العدل عند الاثنا عشرية

عدّ علماء الشيعة الامامية، العدل من أصول الدين وتعتبر هذه الصفة باعتقادهم من أهمّ الصفات الالهية التي اكدت عليها الايات والروايات وبهذه الصفة تثبت النبوة والإمامة والمعاد كاحد ادلتها وان كانت هناك ادلة أخرى عليها.

العدل أصل من أصول الدين[عدل]

اتفق المسلمون بجميع طوائفهم ونحلهم علی التوحيد والنبوة والمعاد باعتبارها أصول الدين ولكن يعتقد الشيعة الإمامية، بالعدل والإمامة كأصل من الدين مضافة على الاصول التي اتفق عليها المسلمون.[1]

وأمّا أصل العدل هوالإعتقاد بأنّ الله عادل بالعدل الذي هو مقابل الظلم والجور، أي لا يفعل القبيح ولا يترك ما ينبغي فعله. فكل خلق أو رزق أو عطاء أو منع، صدر منه هو لغاية وهدف، وإن لم يعلم الإنسان به.[2] يقول العلاّمة الحلّي:

«"اعلم أنّ هذا الأصل [ العدل ] عظيم تبتني عليه القواعد الإسلامية، بل الأحكام الدينية مطلقاً ، وبدونه لا يتمّ شيء من الأديان"[3]»

وأمّا التفاوت والفوارق الموجودة بين أبناء المجتمع في اعطاء المواهب والنعم من قبل الله، كلّ ذلك يعتبر اختبار الهي وأن كل إنسان يحاسَب على عمله فقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ۝١٦٥ [الأنعام:165]

الإستدلال[عدل]

وأمّا من دلائل الشيعة في إفراد صفة العدالة واعتبارها أصلًا من أصول الدين الخمسة، هي:

الأوّل : إنَّ العدالة هی من صفات الله التی تترتب عليها الكثير من صفات الإلهية الاخری. لأنَّ معنى العدالة هو وضع الاُمور في مواضعها. وعلى ذلك تعتمد صفات أخرى‌ مثل الحكيم والرّزاق علی عدالة الله في معانيها.

الثاني : بهذه الصفة يمكن إثبات النبوة والإمامة والمعاد كاحد ادلتها وان كانت هناك ادلة أخرى عليها:

« 1ـ الصلة بين "العدل" و"النبوّة" :
«إنّ العدل الإلهي يقتضي:

أوّلا: إرسال اللّه تعالى للأنبياء بالهدى ودين الحقّ لهداية البشر.

ثانياً: تسديد الأنبياء بمعاجز كي يثق الناس بهم ويطمئنوا بأنّهم هم الذين أرسلهم الله لهدايتهم.

ولولا العدل الإلهي لجاز لله أن لايرسل نبي ولا معجزة ويفعل بالناس كيف يشاء.»

2 ـ الصلة بين "العدل" و "الإمامة" :

«إنّ العدل الإلهي يقتضي أن يجعل الله الأئمة والأوصياء بعد خاتم الرسل وذلك للحفاظ على ما جاء به والتصدّي للمسؤوليات التي كانت على عاتقه. ولولا العدل الإلهي لجاز لله أن يترك الأُمة بعد الخاتمية، ويتركهم من دون هداية وإرشاد.»

3 ـ الصلة بين "العدل" و "المعاد" :

«إنّ الاعتقاد بالعدل الإلهي هو الذي يستلزم الاطمئنان بالوعد الإلهي وتحقّق المعاد وذلك ليفرّق فيه بين المطيعين والعاصين وبما أنّ هذا غير متحقق في النشأة الدنيوية ، فيجب أن يكون هناك نشأة أُخرى يتحقق فيها هذا الوعد، ولولا ثبوت العدل الإلهي لم تتحقق الثقة والإطمئنان بوعد اللّه تعالى ، فيبطل بذلك أصل "المعاد" .[4]»
»

الثالث: أمر تاريخي، وهو أنّ قسماً من أهل السنّة (وهم الأشاعرة) قد أنكروا عدالة الله ، معتبرين بانَّ لا معنى للعدالة والظلم للَّه، ومالكية الله سبحانه وتعالى لعباده تعطيه حقّ أن يفعل بهم ما يشاء، فلا يبقى معنى للظلم في ما إذا عاقبهم بلا ذنب. وهذا ما أوجب تأكيد الشيعة على عدل الله سبحانه وتعالى.[5]

الرابع: بما أنّ العدالة الاجتماعية أصبحت من أهم اسس المجتمع الإنساني فاختيار العدالة كأصل من أصول الدين يمثل رمزاً لاحياء العدل في المجتمعات البشرية ومكافحة كل أنواع الظلم.[6]

انظر أيضا[عدل]

المراجع[عدل]

  1. ^ الشيخ جعفر السبحاني، مفاهيم القرآن (العدل والإمامة)ِ ، الجزء : 10 صفحة : 5. نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ محمّد جعفر الأسترآبادي ، البراهين القاطعة ، الجزء : 2 صفحة : 367. نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ الحلّي ، نهج الحق وكشف الصدق ، الجزء : 1 صفحة : 72. نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ علاء الحسّون (تبريزيان) ، العدل عند مذهب أهل البيت(عليهم السلام) ، صفحة:20، 21. نسخة محفوظة 09 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ السيد کاظم الحائری ، اُصول الدين ، الجزء : 1 صفحة : 124. نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  6. ^ الشیخ ناصر مکارم الشیرازي ،دروس في العقائد الاسلامية ، الجزء : 1 صفحة : 68-69. نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.