النفح الشذي في شرح جامع الترمذي

النفح الشذي
النفح الشذي في شرح جامع الترمذي
معلومات الكتاب
المؤلف ابن سيد الناس
اللغة العربية
السلسلة كتب الحديث
الموضوع حديث

النفح الشذي في شرح جامع الترمذي: هو أحد أهم كتب الحديث التي كُتبت في شرح جامع الترمذي. ألفه محمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن سيد الناس. ويُذكر أن تلميذ ابن سيد الناس صلاح الدين الصفدي هو من أشار إلى ابن سيد الناس بهذا الاسم، فبعد أن كان يريد تسمية كتابه: «العرف الشذي في شرح الترمذي» اقترح عليه تلميذه بتسميته: «النفح الشذي في شرح جامع الترمذي» لتوافق كلمة «نفح» مع كلمة «شرح» في السجع.[1]

إلا أنَّ ابن سيد الناس لم يتم كتابه، وقد قال في ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني عن الكمال الإدفوني: (إنَّ ابن سيد الناس شرع لشرح الترمذي، ولو اقتصر فيه على فن الحديث من الكلام على الأسانيد لكمل، لكنه قصد أن يتبع شيخه ابن دقيق العيد فوقف دون ما يريد).[2] إلا أنَّ ذلك لم يكنْ معيباً فيه، فقد وصفه محمد الشوكاني بأنَّه ممتع في جميع ما تكلم عليه من فن الحديث وغيره.[3] كما أن تلميذ ابن سيد الناس الصلاح الصفدي وصفه بأنه: (جمع فأوعى).[4]

وقد شرع زين الدين العراقي بكتابة تكملة لهذا الشرع، إلا أنَّه لم يتح له إكمال التكملة إلى نهاية جامع الترمذي. وذكر ابن حجر في تكملة العراقي: (وبيض من تكملة شرح الترمذي كثيرًا، وكان قد أكمله في المسودة أو كاد، كتبت منه عنه قدر مجلد، وقرأت أكثره عليه).[5]

اسم المؤلف[عدل]

هو محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن سيد الناس.

يقال له الربعي (نسبةً إلى ربيعة بن نزار) ويقال له اليعمري (نسبة إلى أصله يعمر، وهو بطن من كنانة).[6]

ويقال له الأندلسي، لأن أصله من الأندلس، ويقال له الإشبيلي، لأنه من إشبيلية في الأندلس، ويقال له المصري وكذلك القاهري، لأن أسرته انتقلت إلى القاهرة من الأندلس.[7]

ويُلقب بفتح الدين.[8]

ويُكنى بأبي الفتح.[9] وكذلك بـ ابن سيد الناس. لكن الأخيرة تُنسب أيضًا لغيره من عائلته.

مكانة الكتاب وأهميته[عدل]

يعد هذا الكتاب أولَ شرحٍ وافٍ لسنن الترمذي.

قام قبل ابن سيد الناس الحسين بن مسعود البغوي (المتوفى سنة 516 هـ) ببدأ شرح لجامع الترمذي.[10] لكنَّ ذلك الشرح غير معروفٍ، كما قال السيوطي: إنَّه لا يعلم أحدًا شرح جامع الترمذي كاملًا إلا القاضي أبي بكر بن العربي[11]، وهو كان بعد البغوي. وكان اسم كتاب ابن العربي «عارضة الأحوذي».[12] وقال زين الدين العراقي بعدم كفاية شرح ابن العربي.[13] وقال فيه العراقي: (وليس المنهوم بتلك العارضة يغتذي).[14]

وبعد شرح ابن سيد الناس تتابعت الشروحات لسنن الترمذي. منها:

من بعد ابن سيد الناس استفاد كثيرًا مما خطه في شرحهم لسنن الترمذي.[20]

منهج ابن سيد الناس في شرح الترمذي[عدل]

1- بدأ فيه بأهمية السنة في الدين الإسلامي، ثم انتقل إلى سبب تأليفه هذا الشرح، ألا وهو حفظ العلوم التي لديه (مما اقتبسه من علماء، أو مما خطر له فيه) المتعلقة بهذا الشرح، لأن الكتابة هي قيد العلم.[21]

2- ثم كتب بعد ذلك مقدمتان لكتابه:

- الأولى: التعريف بالإمام الترمذي، اسمه ونسبه وطلبه للحديث وما إلى ذلك، وبرجال إسناد المؤلف.

- الثانية: التعريف بجامع الترمذي. ببيانة الاهتمام في تأليفه وإقرار الشيوخ للترمذي عليه.

ثم عرف الحديث الحسن والغريب، والمراد عند الترمذي بهما واستفاض في هذا.[22]

3- ثم قام ابن سيد الناس بشرح أبواب جامع الترمذي، فشرح كتاب الطهارة ثم كتاب الصلاة الذ لم يكمله. وكان شرحه كالتالي:

  • ذكر نص الباب كما هي في جامع الترمذي.
  • ثم يضع عنوانًا لشرح الباب، فيضع العنوان التالي أحيانًا (الكلام عليه)، كما في باب النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول.[23] وأحيانًا يعنونه بـ (الكلام عليه من وجوه) كما في باب ما يقول عند افتتاح الصلاة.[24] وفي بعض الأحيان لا يضع عنوانًا لشرحه. والمقصد من قوله: (الكلام عليه من وجوه)، فعند التفصيل يضع عناوين فرعية، مثل «من حيث الإسناد» ويتحدث بعده عن الإسناد في هذا الباب. ثم ينتقل لوجهٍ آخر، كالمفردات والغريب وما إلى ذلك.
  • ثم يقوم بتخريج الأحاديث: ولها ثلاثة أحوال في شرحه، وهي:

- تخريج الأحاديث التي قال فيه الترمذي: وفي الباب عن فلانٍ وفلانٍ: ومن الأمثلة على ذلك قول الترمذي (وف يالباب عن أبي قتادة وعن عائشة وعمار) ثم ذكر الترمذي رواية أبي قتادة، فقام ابن سيد الناس بتخريج حديث عائشة.

- بيان من أخرج الحديث غير الترمذي، بغض النظر إن كان أخرجه بنفس طريق الترمذي أو بطريقٍ آخر. ومن ذلك حديث مغفرة الذنوب بالوضوء، فعنون بعدها (الكلام عليه) وذكر أنَّ الحديث أخرجه مسلم، وأتى بسنده فيه[25] النفح الشذي، 16 أ.

- تخريج أحاديث كان يرى ابن سيد الناس أنها ذات علاقة بالباب الذي يشرحه، وكان الترمذي لم يخرجها فيه. فيكتب (وفي الباب مما لم يذكره..).[23] في بعض الأحيان يأتي بالحديث بلفظه، وفي أحيان أخرى يكتفي بتوجيه القارئ لمصدر الحديث.

  • بيان درجة الحديث: وذلك بأن يقول صراحةً بأن الحديث صحيح أو ضعيف، أو يتحدث عن الراوي هل هو ثقةً أم لا، أو عن السند هل متصل أم منقطع أو غير ذلك.
  • دراسة الأسانيد.
  • شرح الألفاظ، وإعرابها وضبطها.
  • إدراج بعض الأحكام المستفادة من الحديث، والحكمة المرافقة لتشريع هذه الأحكام.
  • ذكر المباحث في أصول الفقه وأصول الدين المتعلقة بالحديث المذكور.
  • كان ابن سيد الدنيا يضيف ما يراه مناسبًا من علمه في شرحه، فلا يكتفي بالنقل من مصادره المتعددة: ومن ذلك أنه ذكر أربعة أقوال في تعليل العلماء من قبله للاستغفار بعد الخلاء، ثم أضاف من عنده تعليلًا خامسًا.

مميزات النفح الشذي[عدل]

ذكر الدكتور أحمد معيد عبد الكريم ميزات النفح الشذي عن باقي شروحات الترمذي بعد دراسته، فرتبها كالتالي:[26]

1- الاستفاضة في الشرح أكثر مما فعل ابن العربي.

2- الاهتمام بتخريج الأحاديث وتوضيح درجاتها. بغض النظر إن كانت مما نقله من الترمذي، أو مما أدرجه.

3- حفظه لآراء المؤلف، وإضافاته العلمية.

مصادره[عدل]

ذكر ابن سيد الناس في بداية شرحه أنَّه أخذ مصادره بعضها من كتبٍ وبعضها من أفواه العلماء، ما تذكره منه من أسماءه عزاه لصاحبه، إلا أن بعضها كان قد مضى على حفظه له زمن فنسي قائله.[27]

ومن كتب متون السنة التي ذكرها:

الكتب الستة: صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن أبي داود وسنن الترمذي وسنن النسائي وسنن ابن ماجه.

صحيح ابن حبان، الموطأ.

المعجم الكبير للطبراني.

عمل اليوم والليلة للنسائي.

السنن الكبرى للبيهقي.

السنن للدارقطني.

مصنف ابن أبي شيبة.

ومن المختصرات: مختصر سنن أبي داوود.

ومن كتب مصطلح الحديث: معرفة علوم الحديث، والمدخل إلى الصحيحين، كلاهما للحاكم، ورسالة أبي داوود السجستاني إلى أهل مكة، ومعرفة علوم الحديث المعروف بالمقدمة لابن الصلاح.

ومن كتب غريب الحديث: غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام. ومشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي عياض. ومطالع الأنوار على صحاح الآثار لإبراهيم بن يوسف المعروف بابن قرقول.

ومن كتب اللغة: المحكم لابن سيدة. والصحاح للجوهري، والاشتقاق لابن دريد.

ومن كتب الرجال: كتاب الكمال في أسماء الرجال، لعبد الغني المقدسي. والطبقات الكبرى لابن سعد. والطبقات لخليفة بن خياط. والتاريخ الكبير للبخاري. ومعجم الشعراء للمرزباني، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي. والتعريف بمن ذُكر في الموطأ لمحمد بن يحيى الحذاء. والثقات للعجلي، ولابن حبان. والضعفاء والمتروكين للنسائي والدار قطني، والضعفاء الكبير للعقبلي. والكامل في الضعفاء والمتكلم فيهم لأبي أحمد ابن عدي. وغيرها.

ومن كُتب شروح الحديث: عارضة الأحوذي، شرح جامع الترمذي، لأبي بكر ابن العربي. ومعالم السنن، شرح سنن أبي داوود، للإمام الخطابي. والمفهم شرح مختصر صحيح مسلم لأبي العباس القرطبي. والمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي. والاستذكار لابن عبد البر. والتمهيد لابن عبد البر. وتعليق الإمام السلفي على مقدمة معالم السنن للخطابي.

ومن كُتب العلل: علل الحديث، لابن أبي حاتم الرازي. والعلل الكبير، للترمذي. والعلل المتناهية في الأحاديث الواهية، لابن الجوزي. وبيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام، لعبد الحق الإشبيلي. وغيرها.

ومن كُتب الأطراف: أطراف كتاب الأفراد والغرائب للدار قطني.

ومن كتب الفقه: كتاب الفتح العزيز شرح الوجيز، لأبي القاسم الرافعي.

مآخذ على كتاب النفح الشذي[عدل]

جمع الدكتور أحمد عبد الكريم انتقادات العلماء على النفح الشذي فيما يلي:[28]

1- في أحيان نادرة يشير ابن سيد الناس إلى شيء دون أن يعزوه إلى مصدر. وقد صرح في بداية كتابه أنه يفعل ذلك لنسيان مصدره.

2- لا يوجد عنوان عام لبعض الأبواب، ولا عناوين تفصيلية لبعض الأبواب التي لها عنوان عام، وذلك بخلاف الأبواب الأخيرة التي وضع لها عناوين عامة وتفصيلية.

3- تخريجه لبعض الأحاديث في بعض الأبواب ليست ذات علاقة بالباب نفسه.

4- تخريج ابن سيد الناس لحديث من مصدر، مع وجود الحديث في مصدرٍ آخر أوثق وأشهر. ومن الأمثلة على ذلك تخريجه لحديث عمرو بن أبي عمرو العجلاني في النهي عن استقبال القبلتين عند قضاء الحاجة إلى كتاب الكامل لابن عدي، بينما نجد هذا الحديث في مسند أحمد.

5- التوسع والاستطراد في تراجم بعض الرواة بما لا حاجة إليه في الكتاب.

6- ذكره المتكرر أنَّ الترمذي لم يسبقه أحد إلى مراده بالحديث الحسن، وهذا خالفه فيه عددٌ من علماء مصطلح الحديث.

مراجع[عدل]

  1. ^ النفح الشذي، محمد ابن سيد الناس، تحقيق: أحمد معيد عبد الكريم، ص. 64.
  2. ^ الدرر الكامنة، 4/331.
  3. ^ البدر الطالع، 2/250.
  4. ^ الوافي، 1/292.
  5. ^ ذيل تذكرة الحفاظ، السيوطي، 371.
  6. ^ عنوان الدراية للغبريني، 291.
  7. ^ الدرر الكامنة، 4/330.
  8. ^ الوافي بالوفيات، 1/289.
  9. ^ تذكرة الحفاظ، 4/1491.
  10. ^ تاريخ الأدب العربي، كارل بروكلمان، ت. عبد الحليم النجار، 1/190.
  11. ^ مقدمة تحفة الأحوذي، 1/369.
  12. ^ الديباج المذهب، ابن فرحون، تحقيق: الأحمدي أبو النور، 2/252.
  13. ^ تكملة شرح الترمذي للعراقي، 1/ق أ ب، 2 أ/ نسخة الإسكوريال.
  14. ^ تكملة العراقي، 1 / ق 2 أ نسخة الإسكوريال.
  15. ^ لحظ الألحاظ، ابن فهد، 180-182.
  16. ^ طبقات الشافعية، ابن قاضي شهبة، 4/52.
  17. ^ فتح الباري، كتاب الوضوء، 1/330.
  18. ^ البدر الطالع، الشوكاني، 1/328-335.
  19. ^ مقدمة تحفة الأحوذي، 2/189-215.
  20. ^ النفح الشذي، محمد ابن سيد الناس، تحقيق: أحمد معيد عبد الكريم، ص. 85.
  21. ^ النفح الشذي، ق 2 أ.
  22. ^ النفح الشذي، ق 8 أ.
  23. ^ أ ب النفح الشذي، ق 27 أ.
  24. ^ النفح الشذي، ق 129 ب.
  25. ^ .
  26. ^ النفح الشذي، محمد ابن سيد الناس، تحقيق: أحمد معيد عبد الكريم، ص. 128-129.
  27. ^ النفح الشذي، محمد ابن سيد الناس، ق 2 أ.
  28. ^ النفح الشذي، محمد ابن سيد الناس، تحقيق: أحمد معيد عبد الكريم، ص. 129-132.