوء على الخلافات داخل طالبان في مقاربتها لمحادثات السلام.[304] ففي أبريل 2016 أوقف الرئيس أشرف غني جهود الحكومات الأفغانية الفاشلة لإجراء محادثات سلام مع طالبان.[305] وكذلك فقد اندمجت شبكة حقاني في قيادة طالبان، فأصبح من الصعب إجراء محادثات سلام. على الرغم من أن زعيم طالبان هبة الله آخند زاده قال إن اتفاق سلام ممكن إذا تخلت حكومة كابل عن حلفائها الأجانب.[306]

في 11 نوفمبر 2015 أفيد أن الاقتتال الداخلي اندلع بين فصائل طالبان المختلفة في مقاطعة زابل. مقاتلون موالون لزعيم طالبان الجديد الملا أختر منصور قاتلوا فصيلاً منشق عنهم وموالي لداعش بقيادة الملا منصور داد الله. على الرغم من أن فصيل داد الله كان يتمتع بدعم مقاتلي داعش الأجانب من الأوزبك والشيشان، إلا أن الموالين لطالبان منصور كانت لهم اليد العليا. وطبقاً لغلام جيلاني فرحي مدير الأمن الإقليمي في زابل، فقد قُتل أكثر من 100 مسلح من الجانبين منذ اندلاع القتال.[307] استمر الاقتتال الداخلي في 2016؛ وفي 10 مارس 2016 قال المسؤولون إن طالبان اشتبكت مع جماعة طالبان المنشقة (بقيادة محمد رسول) في منطقة شينداند في هرات، وقتل حوالي 100 مسلح؛ كما أدى الاقتتال الداخلي إلى خنق محادثات السلام.[303]

ونتيجة للاقتتال الداخلي الذي أدى إلى انهاك منصور بعد حملة قمع المعارضة ضد قيادته؛ فقد اختير سراج الدين حقاني رئيس شبكة حقاني ليكون نائب زعيم طالبان في صيف 2015 ليكون داعما لمنصور داخل قيادة طالبان. سراج الدين وغيره من قادة حقاني يديرون بشكل متزايد العمليات العسكرية اليومية لطالبان؛ صقلوا الهجمات الإرهابية في المناطق الحضرية وزرعوا شبكة دولية متطورة لجمع الأموال، كما قاموا بتعيين حكام طالبان وبدأوا في توحيد طالبان. نتيجة لذلك أصبحت شبكة حقاني الآن مندمجة بشكل وثيق مع طالبان على مستوى القيادة، وازداد تأثيرها داخل الحركة، مع أن الشبكة كانت مستقلة عنهم تمامًا. كما تصاعدت التوترات مع الجيش الباكستاني لأن المسؤولين الأمريكيين والأفغان اتهمونهم بإيواء حقاني وجماعته.

الاشتباكات في هلمند[عدل]

بدأت حركة طالبان هجومًا في ولاية هلمند في سنة 2015، واستولت على أجزاء من الولاية. وسيطرت في يونيو 2015 على ديشو وباغران، مما أسفر عن مقتل 5,588 من قوات الأمن الحكومية الأفغانية (3720 من ضباط الشرطة). وتمكنت في نهاية يوليو من اجتياح مقاطعة نوزاد.[308] وفي 26 أغسطس سيطرت طالبان على موسى قلعة. وفي أكتوبر 2015 حاولت قوات طالبان الاستيلاء على لشكر كاه. عاصمة الولاية، فشن الفيلق 215 الأفغاني وقوات العمليات الخاصة هجومًا مضادًا ضد طالبان في نوفمبر، فتم صد الهجوم، وظلت قوات طالبان متجذرة في ضواحي المدينة.[309] وشهد ديسمبر 2015 هجومًا متجددًا لطالبان في هلمند تركز على بلدة سنجين. سقطت مقاطعة سنجين بيد حركة طالبان يوم 21 ديسمبر بعد اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل أكثر من 90 جنديًا في يومين. أفادت التقارير أن 30 عضوًا من SAS ومعهم 60 من عملاء القوات الخاصة الأمريكية انضموا إلى الجيش الأفغاني في المعركة لاستعادة أجزاء من سنجين من طالبان،[310] بالإضافة إلى ذلك بقي حوالي 300 جندي أمريكي وعدد صغير من البريطانيين في هلمند لتقديم المشورة للقادة الأفغان على مستوى الفيلق.[311] وقال قادة أميركيون كبار إن القوات الأفغانية في الإقليم تفتقر إلى القادة الفعالين وكذلك الأسلحة والذخيرة اللازمة لصد هجمات طالبان المستمرة. كان الجنود الأفغان في هلمند يقاتلون في ظروف صعبة لسنوات دون انقطاع لرؤية أسرهم، مما أدى إلى ضعف الروح المعنوية وارتفاع معدلات الفرار.[311]

مستشارو وحدة TAAC-E في فبراير 2015

في أوائل فبراير 2016 جددت طالبان هجومها على سنجين، وشنت سلسلة من الهجمات الشرسة على القوات الحكومية الأفغانية خلال الشهر. لذلك قررت الولايات المتحدة إرسال قوات إضافية لدعم الفيلق 215 الأفغاني في مقاطعة هلمند، ولا سيما حول سنجين، والانضمام إلى قوات العمليات الخاصة الأمريكية الموجودة فعليًا في المنطقة.[312] وفي 14 مارس 2016 سقطت منطقة خانشين في ولاية هلمند بيد طالبان. وبدأت تتساقط منطقة تلو الأخرى، وتراجعت القوات الأفغانية إلى المراكز الحضرية في هلمند.[313] وفي أبريل 2016 شن 600 جندي أفغاني هجومًا كبيرًا لاستعادة المناطق التي احتلتها طالبان في سنجين والمناطق المحيطة بها، ففشل هجوم الجيش الأفغاني لاستعادة مدينة خانيشين، وانتشر الفرار من الجيش إلى داخل المنطقة.[314]

طائرة F-16 الأمريكية تقلع من مطار بغرام في طلعة قتالية، 14 مارس 2016

على الرغم من الضربات الجوية الأمريكية إلا أن مسلحو طالبان حاصروا لشكر كاه، وبحسب ما ورد سيطروا على جميع الطرق المؤدية إلى المدينة والمناطق الواقعة على بعد بضعة كيلومترات. فصعدت الولايات المتحدة من ضرباتها الجوية لدعم القوات البرية الأفغانية. وأفادت التقارير أن القوات الأفغانية في لشكركاه منهكة بينما كانت نقاط التفتيش التابعة للشرطة حول العاصمة تتساقط واحدة تلو الأخرى؛ وأرسلت طالبان قوة كوماندوز جديدة من النخبة إلى هلمند تسمى «سارا خيتا» أو الوحدة الحمراء.[315] صدت قوات الأمن الأفغانية الهجمات التي شنها مقاتلو طالبان على منطقة شاه أنجير على بعد 10 كيلومترات فقط من لشكر كاه؛ قاتلت القوات الأفغانية الخاصة المدعومة بالضربات الجوية الأمريكية مسلحي طالبان المدججين بالسلاح والانضباط بشكل متزايد. قال أحد قادة القوات الخاصة الأفغانية: «لدى طالبان وحدات مدججة بالسلاح وبالزي الرسمي ومجهزة بالرؤية الليلية والأسلحة الحديثة».[316] في 22 أغسطس 2016 أعلنت الولايات المتحدة إرسال 100 جندي أمريكي إلى لشكر كاه للمساعدة في ايقاف اجتياح طالبان.[317]

في 31 ديسمبر 2016 واصلت طالبان هجومها على الولاية بهجمات على مقاطعتي سنجين ومرجة.[318] تشير بعض التقديرات إلى أن طالبان قد استعادت أكثر من 80٪ من ولاية هلمند.[283] خلال الساعات الأولى من يوم 23 مارس 2017 استولت الحركة على منطقة سنجين بعد أن اجتاحوا وسط البلدة. خلال المرحلة الأولى من الحرب، كان ما يقرب من ربع الخسائر البريطانية بسبب القتال للإستيلاء على المدينة، في حين فقد مئات من الجنود الأفغان حياتهم مؤخرًا أثناء الدفاع عنها.[319] وفي 29 أبريل 2017 أرسلت إدارة دونالد ترامب 5000 جندي إضافي من مشاة البحرية الأمريكية إلى ولاية هلمند الجنوبية.[320]

بروز الدولة الإسلامية[عدل]

في منتصف يناير 2015، أنشأت تنظيم الدولة الإسلامية فرعًا له في أفغانستان باسم ولاية خراسان وبدأت في تجنيد المقاتلين والاشتباك مع طالبان.[321][322] تم إنشاؤه بعد بيعة أبو بكر البغدادي. وفي يناير 2016 منحت الحكومة الأمريكية سلطة قانونية جديدة للجيش الأمريكي لشن هجوم ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان، بعد إعلان أعلت وزارة الخارجية تصنيف داعش في أفغانستان وباكستان على أنه منظمة إرهابية أجنبية. بدأ عدد المسلحين بحوالي 60 أو 70، وجاء معظمهم من باكستان، وأخيرًا وصلت أعدادهم إلى ما بين 1000 و 3000 مسلح،[323] وهم منشقون بشكل رئيسي من طالبان الأفغانية والباكستانية، والتنظيم محصور في ولاية ننكرهار ولكن لها امتداد في ولاية كنر.[323]

نفذ الجيش الأمريكي ما لا يقل عن اثنتي عشرة عملية في 3 أسابيع من ذلك الشهر، ومنها غارات كوماندوز وغارات جوية، وجرى العديد منها في منطقة تورا بورا في ننكرهار. قال القادة الأمريكيون في أفغانستان إنهم يعتقدون أن ما بين 90 و 100 من مقاتلي الدولة الإسلامية قتلوا في هذه العمليات الأخيرة.[324] وقد أعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني يوم 6 مارس 2016 في البرلمان الأفغاني أن تنظيم الدولة الإسلامية قد هُزِم في الأجزاء الشرقية من البلاد، وأعلنت القوات الأفغانية انتصارها بعد العملية التي استمرت 21 يومًا في مقاطعتي أجين وشينوار في ولاية ننكرهار، مدعيةً عن مقتل حوالي 200 مسلح. وقد تمت العملية بمساعدة المدنيين المحليين الذين أقاموا نقاط تفتيش للمساعدة في الحفاظ على الأمن في قراهم ثم دعموا القوات الأفغانية فيما بعد.[325] ولكن هاجم مسلحو داعش أواخر يونيو 2016 نقاط تفتيش للشرطة في منطقة كوت بإقليم ننكرهار، وأسفر القتال العنيف بين مقاتلي الدولة الإسلامية وقوات الأمن الحكومية عن مقتل العشرات في شرق أفغانستان، وأفادت التقارير بمقتل ما يصل إلى 36 من مقاتلي داعش في وأسفرت الهجمات عن مقتل ما لا يقل عن عشرة أفراد من قوات الأمن الأفغانية والمدنيين وجرح 18 آخرون. تشير الهجمات الأخيرة إلى أن المجموعة لا تزال تشكل تهديدًا قويًا للحكومة التي تواجه تمردًا يهيمن عليه طالبان.[326]

طيارو القوات الجوية الأمريكية يقودون طائرة من طراز CH-47 شينوك في ننكرهار، أبريل 2017

في 23 يوليو 2016 بدأت القوات الأفغانية والأمريكية هجومًا لتطهير إقليم ننكرهار من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية بعد ساعات من تفجير كابل، وأطلق على العملية اسم «غضب العاصفة» التي شارك فيها كل من الجيش النظامي الأفغاني والقوات الخاصة وهي أول هجوم استراتيجي كبير للجيش الأفغاني في الصيف. كانت العملية مدعومة من الطيران والقوات الخاصة الأمريكية. أصيب خمسة من القوات الخاصة الأمريكية بنيران أسلحة صغيرة أو شظايا خلال يومي 24 و 25 يوليو عند تطهير مناطق جنوب ننكرهار بقوات العمليات الخاصة الأفغانية. وفي 26 يوليو خلال غارة ليلية في منطقة كوت وبدعم جوي قُتل أحد أهم قادة داعش في المنطقة المسمى سعد الإماراتي أحد مؤسسي تنظيم ولاية خراسان وقتل معه 120 من المسلحين المشتبه بهم؛ وفي 30 يوليو قتل مئات من مقاتلي داعش في شرق أفغانستان. توغلت القوات الأفغانية في منطقة كوت بعد قصف جوي ومدفعي مكثف أجبر داعش على الفرار إلى المناطق الجبلية القريبة، لم تواجه القوات الأفغانية مقاومة تذكر ووجدت معسكر تدريب مدمر. وفي 30 يوليو قال حاكم الولاية أن 78 من مقاتلي داعش قد قتلوا في العملية. استعادت العملية أجزاء كبيرة ومهمة من شرق أفغانستان، وأجبرت مقاتلي داعش على العودة إلى جبال جنوب ننكرهار. كان العدد التقديري لتنظيم ولاية خراسان في يناير 2016 حوالي 3000، ولكن الرقم انخفض في يوليو 2016 إلى ما يقرب من 1000 - 1500، مع 70 ٪ من مقاتليها قدموا من طالبان باكستان.[327]

في 13 أبريل 2017 ألقت الولايات المتحدة أكبر قنبلة غير نووية، والمعروفة باسم GBU-43 على الإحداثيات 34.073336 و 70.631215 (خطوط الطول والعرض) بالقرب من قرية مومند[328] الواقعة في مقاطعة أتشين في ننكرهار شرقي أفغانستان لتدمير مجمعات الأنفاق التي استخدمها تنظيم ولاية خراسان.[329] وفي أعقاب الضربة نفذت القوات الأمريكية والأفغانية عمليات تطهير وغارات جوية في المنطقة وقامت بتقييم الأضرار.[330]

وشنت القوات الأمريكية والأفغانية في أوائل مارس 2017 عملية لطرد داعش- خراسان من معقله في شرق أفغانستان، واشتركت في معارك برية منتظمة.[331] وقال الجنرال دولت وزيري المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية: إنه لمدة أربعة أسابيع قبل غارة نانجرهار الجوية في 13 أبريل (وكانت جزءًا من العملية) حاولت القوات الخاصة الأفغانية اختراق المنطقة دون جدوى بسبب التضاريس الوعرة والعبوات الناسفة التي زرعها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية- خراسان.[332] في أبريل 2017، وذكر الكابتن بيل سالفين المتحدث باسم بعثة الناتو في أفغانستان: إن القوات الأفغانية والدولية قلصت الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش في أفغانستان بمقدار الثلثين وقتلت حوالي نصف مقاتليه في السنتين السابقتين، أي منذ بداية 2017، فقامت بـ 460 غارة جوية ضد الإرهابيين (بالطائرات بدون طيار وحدها أسفرت عن مقتل أكثر من 200 مسلح من تنظيم الدولة الإسلامية)؛ وأضاف أن الفرع لديه ما يقدر بـ 600-800 مقاتل في مقاطعتين بشرق أفغانستان.[333]

سياسة دونالد ترامب تجاه أفغانستان[عدل]

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس الأفغاني أشرف غني في أكتوبر 2017

اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باكستان مرتين بإيواء طالبان والتقاعس عن العمل ضدهم، أولاً في أغسطس 2017 ثم مرة أخرى في يناير 2018.[334][335] ففي 21 أغسطس 2017 صرح ترامب أنه سوف يوسع الوجود الأمريكي في أفغانستان، دون إعطاء تفاصيل حول كيف ومتى. لم يقم ترامب بصياغة أي جداول زمنية أو أعداد جنود أو أغراض محددة يتعين الوفاء بها؛ ذكر فقط أن الانسحاب الأمريكي لن يكن خيارًا الآن وأن الإعلان عن المواعيد النهائية والخطط الدقيقة من شأنه أن يساعد تلك الجماعات فقط على الاستعداد.[336] وقال أيضًا إن 20 منظمة صنفتها الولايات المتحدة بالإرهاب تنشط في أفغانستان وباكستان. ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، فإن هذا يتعارض مع القائمة الرسمية للحكومة الأمريكية التي تضم 13 منظمة فقط.[337]

في 19 سبتمبر 2017 نشرت إدارة ترامب 3000 جندي أمريكي آخر في أفغانستان. وسوف يضيفون إلى ما يقرب من 11,000 جندي أمريكي موجودون فعليًا في أفغانستان، وبذلك يصل العدد الإجمالي إلى 14000 جندي أمريكي يتمركز في أفغانستان.[338]

2021-2018: مبادرات السلام والانسحاب الأمريكي النهائي وحملة طالبان الأخيرة[عدل]

ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في يناير أن حركة طالبان نشطة علنيًا في 70٪ من البلاد (حيث سيطرت بالكامل على 14 مقاطعة ولديها حضور ووجود نشط ومفتوح في 263 أخرى)، وأن تنظيم الدولة الإسلامية كان أكثر نشاطًا في البلاد من من أي وقت مضى. بعد الهجمات التي شنتها حركة طالبان (بما في ذلك تفجير انتحاري بسيارة إسعاف في كابل يوم 27 يناير، وأسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص) وتنظيم الدولة الإسلامية الذي قتل عشرات المدنيين، قرر الرئيس ترامب والمسؤولون الأفغان استبعاد أي محادثات مع طالبان.[339] وفي 15 فبراير ذكرت صحيفة نيويورك تايمز ارتفاع عدد المدنيين الأفغان بناءً على تقرير سنوي للأمم المتحدة صدر قبل أسبوع. قدم هذا التقرير تقييماً مفصلاً، فأظهر تصاعد هجمات القصف المعقدة التي استهدفت المدنيين عمداً في 2017، حيث أصيب أو قُتل 10453 مدنياً أفغانياً.[340] ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن عتيق الله أميرخيل الجنرال المتقاعد والمحلل العسكري المقيم في كابل قوله: «إن تقرير الأمم المتحدة أثبت فشل محادثات السلام، حيث إن كل من طالبان والحكومة الأمريكية مصممتان على النصر بدلاً من التفاوض على تسوية». وقال إن «المزيد من الضربات الجوية يعني المزيد من الهجمات الانتحارية»، مما يثبت اشتداد الحرب في 2018.[341]

في الفترة من 12 يوليو إلى 1 أغسطس، نفذت حركة طالبان هجوم درزاب واستولت على منطقة درزاب بعد استسلام تنظيم ولاية خراسان إلى الحكومة الأفغانية. من 10 إلى 15 أغسطس شنت طالبان سلسلة من الهجمات، كان أكبرها هجوم غزنة، حيث استولت طالبان على تلك المدينة لعدة أيام، لكنها تراجعت في النهاية. قتلت حركة طالبان مئات الجنود والشرطة الأفغان واستولت على العديد من القواعد الحكومية والمناطق. وبعد تلك الهجمات دعا إريك برنس المقاول العسكري الخاص والرئيس السابق لشركة بلاك ووتر إلى خصخصة إضافية للحرب.[342][343] وقد انتقد وزير الدفاع الأمريكي آنذاك جيمس ماتيس الفكرة قائلاً: «عندما يضع الأمريكيون مصداقية أمتهم على المحك، فإن خصخصتها لا تكون فكرة حكيمة».[344]

النزاعات المسلحة المستمرة في يونيو 2019

  حروب كبرى، 10,000 قتيل أو أكثر في العام الحالي أو الماضي

في 25 يناير 2019، قال الرئيس الأفغاني أشرف غني إن أكثر من 45 ألف عنصر من قوات الأمن الأفغانية قُتلوا منذ توليه الرئاسة في 2014. وقال أيضًا إنه كان هناك أقل من 72 ضحية دولية خلال نفس الفترة.[345] قدر تقرير صادر عن الحكومة الأمريكية في يناير 2019 أن 53.8٪ من مناطق أفغانستان تسيطر عليها الحكومة أو تحت نفوذها، و 33.9٪ متنازع عليها و12.3٪ تحت سيطرة طالبان أو نفوذهم.[346]

في 25 فبراير 2019 بدأت محادثات السلام بين طالبان والولايات المتحدة في قطر، بحضور قوي للمؤسس المشارك لطالبان عبد الغني برادر. ذكر المبعوث الأمريكي الخاص زلماي خليل زاد أن هذه الجولة من المفاوضات «هي أكثر إنتاجية مما كانت عليه في الماضي» وأنه تم الاتفاق على مسودة اتفاقية سلام. تضمن الاتفاق انسحاب القوات الأمريكية والدولية من أفغانستان وعدم سماح طالبان للجماعات الجهادية الأخرى بالعمل داخل البلاد. كما ذكرت حركة طالبان أنه تم إحراز تقدم في المفاوضات.[347]

في 30 أبريل 2019 نفذت القوات الحكومية الأفغانية عمليات تطهير استهدفت كلا من تنظيم الدولة - فرع خراسان وطالبان في شرق ولاية ننكرهار، بعد قتال المجموعتين لأكثر من أسبوع في مجموعة قرى حول منطقة تنجيم غير مشروع لمعدن التالك. وزعمت المديرية الوطنية للأمن مقتل 22 من مقاتلي تنظيم الدولة في خراسان وتدمير مخبأين للأسلحة، بينما ذكرت حركة طالبان أن القوات الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة قتلت سبعة مدنيين. قال مسؤول إقليمي إن أكثر من 9000 أسرة نزحت بسبب القتال.[348] وفي 28 يوليو 2019 ذكر أن مكتب أمر الله صالح نائب الرئيس أشرف غني قد تعرض لهجوم انتحاري مع عدد قليل من المسلحين. قُتل ما لا يقل عن 20 شخصًا وجُرح 50، وكان صالح من بين الجرحى. خلال العملية التي استمرت ست ساعات، تم إنقاذ أكثر من 150 مدنياً وقتل ثلاثة مسلحين.[349]

وفي أغسطس سيطرت طالبان على أراض أكثر من أي وقت مضى منذ 2001.[350] ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الولايات المتحدة كانت على وشك التوصل إلى اتفاق سلام مع طالبان وكانت تستعد لسحب 5000 جندي من أفغانستان.[351] لكن في الشهر نفسه تم التأكيد لاحقًا على مقتل بعض قادة طالبان، ومنهم حافظ أحمد الله شقيق أمير طالبان هبة الله آخند زاده وبعض أقاربه الآخرين،[352] في انفجار قنبلة بمسجد خير المدارس، الذي كان يقع في كويتا. ضاحية كوتشلاك وكانت لفترة طويلة مكان الاجتماع الرئيسي لأعضاء طالبان.[352][353] وفي سبتمبر ألغت الولايات المتحدة المفاوضات.[354]

في 17 سبتمبر 2019 هاجم انتحاري تجمعًا لحملة الرئيس أشرف غني، مما أسفر عن مقتل 26 شخصًا وإصابة 42. وبعد أقل من ساعة نفذت حركة طالبان هجومًا انتحاريًا آخر بالقرب من السفارة الأمريكية ووزارة الدفاع الأفغانية، مما أدى إلى مقتل 22 شخصًا. شخص وجرح حوالي 38.[355]

حركات السلام الوطني وأول وقف لإطلاق النار[عدل]

قوات الأمن الأمريكية والبريطانية والأفغانية تتدرب معًا في تمرين جوي لقوة الرد في معسكر قرغة في كابل، 16 يناير 2018.

بعد عرض غني لإجراء محادثات سلام غير مشروطة مع طالبان، نشأت حركة سلام متنامية في أفغانستان خلال 2018 لا سيما بعد المسيرة السلمية التي نظمتها حركة السلام الشعبية، والتي أطلق عليها الإعلام الأفغاني اسم «قافلة سلام هلمند».[356] وجاءت مسيرة السلام ردا على انفجار سيارة مفخخة في 23 مارس في لشكر كاه أسفر عن مقتل 14 شخصا. سار المشاركون في المسيرة عدة مئات من الأميال من لشكركاه في ولاية هلمند عبر الأراضي التي تسيطر عليها طالبان، نحو كابل. وهناك التقوا بغني ونظموا اعتصامًا أمام بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان والسفارات المجاورة.[357] ألهمت جهودهم المزيد من الحركات في أجزاء أخرى من أفغانستان.

بعد المسيرة اتفق غني وطالبان على وقف متبادل وغير مسبوق لإطلاق النار خلال احتفالات عيد الفطر في يونيو 2018. وخلال فترة وقف إطلاق النار، توافد أعضاء طالبان على كابل حيث التقوا وتواصلوا مع السكان المحليين وقوات أمن الدولة. خلق جو من الأمل والخوف، ورحب العديد من المدنيين بطالبان وتحدثوا عن السلام بما في ذلك بعض النساء. وطالب الأهالي بجعل وقف إطلاق النار دائمًا، إلا أن طالبان رفضت التمديد واستأنف القتال بعد انتهاء وقف إطلاق النار في 18 يونيو.[358][359]

بين 29 أبريل و 3 مايو 2019 استضافت الحكومة الأفغانية اجتماع لويا جيرغا لمدة أربعة أيام في قصر باغ بالا کابل وحضره 3200 ممثل[360] لمناقشة محادثات السلام. تمت دعوة طالبان لكنهم لم يحضروا.[361]

محادثات واتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان[عدل]

ممثل الولايات المتحدة زلماي خليل زاد وممثل طالبان عبد الغني برادار يوقعان اتفاقية إحلال السلام في أفغانستان