استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

استيلاء الحوثيين على السلطة
جزء من الأزمة اليمنية  تعديل قيمة خاصية (P361) في ويكي بيانات
 

التاريخ 18 أغسطس 2014 - مستمرة
المكان  اليمن
النتيجة النهائية
الأسباب الفساد، الفقر، محسوبية، زبائنية
الأهداف المعلنة:

الحقيقية :

المظاهر
التنازلات المقدمة اتفاق السلم والشراكة الوطنية
اتفاق 21 يناير 2015
الأطراف
الحوثيون

اليمن المؤتمر الشعبي العام

اليمن الحرس الجمهوري
المرحلة الأولى

اليمن حكومة باسندوة
اليمن وزارة الداخلية
التجمع اليمني للإصلاح
اليمن الفرقة الاولى مدرع
المرحلة الثانية
اليمن عبد ربه منصور هادي
اليمن حكومة خالد بحاح
المرحلة الثالثة
السعودية السعودية
تجمع الإصلاح

ميليشيات إنفصالية


قادة الفريقين
اليمن علي عبد الله صالح

اليمن أحمد صالح
عبد الملك الحوثي
أبو علي الحاكم

السعودية سلمان بن عبد العزيز

اليمن عبد ربه منصور هادي
علي محسن الأحمر
حميد الأحمر


 

استيلاء الحوثيين على السلطة أو انقلاب 21 سبتمبر هو استحواذ جماعة الحوثيين على القرار السياسي في اليمن بعد طردهم السلطات الحكومية. بدأت باحتجاجات مفتعلة على قرارٍ للحكومة اليمنية يقضي برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وتحولت إلى إشتباكات بين الحوثيين، قوات علي عبد الله صالح، وميليشيات حزب التجمع اليمني للإصلاح وعلي محسن الأحمر. في 21 سبتمبر 2014، اقتحم الحوثيون مقر الفرقة الأولى مدرع التي يقودها علي محسن الأحمر وجامعة الإيمان الإصلاحية بعد أربعة أيام من الاشتباكات مع الفرقة الأولى مدرع، وسيطروا على مؤسسات امنية ومعسكرات ووزارات حكومية دون مقاومة من الأمن والجيش وأعلن منتسبو التوجية المعنوي بوزارة الدفاع تأييدهم لـ"ثورة الشعب".[1] الألوية العسكرية التي اشتبكت مع الحوثيين في سبتمبر 2014 كانت مرتبطة بعلي محسن الأحمر وموالية لحزب التجمع اليمني للإصلاح آيديولوجياً.[2]

وجرى بعدها التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية برعاية الأمم المتحدة والذي قضى بتشكيل حكومة جديدة بقيادة خالد بحاح خلفًا لما سُمي بحكومة الوفاق الوطني.[3] هرب علي محسن الأحمر وحميد الأحمر وتوكل كرمان وآخرين مرتبطين بهم إلى السعودية،[4][5] وأعقب السيطرة على صنعاء معارك في إب والحديدة والبيضاء مع ميليشيات حزب التجمع اليمني للإصلاح وأُتهمت جماعة الحوثيين بخرق وعرقلة اتفاق السلم والشراكة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.[6][7] إذ أرادوا من حكومة خالد بحاح أن تكون صورية تشرعن لهم إستيلائهم على الدولة.[8]

قدم عبد ربه منصور هادي وخالد بحاح إستقالتهما في 22 يناير 2015 بعد هجوم الحوثيين على دار الرئاسة في 19 يناير، إحتجاجًا على موادٍ في مسودة الدستور الجديد. وذلك بعد يومين من اختطاف أحمد عوض بن مبارك وتهديدهم بـ"اجراءات خاصة" مالم تُنفذ مطالبهم.[9] أصدر الحوثيون ما أسموه بالـ"إعلان الدستوري" في 6 فبراير وقاموا بحل البرلمان،[10][11] وتمكين "اللجنة الثورية" بقيادة محمد علي الحوثي لقيادة البلاد،[12][13][14] وأعلنوا عن عزمهم تشكيل مجلس وطني من 551 عضوًا، ومجلس رئاسي من خمسة أعضاء بقيادة محمد علي الحوثي وهو ما رُفض محليًا ودولياً.

أعلن جمال بنعمر عن إستئناف المفاوضات لحل أزمة فراغ السلطة في 9 فبراير 2015.[15] لم يبت مجلس النواب في استقالة عبد ربه منصور هادي وغادر إلى عدن في 21 فبراير معلنًا عن نفسه رئيسًا من جديد في بيانٍ نُسب إليه.[16][17] في 26 فبراير 2015، أصدر مجلس أمن الأمم المتحدة بيانًا يصف فيه عبد ربه منصور هادي بالـ"رئيس الشرعي" داعيًا جميع الأطراف وبالذات الحوثيين إلى الانخراط بحسن نية في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة.[18] وأعلن جمال بنعمر عن إمكانية نقل مكان المفاوضات إلى "مكان آمن" خارج صنعاء.

لم تنجح المفاوضات وفي 26 مارس 2015، سيطرت قوات الجيش وميليشيات الحوثيين على عدن وهرب عبد ربه منصور هادي إلى السعودية. فجر اليوم التالي، قامت طائرات سعودية باختراق المجال الجوي اليمني وقصف أهداف عسكرية ومدنية، فكانت بداية الحرب.[19] جذور النزاع تعود إلى ما قبل الاحتجاجات الشعبية عام 2011 وتطور إلى حرب أهلية مفتوحة بين فصائل متعددة بأجندات مختلفة، يسيطر الحوثيون وقوات علي عبد الله صالح على أجزاء واسعة من البلاد ويخوضون معارك مع ميليشيات إصلاحية وإنفصالية ممولة سعودياً.

في يوليو 2015 أصدرت اللجنة الثورية للحوثيين قرار بتعويم أسعار المشتقات النفطية، وهو السبب الذي أتخذوه ذريعة لإسقاط الحكومة والسيطرة على السلطة، وتقرر أن سعر اللتر البنزين ب135 ريال يمني.[20] ولكن هذا القرار حبرًا على ورق، حيث كانت المشتقات تباع في السوق السوداء دون توفرها في المحطات الرسمية، ومنذ أكتوبر 2015 بدأت المشتقات النفطية تباع في محطات التعبئة بسعر السوق السوداء بسعر يتراوح ما بين 400 - 500 ريال للتر الواحد.[21]

خلفية[عدل]

في 30 يوليو 2014 م أعلنت حكومة الوفاق رفع الدعم عن المشتقات النفطية حيث بلغ سعر لتر البنزين 200 ريال يمني بعد أن كان بـ125 ريال فقط وبلغ سعر اللتر من مادة الديزل 195 للتر بعد أن كان سعر اللتر بـ 100 ريال.[22] تسبب القرار بموجة من الاحتجاجات الشعبية في العديد من محافظات اليمن ولكنها كانت احتجاجات غير منظمة بسبب عدم وجود أي جهه حزبية كبيرة تحتضن المحتجين الذين لم يجدوا وسيلة لتعبير عن رفضهم لقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية سوى قطع الطرقات واحراق الاطارات في الشوارع.[23] قُتلت إمراة برصاص قوات الأمن أثناء تفريقها للمحتجين.[24] واستمرت تلك الاحتجاجات لأربعة ايام ولكن سرعان ما ضعفت وتيرتها.

لم تكن المرة الأولى التي تُعلن فيها الحكومة اليمنية رفع الدعم عن المشتقات النفطية لتلافي الإنهيار الاقتصادي. قالت الحكومة أن فقط ربع الدعم المخصص للمشتقات النفطية كان يستفيد منه الفقراء،[25] أما الباقي فالمستفيد الحقيقي منه كانوا حلفاء علي عبد الله صالح القبليين والعسكريين الذين يبيعون الديزل المدعوم لدول مجاورة محققين أرباحا طائلة.[26] في عام 2005، خرج صالح بإعلان عدم ترشحه للرئاسة عام 2006 لإلقاء اللائمة على رئيس الوزراء حينها عبد القادر باجمال والذي كان مجرد واجهة، والسبب الرئيس الذي كان يدفع صالح لمناورة صندوق النقد الدولي بشأن رفع الدعم كان خشيته إنقلاب حلفائه عليه.[27]

أكثر من 50% من المواطنين يعيشون على أقل من دولارين يوميًا و30% يعانون من إنعدام الأمن الغذائي، فإزالة أحد الفوائد الإجتماعية القليلة الملموسة مثل دعم المشتقات النفطية سبب كاف للخروج إلى الشوارع.[28] عوضا عن إعادة تشكيل النظام السياسي وجلب أصوات سياسية جديدة ومعالجة الفساد وتقديم حكومة متجاوبة ومسؤولة، عرقلت المصالح الحزبية حكومة باسندوة واستمرت هيمنة النخب القبلية والعسكرية التي شكلت عماد نظام علي عبد الله صالح.[28] افتقرت ماعُرف بحكومة الوفاق إلى تخطيط إقتصادي منسق وبقيت الوزارات الرئيسية محل تنافس الأحزاب السياسية التي فشلت في العمل على إيجاد رؤية موحدة لأجل اليمن.[28] استثمر الحوثيون التذمر من هيمنة حزب التجمع اليمني للإصلاح لصالحهم، فطالبوا بتغيير الحكومة والتظاهر ضد الفساد وسوء الإدارة وإنعدام الخدمات العامة وهي نفس صيحات المتظاهرين عام 2011.[28]

رفع الدعم عن المشتقات النفطية مفيد للإقتصاد اليمني لإنه لا يحتمل تكلفته نظرا لانخفاض الناتج القومي للفرد والعجز المالي الكبير، ولكن الحكومة لم تقم بإيجاد توافق سياسي ولا تهيئة الجمهور للقرار.[28] صحيح أن قرار رفع الدعم كان متوقعًا، لكن الحكومة لم تقدم أي إشعار مسبق وحجم التخفيض كان أكثر حدة مما كان متوقعًا، مما أدى إلى زيادة بنسبة 60٪ في سعر البنزين و95٪ زيادة على وقود الديزل. ولم تقم الحكومة بأي إصلاحات هيكلية تُذكر في البنية الإقتصادية والسياسية بالموازاة مع قرار رفع الدعم ولا حتى حملة توعوية توضح أسباب إتخاذها القرار وعن كيفية استخدام المال المتوفر عن رفع الدعم، اليمنيون لا يثقون بأن الأموال المتوفرة ستذهب لصالح المواطن بل إلى جيوب مجموعات مختلفة من المسؤولين الفاسدين.[28] تكشف عملية رفع الدعم وما رافقها عن إنعدام كفاءة وأهلية المسؤولين اليمنيين.[28] الإدارة الضعيفة وعدم وجود كفاءة في القدرات التقنية للهيئات الحكومية التنفيذية وغياب الدافع عند المسؤولين أمر قديم ومعروف لكل من تعامل مع اليمنيين، ولم يتغير كثيرًا في حكومة خالد بحاح والتي وإن كانت تحمل الدوافع والمحفزات للعمل، لم يكونوا تكنوقراط بالضرورة كما صورتهم الإدارة الرئاسية باستثناء بضعة أسماء.

في 2 سبتمبر 2014 أصدر الرئيس هادي قرار بالتراجع عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وعادت الأسعار إلى ما كانت عليه من قبل رفع الدعم عنها، حيث أصبح سعر اللتر الواحد سواء بنزين[؟] أو ديزل[؟] مبلغ 150 ريال يمني.[29]

في يوليو 2015 بعد استيلاء الحوثيين على السلطة، أقرت اللجنة الثورية للحوثيين، تعويم أسعار النفط بناءاً على قرار حكومة الوفاق برفع الدعم عن المشتقات النفطية، وهو السبب الذي إتخذه الحوثيين ذريعة لإسقاط الحكومة والسيطرة على السلطة، وبحسب قرار الحوثيين فأنه سيبدأ العمل به من تاريخ 15 أغسطس 2015 وقضى القرار برفع رسوم الجمارك، والضرائب، وصندوق الطرق، وصندوق التشجيع، وهي رسوم كانت تضاف للسعر السابق. كما قضى القرار بإضافة خمسة ريالات يمنية للتر الواحد، من مادتي البنزين، والديزل، لتمويل إنشاء محطة كهرباء.[20]

ونص القرار على أن تضاف رسوم أخرى لصالح إنشاء ميناء نفطي لمدة عامين، بواقع 1.60 ريال يمني على لتر الكيروسين و1.54 على لتر البنزين و1.79 على لتر الديزل.[30] وجاء القرار فيما تشهد المدن اليمنية أزمة خانقة في المشتقات النفطية والغاز المنزلي، حيث تباع المشتقات النفطية في محطات السوق السوداء بأسعار تصل إلى أضعاف السعر الرسمي.

خلفية اقتصادية[عدل]

الاقتصاد اليمني هو زراعي تاريخيًا، والحديث هنا هو عن خلفية "شمال اليمن" تحديدًا لكونها الحالة التي أُسقطت على الجمهورية اليمنية ولم تتغير الثقافة السياسة والاقتصادية عن المملكة المتوكلية اليمنية كثيراً. خلال عهد المملكة المتوكلية اليمنية في النصف الأول من القرن العشرين، حرص آل حميد الدين على حماية بلادهم من الأطماع الخارجية وتبنوا سياسة إنعزالية لذلك. سيطر الأئمة على أراض واسعة ووزعوها على المقربين منهم وقيادات جيوشهم القبلية، فكانت السيطرة على الأراضي الزراعية (الاقتصاد) مصدر القوة الرئيسي للطبقات الحاكمة وحكمها الاقطاعي، وهي ممارسة وعقلية استمرت عقب سقوط المملكة. عقب إنقلاب 1962، أصبحت الحكومة الجمهورية معتمدة إعتمادًا كليًا على التمويل والدعم الخارجي ولا زالت على هذه الحال إلى اليوم.[31]

في عام 1994، لجأت الحكومة اليمنية إلى صندوق النقد الدولي للقيام ببرنامج دمج هيكلي في مقابل دعم الصندوق لمشاريع إنمائية. لمواكبة السياسات النيوليبرالية لصندوق النقد الدولي، قامت الحكومة بخطوات بطيئة لمحاولة خصخصة وتحرير الاقتصاد ومن أهم هذه الخطوات كان رفع الدعم عن المشتقات النفطية.[32] لم تستطع الحكومة اليمنية منذ ذلك الحين إلغاء الدعم نهائيًا والسبب الرئيسي لذلك يعود لإستفادة شخصيات نافذة من الدعم بتهريب الديزل المدعوم لدول مجاورة. توقع البنك الدولي أن رفع الدعم بدون تدابير تعويضية سيزيد من نسبة الفقر، وهو ماتجاهلته الحكومة. تحسن الأداء الإقتصادي بعد خطة صندوق النقد الدولي بصورة ملحوظة، ولكن التحسن لم يكن متعلقًا بخطة الإصلاح بل بارتفاع مداخيل القطاع النفطي في التسعينات والعقد الأول من الألفية الجديدة. بمعنى أن التحسن الاقتصادي لم يكن مرتبطا بسياسة إنتاجية مستدامة أو مستمرة بل بريع نفطي مؤقت.[33]

الثروة تٌخلق على يد العمالة البشرية، فتحديات الاقتصاد اليمني بدرجة كبيرة منها، هي إجتماعية وسياسية.[32] علي عبد الله صالح والتجمع اليمني للإصلاح استغلوا الفرص الإقتصادية لتقوية مراكزهم سياسيًا، فعقود الدولة كانت تُمنح للموالين للنظام ومداخيلها كانت تصرف وفق معايير سياسية لا أولويات إقتصادية أو شروط إدارية. وكلهم يخشون الاستقرار المؤسسي ولذلك، مؤسسات اليمن السياسية والاقتصادية في غاية الضعف وبلا تأثير يُذكر.[33] الحكومة اليمنية ترفع الدعم عن المشتقات النفطية كاجراء يمنع الانهيار ولكن الاقتصاد اليمني ككل لن يتحسن إلا عندما تكون السياسة الاقتصادية موجهة لتحقيق النمو لا الحفاظ على النفوذ السياسي أو تقويته.[33] فرص الاقتصاد اليمني هي في القطاع الخاص، الحكومة بحاجة لتنويع الاقتصاد وزيادة النمو من خلال خطة استثمارية وطنية متماسكة مبنية على بنية تحتية إجتماعية ومادية جيدة، تقوم بتوجيه الاستثمار نحو التنمية الاقتصادية على المدى الطويل، وهو ما يحتاج إلى سلم مجتمعي. هذا يبدو بديهيًا، ولكن أزمات اليمن السياسية ليست بذات البساطة.[34]

خلفية سياسية[عدل]

بعد إتفاق المبادرة الخليجية عام 2012، وُجدت في اليمن رئاسة وحكومة لا تملك إرادة سياسية لتحقيق الإصلاحات والتغييرات المتوقعة وكل قرارتها منذ 2012 كانت تهدف إلى إعادة توزيع الأدوار بين طرفي أزمة 2011.[28][35] الرئاسة والحكومة اليمنية تشيد بالمبادرة الخليجية - اليمن ليست عضوا في ذلك المجلس - لحل الأزمة اليمنية عام 2011، بحسب تسمية المبادرة ووسائل الاعلام السعودية لها،[36][37] وألقت باللائمة على ثورة الشباب اليمنية كسبب للانهيار الاقتصادي وتردي الأوضاع بشكل عام.[38][39] لم تتحول ثورة الشباب اليمنية لأزمة إلا فور ركوبها من حلفاء علي عبد الله صالح المنشقين كالجنرال علي محسن الأحمر ورموز حزب التجمع اليمني للإصلاح، والمشاكل التي تمر بها اليمن ليست وليدة العام 2011، بل نتاج تفاقم مشاكل تعود إلى ستينيات القرن العشرين.

اليمن ليس كدول ما سُمي بالربيع العربي لإنه كان على حافة التصنيف كدولة فاشلة منذ العام 2007 على الأقل.[40] ورفع الدعم عن المشتقات النفطية وإستغلال غضب المحتاجين لم يكن سوى وسيلة تُمكن الحوثيين من الاستيلاء على السلطة وفرض إرادتهم السياسية عليها.[41] لم يكن إسقاط الحوثيين للحكومة حدثًا معزولًا بل إستمرارية للصراع السلطوي الذي بدأ قبل الاحتجاجات الشعبية عام 2011 بين علي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر وحلفاؤه في حزب التجمع اليمني للإصلاح، والذي هو بدوره نتيجة لأساس المعضلة اليمنية المتمثلة بغياب النظام[؟]. وأعراض غياب النظام[؟] السياسي في اليمن تتمثل في تنامي الصراعات وأعمال الشغب والعنف الغوغائي، هيمنة "قادة" تبنوا سياسات إقتصادية وإجتماعية كارثية، إنتشار الفساد على نطاق واسع بين الوزراء وموظفي الخدمة المدنية، تراجع معايير الكفاءة البيروقراطية، تعديات متكررة على حقوق وحريات المواطنين، ضعف سلطة الهيئات التشريعية والمحاكم، وتجزئة وأحيانًا التفكك الكامل للأحزاب السياسية، ومناعة شبه معدومة أمام التدخلات الخارجية.

أسباب صعود الحوثيين[عدل]

تتعدد أسباب صعود جماعة الحوثيين منذ عام 2012، وهناك عدة نظريات و"تحليلات" تعتمد على موقع المتحدث. السعودية وأطراف مرتبطة بها في اليمن، ينظرون للحوثيين بأنهم "ذراع لإيران أو الفرس"، وأنهم شيعة إثنا عشرية. "محللون" إصلاحيون فسروا صعود الحوثيين وربطوه بما أسموه بالـ"تقارب الأميركي الإيراني" على حد تعبيرهم.[42][43][44] ما يقوله زبائن السعودية اليمنيين هو إنعكاس لموقفها بطبيعة الحال، فالأحاديث عن تقارب أميركي إيراني هو موقف المملكة السعودية أصلاً.[45]

باحثون وأكاديميين بالاضافة لوثائق ويكيليكس، قللوا من شأن هذه الإتهامات، ستيفين داي، أستاذ مساعد بكلية رولينز ومؤلف كتاب "المناطقية والتمرد في اليمن"، يقول تحركات الحوثيين مدفوعة بديناميكيات محلية، والروايات السائدة عن الأحداث في المنطقة لديها القليل لتفعله مع الحقائق والواقع في اليمن.[46] وثائق ويكيليكس منذ العام 2009 كانت قد قللت من شأن هذه الاتهامات وقالت بأن تسليح الحوثيين محلي.[47] دبلوماسيون بريطانيون غير مُعرَّفين أدلوا بتصريحات مشابهة.[47] غريغوري غوس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة فيرمونت ومؤلف كتاب "العلاقات السعودية اليمنية: الهياكل الداخلية والنفوذ الأجنبي"، يقول بأن التركيز على الجوانب الطائفية أو النظر للأحداث من عدسة طائفية يشوش جهود التحليل ويصرفها لأهداف غير مرغوبة.[48]

لوكاس وينتر، محلل سياسي في قاعدة فورت ليفنوورث العسكرية بكانساس، يقول بأن التعميم بشأن "شيعية" الحوثيين صحيح جزئيًا ولكنه يهدف إلى حجب جذور النزاع والتغطية على حقيقة أن الزيدية فرع متميز عن المعتقدات الممارسة في إيران والعراق ولبنان.[49] في عام 2014 و2015، دور إيران في الأحداث التي مرت بها اليمن لا زال غير واضحًا وملتبسًا وليس بوضوح علاقتها بحزب الله أو الميليشيات العراقية.[50][51][52] ولم تتوفر معطيات أو دلائل بأن المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، مرتبطة بطريقة ما بأحداث اليمن،[53] أو أن هناك تغيرًا جذريًا في موقف الولايات المتحدة منذ 2004 سواء تحت إدارة ديمقراطية أو جمهورية. هناك علاقة بين الحوثيين وإيران ولكن هذا القسم يتحدث عن أسباب صعودهم وما إذا كان للإيرانيين يد في هذا الصعود.[54] آيديولوجيتهم، سياسيًا ودينيًا، والاتهامات المضادة، موضوع آخر بحاجة لكثير من التفصيل.

عوامل صعود الحوثيين في اليمن هي أربعة:[28][55]

المبادرة الخليجية[عدل]

الحصانة لعلي عبد الله صالح من المسائلة القانونية، بالإضافة للمنقلبين عليه من حلفائه،[56] سمحت له بلعب دور حيوي وحاسم في تأمين التحالفات القبلية والعسكرية التي سمحت للحوثيين بالسيطرة على صنعاء في 21 سبتمبر 2014.[57] المبادرة الخليجية منحت أشخاصا كعلي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر ليس فقط فرصة الهروب من استحقاقات محاكمة عادلة وعدالة انتقالية، بل فرصة للاستمرار بلعب دورٍ في السياسة اليمنية وهو ماخلق فراغًا في السلطة نتيجة المماحكات وأعمال العنف بالوكالة بين هذه الأطراف.[58]

اتفاق المبادرة الخليجية أنتج بنية سياسية مصطنعة وضعيفة، كان اتفاقا لايقاف اطلاق النار بين قوات علي عبد الله صالح (ألوية الحرس الجمهوري والأمن الخاص) من جهة، وقوات علي محسن الأحمر (ألوية الفرقة الأولى مدرع وميليشيات تجمع الإصلاح) من جهة أخرى. رسميًا، لم تشر المبادرة إلى هذه الشخصيات والتكتلات واعتبرت ثورة الشباب اليمنية "أزمة سياسية" بين حزب المؤتمر الشعبي العام وتكتل أحزاب اللقاء المشترك.[59] ولكن الصراع على السلطة ليس بين مشاريع سياسية وإقتصادية مختلفة، بل بين مراكز قوى نافذة تنتمي لعصبة قبلية ومناطقية واحدة وتجمعها ثقافة سياسية مشتركة.[60][61][62] تطابق الثقافة السياسية وعدم إختلاف الأهداف يظهر في تصريحات وسلوكيات قيادات تجمع الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام، حميد الأحمر، قيادي في تجمع الإصلاح ويمتلك نصف صنعاء،[63] قال عام 2011:[64]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة الشباب والمتعلمين ليسوا الأكثر تأثيرًا في اليمن، اللاعبين المهمين هم رجال الدين ومشايخ القبائل استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

مثل علي عبد الله صالح بالضبط الذي يسمي أصحاب الكفاءات بالـ"مبنطلين" (من بنطال) وقال في مقابلة قديمة مع جيزيل خوري:[65]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة لدي نصف مليون قبيلي يتحركون بأسلحتهم تحت إمرتي، فما هي حاجتي للمبنطلين؟ استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

في خضم الاحتجاجات، كان قادة تجمع الإصلاح يحذرون من أن الديمقراطية "مغامرة اليمن ليس مستعدًا لها".[66] الذي حدث عام 2011 كان إعادة تدوير رموز نظام علي عبد الله صالح ولم يحدث أي تغيير للهياكل السياسية أو نمط السلطة القائم، لم تكن هناك محاولات لتغييرها أصلاً.[67] المبادرة الخليجية مكنت مراكز قوى النظام الذي ثار الشعب لاسقاطه من إكمال صراعهم تحت الطاولة عبر وكلاء قبليين وعسكريين متعددين عوضًا عن إدارة البلاد، وتزايدت حدة الصراع مع اقتراب موعد اختتام مؤتمر الحوار الوطني. مؤتمر الحوار الوطني كان فكرة أميركية وليست سعودية وأُدرجت خلال المفاوضات قبل تقديم المبادرة الخليجية،[68] والهدف من الحوار كان كسر رتابة الحالة اليمنية المتمثلة بهيمنة مجموعة صغيرة على الحياة السياسية،[69] بينما أرادت السعودية من خلال مبادرتها حماية وكلائها الذين دافعوا عن مصالحهم وإمتيازاتهم خلال سير جلسات الحوار، الذي اصطدم بواقع يمني يطغى عليه المكر السياسي ومعادلة توازن قوى بين خصوم ينتمون لنفس الثقافة السياسية واستمروا بممارسة النفوذ في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية.[70][71] فطالما أن علي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر وشركاؤهم بقيوا في اليمن، لم تكن البلاد لتشهد تغييرًا حقيقيًا وملموساً.[72][73]

لأن أزمات اليمن لم يكن لها أن تُحل بتنحي علي عبد الله صالح واستلام عبد ربه منصور هادي السلطة وإجراء إنتخابات برلمانية، فمؤسسات الدولة اليمنية ضعيفة ومجرد السيطرة عليها لا يعني السيطرة على البلاد، فتنحي علي عبد الله صالح عن الرئاسة لم يعني أنه فقد السيطرة.[73] منذ نقل السلطة عام 2012، يتحكم بالسياسة اليمنية ثلاثة أقطاب رئيسية هم عبد ربه منصور هادي وعلي محسن الأحمر (حزب التجمع اليمني للإصلاح) وعلي عبد الله صالح. قلب الصراع بين التحالفات الثلاث كان الوصول إلى مؤسسات الدولة ومواردها، وتسخيرها بما يخدم هذه الفصائل بتأمين مصالحهم الاقتصادية وصيانة شبكات المحسوبية التي توطد سلطتهم.[74] عبد ربه منصور هادي لم يكن معروفًا بين اليمنيين طيلة 17 عامًا كنائب لعلي عبد الله صالح، ولكن الحصانة لعلي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر التي شملت شركاؤهم بطبيعة الحال، لم تكن وسيلة ناجعة لجلب الأمن والإستقرار لأمة ممزقة بالحروب مثل اليمن.[75]

بما أنهم لم يُحاكموا، كان على قادة الفصيلين المتناحرين مغادرة اليمن لنفوذهما على الجيش والأجهزة الأمنية وتحكمهما بميليشيات قبلية.[73] وبما أنهم بهذا النفوذ، فمن الطبيعي أن يلجئوا لوكلاء قبليين وعسكريين لزعزعة إستقرار الأمن الداخلي ماشعروا أن هناك محاولات لتقليم أظافرهم.[76] بوجود واستمرارية علي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر وشركاؤهم، مشكلة اليمن المتمثلة بعدم وجود دولة قومية تستوعب جميع مواطنيها وديمقراطية تجلب معها سيادة القانون، لم تكن لتجد طريقها إلى الحل.[77]

بالإضافة إلى غياب الشفافية[؟] خلال توقيع المبادرة الخليجية وطبيعتها كاتفاق تقاسم للسلطة بين علي عبد الله صالح وحلفائه المنشقين،[78] المبادرة الخليجية أصبحت مرجعية فوق دستور اليمني أو تم إعتبارها كذلك من قبل الموقعين على ذلك الاتفاق، إذ تنص المبادرة الخليجية التي توافق عليها حزب المؤتمر الشعبي العام وتكتل أحزاب اللقاء المشترك على التالي:[79]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

تنافس عبد ربه منصور هادي مع نفسه في انتخابات مرشح واحد عام 2012،[80] وهي لم تكن انتخابات واستفتاء، لإن الانتخابات والاستفتاء مصطلحات توحي بعملية ديمقراطية وهي ليست الحالة هنا. إذ لم تجري "الانتخابات الرئاسية" بناءً على مطالب شعبية أو بحسب الدستور، بل وفقًا لاتفاق بين رؤوس الأحزاب صاغه لهم سعوديون، بالكاد يعرفون أي شيء عن الحكومات التمثيلية.[81] ولأن من صاغ عملية الانتقال هذه كان يهدف لخدمة مصالحه، كان متوقعًا أن تقوم جهات خارجية بتغذية عوامل التوتر بين الجهات الفاعلة محلياً.[82]

بتعطيل الدستور، لم يمتلك المجتمع الدولي خطة بديلة ووضعوا كافة آمالهم خلف المشروع السعودي للتحول الديمقراطي في اليمن. جزئيًا، يعود ذلك لأسباب تاريخية فهم اعتادوا البقاء في الظلام ما تعلق الأمر بهذا البلد، فسياسته الفعلية ليست إختلافًا في الآيديولوجيات والبرامج السياسية بل شبكة غير مفهومة من التحالفات، ومحاولة تقييم سياسات السعودية في اليمن أمر مماثل في المشقة.[83] اعتقدوا أن هذه الفصائل الثلاث المتصارعة ستلتزم باتفاق المبادرة الخليجية، لأن دافع المجتمع الدولي بشكل رئيسي كان الاستقرار في اليمن وإن كان بثمن ترك علي عبد الله صالح وأضرابه دون محاكمة. افترض المجتمع الدولي بما أن اليمن دولة ضعيفة وتعتمد على المساعدات الخارجية بشكل كامل، فمن شأن ذلك أن يولد خوفًا عند زعماء تلك الفصائل من عرقلة المرحلة الانتقالية بشكل علني وصريح. ولكن تقديراتهم كانت مخطئة، فأولئك لم يقوموا باستخدام شبكاتهم القبلية والعسكرية لفرض أجنداتهم السياسية فحسب، ولا مجرد تفريخ مئات الوسائل الاعلامية واستيعاب كل عاطل عن العمل ليصبح صحفيًا وناشطًا ومحللًا ليشرعن تصرفاتهم ويلغي شرعية خصومهم، بل عرضوا خدماتهم وأبدوا استعدادهم الكامل لتمرير أجندة رعاة خارجيين.[74]

سبب آخر لمعارضة المبادرة الخليجية،[84] أنها قصة نجاح للسياسة الخارجية للمملكة السعودية اتجاه اليمن باستمرارية وضعه كـ"حديقة خلفية"، فهي ليست قصة نجاح يمنية بأي معيار.[85] الهدف الحقيقي للسعودية من وراء مبادرتها كان ابقاء المؤسسة السياسية على حالها وإعاقة أي عملية تغيير سياسي حقيقية في البلاد بما يضمن إستمرار الهيمنة السعودية على اليمن، فالسعودية لديها زبائن في اليمن يعرقلون الإصلاحات السياسية الحقيقية والملموسة فاختارت عبد ربه منصور هادي الذي كان متوقعًا أن يصبح هدفاُ لكل الأطراف المعنية.[86] بما أنها القوة الأجنبية المهيمنة على القرار السياسي والاقتصادي اليمني، أرادت السعودية بديلًا لعلي عبد الله صالح يحفظ النظام ومؤسساته السياسية على حالها، فكانت المبادرة الخليجية لمنع تحقيق ثورة حقيقية.[87] السعودية بنت سياستها الخارجية في المنطقة من تجربتها خلال الحرب الأهلية في الستينات، نشر الوهابية ودفع الرشاوى للسياسيين وشخصيات إجتماعية وإعلاميين في دول عديدة ولكن الحالة اليمنية هي الأقدم والأوضح.

منذ خمسة عقود والسعودية تدفع مليارات الدولارات سنويًا لآلاف المشايخ القبليين، المسؤولين الأمنيين، والحكومة اليمنية كذلك. هذه السياسة منعت السلطات اليمنية من إحتكار السلطة وضمان سلامة حدودها والتي تعد من أساسيات أي دولة في العالم.[88] عملت السعودية للحفاظ على حكومة مركزية ضعيفة في اليمن وجهات سياسية فاعلة منقسمة على نفسها. للحفاظ على نفوذها، أقامت علاقات مع قادة سياسيين يعملون في الحكومة ومشايخ قبليين يشكلون ثقلا موازنًا لهم.[89] تركي الفيصل رفض إعتبار هذه المدفوعات رشاوى واصفًا إياها بـ"المساعدات"،[90] وبرغم توقف الرشاوى لزبائن المملكة عبر مكتب سلطان بن عبد العزيز عام 2011، إلا أن فصائل عديدة بمن في ذلك عائلة الأحمر استمرت في تلقي الرشاوى السعودية عبر قنوات أخرى.[88] جمال خاشقجي اقترح تسمية هولاء بـ"أصدقاء السعودية في اليمن"، تدفع لهم السعودية الأموال لممارسة النفوذ، الحماية، والاستقرار وهو مايهم السعودية وفقا لخاشقجي.[91]

رفض المحتجون عام 2011 المبادرة الخليجية التي وافقت عليها الأحزاب السياسية في شهر أبريل من تلك السنة، والسبب في ذلك إحساسهم أنها مؤامرة أجنبية تهدف إلى إجهاض ثورتهم.[92] ومن الجدالات الرئيسية التي كانت تتداول على نطاق واسع حينها، أن تسليم السلطة لعملاء السعودية أسوأ من حكم علي عبد الله صالح وبالكاد هم ممثلون لتغيير سياسي حقيقي وملموس.[92] فكليهما قطبي نظام فاسد يستحيل إصلاحه.[93] مثلما أفادت توقعات عديدة منذ العام 2011، فقيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح كانت جزئاً رئيسيًا في نظام علي عبد الله صالح ولن تسمح بظهور نظام سياسي ديمقراطي تمثيلي يخضع للمسائلة.[94] فالأحداث والسياسات التي تلت توقيع تلك المبادرة، أظهرت أن علي محسن الأحمر وحميد الأحمر وغيرهم من أقطاب التجمع اليمني للإصلاح، لم يكونوا يهدفون لتحقيق تغيير جذري في الحالة السياسية والاقتصادية اليمنية حتى ولو لم يطمحوا للحكم بأنفسهم مباشرة.[74]

شبكة محسوبية علي عبد الله صالح وعدم بناء مؤسسات الدولة هي النتيجة المباشرة للنفوذ السعودي، فهو مثل السعوديين قرر أن ينشئ شبكة محسوبية خاصة به هو الآخر.[88] الثعابين التي يشير إليها في سياسته التي سماها بالـ"رقص على رؤؤس الثعابين"، ليسوا سوى زبائن السعودية في اليمن. لفهم دور حزب التجمع اليمني للإصلاح وتحالفاته القبلية والعسكرية، هم كانوا الوسيلة المثالية والأكثر فعالية لضمان بقاء اليمن في حالة شبه دولة،[95] الرئيس صالح كان أشياء كثيرة ولكنه لم يكن "صديقهم"، تركه السعوديون لأنه لم يتعرض لشبكاتهم واعتمد على النظام القبلي ولم يتصرف بشكل علني لتقوية الحكومة المركزية، وهي سياسة أسعدت السعوديين.[96] يُقال عن علي عبد الله صالح أنه كان يقول لليمنيين أن "يجربوا حظهم" في مهمات التسول العابرة للحدود، ويقصد زيارات مشايخ قبليين ومسؤولين وربما يمنيين عاديين لقصور آل سعود في كل عام لطلب العطايا والهبات والـ"مكرمات".[97] بشكل عام، عملية الانتقال من أي كان ذلك النظام الذي أقامه علي عبد الله صالح إلى دولة جمهورية ديمقراطية فعّآلة، لن تنجح عندما تتم برعاية مملكة هدفها الرئيسي إثبات أن الجمهوريات والديمقراطيات أنظمة حكم غير ناجحة.[98]

مع كل هذا، وجدت جماعة فتيَّة بلا أي سابقة في الحكم، لا تحمل مشروعًا سياسيًا واضحًا ولكنها تجيد الحديث عما تعارضه وتبرع في إبراز الثغرات المنطقية والتناقضات الدعائية ومظاهر الفشل في خصومهما، فاستغلت جماعة الحوثيين الاحباط الشعبي من زيف عملية الانتقال السياسي وعدم فعالية الحكومة الناتجة عن الاتفاق السعودي. ولكن شعبيتهم التي صعدت بسبب فشل خصومهم وضعف عبد ربه منصور هادي ولا علاقة لها بنثرياتهم المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل، انحسرت كثيرًا عندما غيروا استراتيجيتهم بعد 21 سبتمبر 2014، من دعم الحكومة الجديدة إلى محاولة السيطرة عليها واستنساخ أساليب خصومهم في اختلاق شبكات محسوبية داخل مؤسسات الدولة باسم "الشراكة".[99][100][101]

هيمنة حزب الاصلاح[عدل]

منذ عام 2012، تزايدت شعبية جماعة الحوثيين بين الرافضين للمبادرة الخليجية وحاولوا تقديم أنفسهم كحركة وطنية، وتحول صراعهم ضد نظام علي عبد الله صالح في صعدة إلى صراع مع حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي قام بتنشيط ميليشياته الجهادية في دماج. تلك المراكز الوهابية الممولة سعوديًا،[102] كانت تحت مراقبة وكالات استخبارات مختلفة كمقرات تنشئة لإرهابيين لفترة طويلة،[103] منذ تفجير سفارات الولايات المتحدة 1998 وحادثة تفجير يو إس إس كول عام 2000 على الأقل.[104] لطبيعة جماعة الحوثيين الأصلية كحركة إحيائية للزيدية، خلافهم الرئيسي والحقيقي هو مع حزب التجمع اليمني للإصلاح وليس علي عبد الله صالح وله جذور تعود إلى حروب صعدة الست وما قبلها، إذ كان الوهابية المرتبطين بحزب الإصلاح يُستعملون كمقاتلين غير نظاميين ضد الحوثيين خلال الفترة مابين 2004 و2010 برعاية واشراف السلطة.[105][106][107] وكان قيادات تجمع الإصلاح رأس حربة تلك المعارك، فالسعودية مولت ميليشيات تابعة لعائلة الأحمر لقتالهم.[108][109]

منذ الاحتجاجات عام 2011، كان حزب التجمع اليمني للإصلاح رافضًا لتواجد الحوثيين وتزايدت حدة مواقفه مع اندلاع الاشتباكات بين ميليشيات الطرفين في محافظة الجوف.[110] أُستهدف المحتجون الحوثيون بخطاب تحريضي ووزعت منشورات تصفهم بـ"أعداء الثورة".[111] حزب التجمع اليمني للإصلاح لم يبدأ ثورة الشباب اليمنية ولكنه سيطر على مجرياتها ووجه الاحتجاجات لتحقيق أجنداته. بدأ باعتباره مؤيدا مترددًا للـ"ثورة"، وعندما ظهر أن علي عبد الله صالح بدأ بفقدان السيطرة في أواخر الربيع، انتقل التجمع للسيطرة على الموقف كعنصر فاعل ورئيسي في العملية الثورية بقدرته التعبوية داخل المساجد، والتمويل القادم من حميد الأحمر للعاطلين عن العمل وهو ما أدى إلى إعادة هيكلة الاحتجاجات، وحرف أهدافها وتصاعد الاتهامات بـ"سرقة الثورة".[112] بالتخويف والتهديد والضرب وشن حملات تكفير، بحلول شهر يونيو عام 2011، خلت "ساحات التغيير" من أي متظاهرين مستقلين تقريباً.[113] أكثر من نصف المحتجين في "ساحات التغيير" كانوا إصلاحيين واعترف محمد السعدي حينها، الأمين العام المساعد لحزب الإصلاح ووزير الصناعة والتجارة في حكومة الوفاق، أن الاصلاحيين في الساحات يتلقون أوامرهم من الحزب مباشرة.[111] الوتيرة المتسارعة التي يغير فيها الحزب مواقفه، أبقت الحزب خارج السلطة وبلا مصداقية، ولم يمكن إعتباره بديلًا موضوعيًا لعلي عبد الله صالح لأن حزب التجمع اليمني للإصلاح كان جزئاً رئيسيًا من تركيبة ذلك "النظام".[114]

الشباب لم يكونوا موحدين، مشتتين بلا قيادة سياسية ولا قنوات تواصل مع أحد سواء داخل اليمن أو خارجها، فمن الطبيعي أن يسيطر حزب التجمع اليمني للإصلاح على سير الاحتجاجات ويوجهها الوجهة التي يريد، لأنه مهما بلغ حجم الاحتقان الشعبي في مكان ما، فهو ليس كافيًا لتحقيق التغيير دون قيادة سياسية تمتص هذا الاحتقان وتترجمه بالقتال لأجل الأهداف التي حملها المحتجون. كل النظم سواء كانت ديمقراطية أو سلطوية، عرضة للمصادرة من قبل عناصر نخبوية تحاول استخدام النظام لبناء سلطتها الشخصية والشباب لم يمتلكوا الوسائل ولا القيادة التي تحفزهم على مقاومة هذه القوى. في مثل هذه الحالات، يُعقد الأمل على القوى السياسية في المجتمع المتغير لبناء نظام سياسي فاعل مع تقدير المشاكل والظروف التي تمر بها البلاد المعنية. حزب التجمع اليمني للإصلاح أعلن عن عزمه بناء ما سماه بـ"الدولة المدنية الحديثة"، مصطلح مبهم وغير معروف ومع ذلك وجد طريقه إلى مسودة الدستور الجديد. لا يوجد دستور في العالم يعرف الدولة بأنها "مدنية" لسبب بسيط أنه لا يوجد شي إسمه "دولة مدنية".(بالإنجليزية: Civil State)‏ يعرفها قاموس أكسفورد بالـ"حالة المدنية" ما إذا كان المرء متزوجا أو أعزبًا ولا علاقة لها بأي نظام حكم،[115] المعنى الوحيد للدولة المدنية قد يكون أنها نقيض للدكتاتورية العسكرية وإلا فإن المصطلح لا يتداول بين علماء السياسة وأقرب شئ للمصطلح هو المجتمع المدني وهذا ليس نظامًا حاكماً.

هذه الجزئية وإن كانت تبدو غير مهمة أو جانبية، فهي تكشف عن عدم كفاءة أعضاء الحزب والآخرين ممن شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني، الذين لن يذكروا كآباء مؤسسين للجمهورية في كتب التاريخ اليمني. فعندما لا يعرف منظروا ومثقفوا الحزب أنه لا يوجد في العلوم السياسية ما يسمى دولة مدنية، يصبح التشكيك في قدراتهم وكفائتهم التقنية لزامًا وأمرًا طبيعياً. ظهر انعدام الكفاءة وغياب الأهلية وعدم قدرة حزب التجمع اليمني للإصلاح على الإيفاء بوعوده ليس في بناء دولة ديمقراطية فحسب، فبناء الدولة يستغرق أعوامًا وهي عملية مستمرة ولا تتوقف، بل في تقديم الخدمات الأساسية للناس. بامكان اليمنيين أن يتناسوا تاريخ الحزب وقياداته، لو كانت هناك بوادر على وجود رؤية لليمن ولكن ما ارتكبه حزب التجمع اليمني للإصلاح بعد إستيلائه على الاحتجاجات هو "خطأ" وقعت فيه العديد من القوى السياسية في المجتمعات المتغيرة والطامحة للإنتقال لنظم ديمقراطية، وهو توجيه جهودهم للاستيلاء على غنائم الحكومة الساقطة أو تقاسمها مع قوى سياسية أخرى بدلًا من القيام بأعمال مثل جمع الضرائب وتقديم تعليم فعّال وما سواها من الأمور التي تعكس وجود رغبة وإرادة حقيقية بتحسين الواقع المعيشي للمواطنين.

كل المجتمعات تبدأ بدول توارثية، وهي حكومات يعمل فيها أهل وأصدقاء الحاكم، أو تسيطر عليها نخب مهيمنة مجتمعياً. هذه الدول تجعل فرص الوصول إلى السلطة السياسية والاقتصادية محدودة وحكرًا على أفراد يفضلهم النظام، وتبذل القليل من الجهد لعلاج مشاكل المواطنين على أساس قواعد ومعايير مطبقة على الجميع.[116] إما أن تتمكن من تحديث الحكومة وبناء بيروقراطية للدولة، أو تفشل في التطور على الإطلاق وتستمر في سياسات الزبائنية المعتادة في بلد مثل اليمن، حيث تسيطر نخبة إجتماعية محدودة ليست مسيسة بالضرورة، تتحكم في بلد ومجتمع زراعي أصلًا ويعاني من الفقر، بينما هذه النخب تنتمي لطبقات قبلية من غير "الفلاحين" ولديها فرص أفضل للحصول على الأسلحة والتدرب على استخدام العنف بما يحقق مصالحها. مع توسع المجتمع، تقوم تلك النخب بتوسيع دائرة الزبائن المحتملين. تجاوز علي محسن الأحمر وحميد الأحمر قاعدتهم القبلية الأصلية وتمكنوا من استيعاب زبائن من فئات أخرى تنتمي لحزب التجمع اليمني للإصلاح، وهو ماخلق إحساسًا زائفًا روج له إعلام الحزب أن قياداته تجاوزت ما يسمونه بـ"المركز المقدس"،[117] وهي إشارة لتركز السلطة والثروة والمناصب العسكرية في المرتفعات الشمالية للبلاد منذ ثمانينيات القرن العشرين. ولكن هذا ليس تغييرًا ولا عملًا ثوريًا لأن المبدأ المنظم للحياة السياسية لم يتغير بقيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح، كل ما فعله أنه قام بتوسيع دائرة الزبائن والانتقال من اختيارهم بناءً على أسس مناطقية وقبلية إلى أسس حزبية وفي حالة التجمع، يعني ذلك أنها دينية أيضاً.

قبل بدء جلسات الحوار الوطني، كان قادة الاصلاح يتحدثون عن "تحالف قبلي" ضد الحوثيين وعلي عبد الله صالح برعاية صادق الأحمر وعلي محسن الأحمر ورئيس الأمن السياسي السابق غالب القمش وذلك لـ"فرض هيبة الدولة".[118] عمل هذا الائتلاف على مصالح مشتركة قبل 2011 وقام بتحويل سير الاحتجاجات ومخرجات مؤتمر الحوار بما يتناسب مع تلك المصالح.[8][119] عرقلوا مشروع العدالة الانتقالية،[120] وهدفهم الرئيسي والوحيد منذ ما قبل 2011 كان مجرد التخلص من علي عبد الله صالح إما لشعور انتابهم بضعفه أو لصراع على الغنائم.[121] فهم جميعًا متورطون بانتهاكات ومسؤولون عما آلت إليه الأوضاع في اليمن.[122] عائلة الأحمر وعلي محسن الأحمر لم يوجهوا اهتمامهم ناحية المكتب الرئاسي بدلا من ذلك، استخدموا المبادرة الخليجية لضمان إنشاء نظام يعمل لتحقيق مصالحهم التي تتضمن مصالح تجارية في قطاع الاتصالات وقطاعي النفط والغاز.[123] برغم أن الحزب حصل رسميًا على ثلاث وزارات فقط في حكومة باسندوة، لم تخفى هيمنة تجمع الإصلاح. اعتمدوا على عبد ربه منصور هادي ظاهريًا، وقاموا بتقوية شبكاتهم داخل الوزارات والمؤسسات الحكومية والأمنية، واعتمادهم الحقيقي كان على الروابط القبلية والعسكرية للمناورة وفرض أجنداتهم.[124][125]

ازداد تعدي حلفاء تجمع الاصلاح على مؤسسات الدولة، لا سيما على مستوى الإدارة المحلية وخصوصا في مسألة إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية.[126] فقرارت إعادة هيكلة الجيش التي أصدرها عبد ربه منصور هادي عام 2012، لم تؤثر على علي محسن الأحمر ذلك أن المقالين من الجيش استبدلوا بعناصر من حزب التجمع اليمني للإصلاح أو "قوى الثورة".[123] سجل الحزب كان ضعيفًا في مكافحة الفساد بل أظهر اهتمامًا بالحفاظ على السلطة بالطريقة التي يألفها وهي المحسوبية والولاء القبلي. قللت قيادات الحزب القبلية والعسكرية من ظهورها العلني على الساحة وحرصوا على متابعة مصالحهم وصيانتها عن طريق التجمع اليمني للإصلاح وسياساته الرسمية.[123] فكانت النتيجة ظهور حزب التجمع اليمني للإصلاح بمظهر المنتصر الوحيد خلال الفترة الأطول من المرحلة الانتقالية.[127] وازدادت الانتقادات من فصائل مختلفة والتي تحمله مسؤولية فشل المرحلة الانتقالية، إنهيار الاقتصاد، وتردي الحالة الأمنية.[128]

كل هذه العوامل استثمرها الحوثيون وعلي عبد الله صالح، بالتأكيد أهداف عبد الملك الحوثي وعلي عبد الله صالح لم تكن متعلقة بمعالجة هذه السياسات، استفادوا من سياسات حزب التجمع اليمني للإصلاح لمناكفة السلطة، فعلي عبد الله صالح كان يتلقف أي إستياء شعبي من حزب التجمع اليمني للإصلاح لتضخيمه وتطويعه في آلته الدعائية، وكذلك فعل الحوثيون. بالنسبة للعديد من اليمنيين حينها، كان هجومهم على تجمع الإصلاح فرصة لفك عقدة من عقد السياسية اليمنية.[129] وجد الطرفان أنفسهم في حالة نفور مشترك من تجمع الاصلاح وتحالفاته العسكرية والقبلية وبالتالي عملوا على إخراجهم من السلطة مرة واحدة وإلى الأبد، وإن كان معظم التركيز إتجه ناحية تحالفات الإصلاح وليس الأساس الإخواني داخل الحزب.[128] وهو يثبت أن الصراع في اليمن صراع سلطوي على غنائم الحكومة وموارد الدولة وليس إختلافًا في المشاريع والأهداف السياسية، فحزب التجمع اليمني للإصلاح أداة سياسية لعائلة عبد الله الأحمر وعلي محسن الأحمر.[130]

بالإضافة لمحاولة السيطرة على مؤسسات الدولة والموارد، أظهرت القوى المتصارعة إستعدادها تقديم خدمات لرعاة أجانب خلال الفترة الانتقالية.[123] حسين الأحمر كان قد شكل ميليشيات مدعومة سعوديًا منذ ما قبل 2012،[108] هناك مؤشرات على توقف الرشاوى السعودية لشبكة العملاء من مكتب سلطان بن عبد العزيز عام 2011،[131] ولكن مصادر مختلفة تشير لعودتها عبر قنوات أخرى.[132] حرص حزب التجمع اليمني للإصلاح على إشعال سياسات الهوية بدلا من التنافس على برامج سياسية، تردد حسين الأحمر على قنوات سعودية مستعملًا لغة طائفية يصور خلالها المعارك،[133] واصفًا جماعة الحوثيين بالـ"روافض"، برغم أنه وعائلته وقبيلته قادمون من خلفية زيدية.[134] وكانت تربطه علاقات وثيقة مع تاجر السلاح المقرب من الحوثيين فارس مناع. يُعتقد أن حسين أراد تقديم خدمة للسعودية بتصوير نفسه "مجاهداً" ومحالفًا للجماعات الوهابية بدماج والمرتبطة بالسعودية بدورها.[135] هدفه وحزب التجمع اليمني للإصلاح كان تدويل أو عولمة النزاع سنيًا بدلالة حجم البروباغندا على شبكة الإنترنت،[136] بهدف إثارة اهتمام الممولين الخليجيين، السعوديين تحديدًا، للإرهاب. وهو ما دفع بالكثير إما لمساندة الحوثيين أو التعاطف معهم أو البقاء على الحياد.[ملاحظة 1] رهان عائلة الأحمر على سياسات الهوية باحياء تحالفتها التقليدية مع القوى الوهابية والإخوانية المرتبطة بحزب التجمع اليمني للإصلاح، أفقدهم التعاطف داخل قبيلتهم حاشد نفسها.[123]

هناك من يجادل بأن مركز الحزب في صنعاء يختلف عن فروعه المحلية، وأنه يتعرض للإحراج من سلوكيات حلفائه.[128][137] هذا ما يقوله بعض قيادات الحزب عندما يلتقون بغربيين ولكن لا توجد مؤشرات على صحة هذا الجدال، بدلالة أن مبادئهم السياسية لم تتغير على مستوى القواعد والقيادات.[138] على سبيل المثال، كان أعضاء الحزب يكتبون مقالات يُفهم أو يُستخلص منها أن الفرقة الأولى مدرع مجرد ميليشيا تابعة لعلي محسن الأحمر بغض النظر عن الفكرة التي أراد صاحب المقال إيصالها، وسط إنكار الحزب رسميًا وإصراره أن الجيش لا يتبع جهة معينة إلا الدولة. ولكن الحزب نفسه وعلى موقعه الرسمي اعترف في 13 أبريل 2015 تزامنًا مع التدخل العسكري السعودي في اليمن، أن الفرقة الأولى مدرع كانت مرتبطة به بالفعل وتحدث عن المسألة باعتبارها أمرًا إيجابياً.[139] هناك خلافات بين مكونات تجمع الاصلاح المختلفة، أظهرت تسجيلات صوتية بين حميد الأحمر وجمال بنعمر عدم ثقة الأحمر بمحمد قحطان، الذي قال عنه حميد أنه أحد أسباب تناقض خطاب حزب التجمع اليمني للإصلاح فهو لا يمثل إلا نفسه.[140] محمد قحطان يُذكر في مصادر غربية بأنه من "الفصيل المعتدل" داخل التجمع.[141] لذلك، أي جدالات عن "إحراج" يتعرض له الحزب من حلفائه قد يكون صادرًا من الفصيل "المعتدل" داخل الحزب، ولكنهم لا يدلون بتصريحات كهذه أمام اليمنيين أو الصحافة الناطقة بالعربية.

الحملة على جماعة الإخوان المسلمين[عدل]

بعض المصالح المحلية تقاطعت مع تلك الخارجية، لم يكن ليتقدم الحوثيون إلى محافظة عمران في 2 فبراير 2014 لولا إدراكهم بتصاعد حالة النقم والسخط اتجاه عائلة الأحمر في أوساط حاشد.[142][143] على الرغم من محاولة النخب الجاهدة لتأطير الصراع طائفيًا أو بأي صورة أخرى، الوصول إلى السلطة والموارد السياسية هو أساس الصراع.[144] محافظة عمران كانت اقطاعية خاصة ببيت الأحمر، ورغم أن عبد الله بن حسين الأحمر كان رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، إلا أنه رفض السماح للحزب ببناء مدارسه الوهابية في المناطق التابعة لقبيلته.[145] فالعامل الديني لم يكن فاعلًا ولا مؤثرًا خلال معارك الحوثيين في عمران فجل أبنائها لا يزالون زيدية، ولكن حتى هذا لم يكن سببًا لمعاونتهم الحوثيين.

من المحتمل تنامي مشاعر معادية لأبناء عبد الله بن حسين الأحمر داخل حاشد لأسباب عديدة لخصها قريب لهم يدعى ياسر الأحمر:[146]

«قتل وتقطعات في الطرق، إثارة النعرات بين القبايل، ونهب المشاريع المخصصة للمنطقة. حرموا المنطقة من مختلف مشاريع الحياة من تعليم وصحة. حتى الطريق لا يوجد إلا أمام بيتهم فقط، المنطقة لا زالت على الطبيعة كما خلقها الله، لن تجد مشروعا خدميًا واحداً. هم تعمدوا أن تبقى حاشد هكذا كي يبقى أبنائها عساكر عندهم، وتعمدوا تجهيل الخلق (الناس) وجعلهم قتلة وقطاع طرق يخوفوا بهم الناس ومراكز النفوذ الأخرى»

في نفس الوقت، من المؤكد أن مشايخ حاشد الذين قاتلوا تجمع الاصلاح أو رفضوا مساعدة عائلة عبد الله الأحمر، موالون لعلي عبد الله صالح.[147] من خلال ما يُفهم من رسائلهم وتصريحاتهم، رواتبهم التي يتسلمونها من الحكومة السعودية توقفت حينها. مشايخ قبليين من حزب المؤتمر الشعبي العام برئاسة علي عبد الله صالح، وهو حزب بلا آيدولوجية سياسية ومعظم قادته من الباحثين عن الريع ويحددون مواقفهم بناء على حسابات الربح والخسارة الشخصية،[148] كانوا ناقمين على بيت الأحمر ويعتبرونهم المتسببين بايقاف مرتباتهم التي يتسلمونها من السعودية، إذ باركوا تصنيف السعودية للإخوان المسلمين كجماعة إرهابية بل قدموا إعتذارًا لمن وصفوهم بـ"أصدقائنا وحلفائنا التي تربطنا بهم علاقات مصيرية وتاريخية منذ الأزل" ويقصدون السعودية، على ما اعتبروه تصويرًا لحاشد كقبيلة إخوانية بسبب إرتباط عائلة الأحمر بحزب التجمع اليمني للإصلاح.[149] إيقاف الرشاوى السعودية لم يكن مرتبطا بـ"إخوانية" بيت الأحمر المزعومة بل بسبب الانقسام الذي أصاب بنية النظام عام 2011.[150]

استمر تنسيق حزب المؤتمر الشعبي العام مع الحوثيين في عمران بشكل غير رسمي أو معلن، وبدأت الأحداث بمظاهرات احتجاجًا على المحافظ الإصلاحي القادم من محافظة إب، والذي كان يتحدث بصراحة عن تسخير المؤسسة العسكرية لمساندة حسين الأحمر في حربه مع الحوثيين،[151] تم تلبية مطالبهم بتغيير المحافظ في 8 يونيو 2014. ثم طالبوا بتغيير قائد اللواء 310 (الفرقة الأولى مدرع) باعتباره تابعًا لعلي محسن الأحمر ومواليًا لحزب التجمع اليمني للإصلاح، وكان كذلك بالفعل.[152] فخاضوا معارك متقطعة مع حميد القشيبي وكان يُنظر لهدف الحوثيين حينها رغبتهم بتعيين قائد عسكري محايد لا يسخر إمكانيات الجيش لصالح فصيل حزبي، ولكنهم أرادوا التخلص من حزب التجمع اليمني للإصلاح فحسب والاستيلاء على المحافظة، فلم تكن تحركاتهم مدفوعة بمبادئ وأهداف لتحسين الإدارة المحلية.

وزارة الدفاع التي رفضت مباركة عمليات اللواء 310 وصرحت في أكثر من مناسبة عن وجوب تحييد المؤسسة العسكرية عن الصراعات الحزبية،[153][154] في إشارة واضحة لنفوذ علي محسن الأحمر وحزب التجمع اليمني للإصلاح على اللواء 310 مدرع. قُتل حميد القشيبي في 8 يوليو 2014 وأُستلم مقره من أحد الألوية التي كانت ضمن الحرس الجمهوري. بمقتل القشيبي، انهارت آخر معاقل حزب التجمع اليمني للإصلاح وعائلة الأحمر داخل الجيش اليمني وفي عمران، وبقي علي محسن الأحمر وحيدًا في صنعاء حتى هروبه في 21 سبتمبر 2014.[55] حجم الأضرار التي ألحقها الحوثيون بعائلة الأحمر زادت من شعبيتهم،[155] ضرب عائلة الأحمر كان له دلالة رمزية على اضعاف النفوذ السعودي ودخول اليمن مرحلة جديدة من تاريخه المعاصر، وساعد في تشكيل صورة جماعة الحوثيين كـ"حركة وطنية" تطهر اليمن من مراكز النفوذ المتهمة بالفساد.[156]

ولكن المسألة أكثر تعقيدًا من ذلك، منذ 30 يونيو 2013، تبنى الاعلام الاصلاحي، وليس الحزب رسميًا الذي دخل في حرب بيانات رسمية مع حزب المؤتمر الشعبي العام لاثبات ولاء واخلاص كل منهما للسعودية،[157] مواقفًا "حادة" من المملكة السعودية والإمارات بسبب عزل محمد مرسي واتهم السعودية بدعم الحوثيين، وتبنى نظريات عديدة عن أسباب هذا التحول مثل منع السعودية التنقيب عن النفط في محافظة الجوف،[158] وأنها تسعى لاعادة أسرة حميد الدين لحكم اليمن،[159] وغيرها من النظريات والتحليلات الكثيرة التي طلع بها الحزب بهدف التلاعب بالرأي العام. مسألة التنقيب عن النفط في محافظة الجوف وإن كانت حقيقية،[160] ولكنها ليست مرتبطة بهذه القضية.

على مدى عقود، كان سلطان بن عبد العزيز آل سعود المسؤول الرئيسي عن "اللجنة الخاصة"، لجنة صغيرة أوجدت شبكة واسعة من العملاء والمخبرين في اليمن. آلاف اليمنيين يتلقون رشاوى من اللجنة التي بلغت ميزانيتها السنوية في أوجها 3.5 مليار دولار إلى تقليص المبالغ بعد اتفاق ترسيم الحدود عام 2000.[161][162] من الصعب تحديد أوقات توقف وتدفق الرشاوى لأن عمل هذه اللجنة ليس رسميًا وقائم على اتصالات وعلاقات أفراد من آل سعود مع زبائن في اليمن، أمراء مختلفين لديهم زبائن متعددين.[163] على صعيد آخر، هذه المسألة يُتعامل معها بقدر كبير من الراحة في اليمن ولذلك، عندما يتحدثون عن تدخلات من إيران والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أو أي جهة أخرى،[164][165][166] هم لا يتحدثون من منطلقات وطنية بقدر ما يعكسون حرصًا بحماية إحتكار رعاتهم. هناك بضعة أمراء يتعامل معهم العملاء اليمنيون، سلطان بن عبد العزيز ونايف بن عبد العزيز متوفون، هناك محمد بن نايف وسلمان بن عبد العزيز عندما كان وزيرًا للدفاع،[167] وبندر بن سلطان كان مشاركًا، أما سعود الفيصل فكان لديه القليل ليقوله بشأن لأن اليمن بالنسبة لهم ليس مسألة سياسة خارجية.

هولاء العملاء ليسوا حكرًا على فصيل واحد ولكن حزب التجمع اليمني للإصلاح هو أوضحهم بسبب أن عبد الله الأحمر، الرئيس السابق وأحد مؤسسي الحزب، كان "رجل السعودية في اليمن". توقفت الرشاوى السعودية عام 2011، ولكنها عادت بعد ذلك بفترة قصيرة وكانت عائلة الأحمر من المشمولين،[168] ورضخوا لضغوطات سعودية لايقاف إطلاق النار مع قوات علي عبد الله صالح عام 2011.[169] تقلص عدد مستلمي الرشاوى وليس من المعروف ما إذا استمرت الزعامات القبلية الموالية لعلي عبد الله صالح باستلام الأموال من السعودية، ولكن تصريحاتهم تقترح خلاف ذلك خصوصًا وأن السعودية كانت تبحث عن بديل لعلي عبد الله صالح ومعظم المؤشرات كانت تشير ناحية معسكر علي محسن الأحمر.[170] كان الرجل الثاني في النظام، رجل أعمال وقائد عسكري ولديه شبكة واسعة من المحاسيب والزبائن،[170][171] وهو مقرب من الجماعات الوهابية المناوئة للحوثيين.[172]

في نفس الوقت، كانت دولة قطر تقوي علاقاتها وشبكة نفوذها مع زبائن من فصائل إخوانية داخل حزب التجمع اليمني للإصلاح.[173] من المحتمل أن ذلك قد شكل عاملًا للاضطراب فبندر بن سلطان وصفها بأنها ليست دولة حقيقية بل "مجرد 300 شخص وقناة فضائية".[174] التعليق كان بخصوص أي فصيل مسلح يجب أن يُدعم في سورية، جبهة النصرة أو ما أصبح داعش.[175] ولكنه يظهر أن البلدين كانا يتنافسان على النفوذ الإقليمي ويشمل ذلك اليمن، برغم أن كلاهما داعم لفصائل إسلامية.[174] للتصدي للنفوذ القطري الجديد ونظرًا لتعدد الأمراء المسؤولين عن "الملف اليمني"، ربما أجرت السعودية اتصالات أو توصلت إلى تفاهمات متبادلة مع جماعة الحوثيين.[176] وبالنسبة لمشايخ حاشد المقربين من علي عبد الله صالح وحزب المؤتمر الشعبي العام بشكل أوسع، ربما رأوها فرصة لإعادة تدفق الأموال السعودية إليهم كمحاربين للإخوان المسلمين حتى أن آلتهم الدعائية أخذت بوصف أحمد علي عبد الله صالح بـ"سيسي اليمن".[177]

استمر إعلام حزب المؤتمر الشعبي العام بالحديث عن "مؤامرة قطرية" خلال الفترة الأطول ما بين 2011 و2014،[178] وذلك لتملق أو مداهنة السعودية. جماعة الحوثيين خففت من لهجتها إتجاه السعودية مقابل الابتذال عن مؤامرات "صهيو أميركية". حزب التجمع اليمني للإصلاح من جانبه، لم يعلن موقفًا واضحًا، علي محسن الأحمر تمنى ممن سماهم بـ"أولياء الأمور" قادرون على حل مشكلاتهم، داعيا إيران للـ"كف عن التدخل في شؤون المنطقة".[179] الحزب على الصعيد الرسمي، استمر بتسويق نفسه كبديل لحزب المؤتمر الشعبي العام وعلي عبد الله صالح،[180] ولكن لهجة وسائله الإعلامية كانت مختلفة والكثير من "تحليلاتهم" كانت صادرة أو مقتبسة عن صحيفة القدس العربي التي اشترتها قطر،[181][182] وصحف إخوانية ممولة منها حتى ديفيد هيرست، أول من أشار إلى إتصال سعودي بالحوثيين في الغارديان، أسس موقعًا باسم "ميدل إيست آي" (بالإنجليزية: Middle East Eye)‏ بمساعدة أشخاص مرتبطين بقناة الجزيرة.[183]

اليمن دولة بالغة الضعف وبنخبة سياسية كالمقدمة أعلاه، فهذا الاحتقان الاقليمي كان عاملًا من عوامل صعود الحوثيين وتراجع خصومهم ولكن مدى هذا التنسيق، إن وقع، ليس واضحاً.

الرقص على رؤوس الثعابين[عدل]

بالعودة إلى هذه الأحداث، كان من الممكن إيقاف تقدم الحوثيين حينها أو رسم حدود واضحة لهم على الأقل،[184] لم يُفصل حميد القشيبي لارتباطاته الفئوية ولم يُعين قائد عسكري ولواء يأتمر لوزارة الدفاع، كأن الرئاسة أرادت استبدال تجمع الإصلاح وتحالفاته المسلحة بفصيل مسلح آخر عوضًا عن الدولة نفسها. أراد عبد ربه منصور هادي التخلص من الحمل الثقيل المتمثل بعلي محسن الأحمر وشركائه ونجح في ذلك. فقد كان يُنظر إلى ماحدث في 21 سبتمبر 2014 واتفاق السلم والشراكة الوطنية بأنه انتصار لعبد ربه منصور هادي نفسه بالاضافة إلى الحوثيين. فالاتفاق حرر هادي من تأثير علي محسن الأحمر وحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي كان يستطيع عبر حلفائه فرض الكثير من التعيينات عليه.[185]

عبد ربه منصور هادي كرئيس إنتقالي، لم يرد إعلان الحرب ولم يشأ أن يظهر بمظهر الموال لحزب التجمع اليمني للإصلاح وعلي محسن الأحمر، بل لم يكن الجيش على الاستعداد الكامل لمواجهة الحوثيين، فرأى أنه وطالما أن الحوثيون يستهدفون علي محسن الأحمر والإصلاح، فمزيج من ضغط المجتمع الدولي والوساطات الرئاسية كفيل بايقاف تقدم الحوثيين وإستمرار المرحلة الانتقالية. الجانب السلبي لهذه الاستراتيجية أنها أفرغت الجيش من أي أحد قادر وبالارادة اللازمة لاحتواء الحوثيين.[184] فعبد ربه منصور هادي لم يمتلك قاعدة دعم قوية في الجيش.[184] والقوات الموالية لعلي عبد الله صالح لن يقاتلوا لانقاذ عبد ربه منصور هادي. كان متوقعًا أن تستمر السياسات والأساليب السابقة في الحكم منذ توقيع المبادرة الخليجية،[186] نظرًا للحالة التي تسلم عبد ربه منصور هادي السلطة خلالها. فالجيش منقسم، وقادته لا يخضعون للرئيس ووزارة الدفاع، وهناك فصائل مسلحة غير رسمية موالية لصالح وعلي محسن الأحمر، وسيطرة الحكومة خارج صنعاء، والتي كانت رمزية أصلًا قبل عام 2011، تقلصت بشكل حاد منذ ذلك الحين.[187]

مثلا، تقدمت الولايات المتحدة بطلب إلى الحكومة اليمنية عام 2012 لتوسيع عمليات الطائرات بدون طيار لـ"ضرب المجموعات التي تبدو ميليشاوية"، وهو مارفضته الحكومة اليمنية.[188] مثل هذه العمليات تسميها وكالة الاستخبارات المركزية بـ"ضربات التوقيع"، وهي سياسة تستهدف التجمعات التي تأوي عناصرًا من تنظيم القاعدة، يستند اختيار الهدف فيها على أنماط سلوكية أو خصائص فريدة تحدد مجموعة ما عوضا عن تحديد الفرد.[189] وهو مادفع بتنظيم القاعدة لتجنب الانزواء والتخفي بين التجمعات القبلية في باكستان، ذلك لأن جمع المعلومات وتحديد القيادات في مناطق نائية مضيعة للوقت، فالتنظيمات الارهابية مثل القاعدة ليس لها هياكل هرمية.[189] فصزبات التوقيع تمحي الشبكات الفرعية للتنظيم بشكل كامل بحيث لا يتمكن من تجميع قواه واستعادة أنفاسه بصورة سريعة.[189]

التفسير الوحيد لرفض الحكومة حينها، كان خشية ردة فعل سلبية من الجماعات الإسلامية،[188] التي تُعرف باسم حزب التجمع اليمني للإصلاح كذلك. هناك معارضة محلية لهذه العمليات، ولكن سبب رفض التجمع اليمني للإصلاح يعود لرغبته بالحوار معهم لا قتالهم. مخالفًا خطابه الأول منذ توليه السلطة الذي وعد فيه بـ"استئصال القاعدة والموالين لها"، أعلن عبد ربه منصور هادي في سبتمبر 2012، عزمه على الحوار مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وذلك بسبب "ضغوطات من وسطاء"،[190] وهولاء "الوسطاء" يتلقون تمويلًا ودعمًا سعوديًا للإحتياط ما تطلب الأمر تفعيل هذه الشبكات،[191] والحوار مع تنظيم القاعدة هي رغبة حزب التجمع اليمني للإصلاح.[192] فهذا مثال على التحديات والضغوطات التي واجهها الرئيس من كافة الأطراف.[193]

السيطرة على صنعاء[عدل]

أغسطس[عدل]

في 18 أغسطس 2014، حشد الحوثيون مظاهرات في صنعاء منددة برفع الدعم عن المشتقات النفطية وسبقها تهديد من عبد الملك الحوثي بـ"إسماع الحكومة لغة تفهمها" مالم تستجب لمطالب المحتجين. الناطق الرسمي باسم أنصار الله محمد عبد السلام قال أن الإطاحة بحكومة محمد باسندوة مطلب وطني وإحتجاجتهم سلمية ولكنهم "سيلجئون لخيارات أخرى" مالم تستجب الحكومة لمطالبهم، وأضاف أن الحكومة أثبتت فشلها في إدارة شؤون البلاد.[194] أرسلت الرئاسة وفدًا للتفاوض مع عبد الملك الحوثي.[195] الناطق الرسمي محمد عبد السلام قال أن الوفد الحكومي الذي توجه إلى صعدة قدموا لهم عروضا لـ"بيع الشعب" والقبول بصفقات، فردوا عليهم أنهم ليسوا طلاب سلطة ويريدون حكومة تكنوقراط لا يتحكم فيها نافذين.[196]

ردًا على مظاهرات الحوثيين، قامت الحكومة اليمنية وحزب التجمع اليمني للإصلاح بتسيير تظاهرات مضادة في 24 أغسطس 2014. وصفت الرئاسة المظاهرات المضادة بالـ"اصطفاف الشعبي" للدفاع عن "المكتسبات الوطنية" ورفضًا للمشاريع الطائفية و"السلالية"،[197] واُتهم الحوثيين بافتعال المشاكل مع الوهابية[؟] الذين زرعتهم السعودية في دماج مطلع الثمانينات،[198][199][200] والتسبب في بدء كل المعارك مع ميليشيات حزب التجمع اليمني للإصلاح في محافظة عمران وغيرها.[201] حزب التجمع اليمني للإصلاح المحرك الرئيسي للتظاهرات المضادة.[202]

واتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين باستغلال تذمر الشارع لتحقيق مكاسب سياسية. رد الحوثيون على هذا الإتهام بأن حزب التجمع اليمني للإصلاح كان أكثر من عزف على أوجاع الناس وقام بتوظيفها.[203] المبعوث الأممي لليمن جمال بنعمر قال في 28 أغسطس 2014 أن كل الأطراف مسؤولة وستكون مسؤولة عن الحالة التي وصلت وستصل إليها اليمن وعلى اليمنيين الاعتماد على أنفسهم لترتيب بيتهم الداخلي فالحل لن يأتي من الخارج مطالبا باستثمار دعم المجتمع الدولي لتحقيق تطلعاتهم وشدد على عدم القيام بأي أعمال من شأنها تهديد الأمن والإستقرار.[204]

مبادرة الرئيس[عدل]

في 2 سبتمبر 2014، أعلنت وسائل الإعلام الحكومية على لسان عبد ربه منصور هادي عن تشكيل حكومة جديدة بعد أسبوع من تاريخه سماها "حكومة وحدة وطنية" مع إمتلاك الرئيس لحق إختيار وزراء ماسماها بالـ"وزارات السيادية" وهي الدفاع والداخلية والخارجية والمالية. وفيما يلي بنود المبادرة:[205]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة
  • إعلان رئيس الجمهورية في اجتماع اللقاء الوطني الموسع أنه سيقوم خلال أسبوع بتكليف من سيشكل الحكومة بالتشاور مع المكونات السياسية.
  • للرئيس على وجه التحديد اختيار وتعيين الوزراء في الوزارات السيادية وهي وزارات، الدفاع، الداخلية، الخارجية، والمالية.
  • يحدد رئيس الجمهورية بالتشاور مع المكونات السياسية متطلبات تجسيد الشراكة الوطنية والكفاءة والنزاهة بما في ذلك تحديد حجم مشاركة طرفي المبادرة الخليجية والقوى السياسية الأخرى وأنصار الله والحراك الجنوبي السلمي والمرأة والشباب.
  • يُختار الوزراء على أساس التخصص والكفاءة والنزاهة وعلى المكون الذي سيشارك تقديم اسمين لكل منصب وزاري محدد له إلى رئيس الجمهورية، ويختار رئيس الجمهورية بالتشاور مع رئيس الوزراء اسم من بين الإسمين المقدمين.
  • يحدد رئيس الجمهورية للمكونات السياسية فترة زمنية محددة لتقديم مرشحيها للحكومة وأي طرف لا يقدم مرشحيه في الموعد المحدد أو يعزف عن المشاركة في الحكومة لرئيس الجمهورية إتخاذ القرار الذي يراه مناسبا وفقا لصلاحياته الدستورية.
  • يصدر رئيس الجمهورية قرار بإعادة النظر في الكلفة المضافة على السعر الدولي بما يؤدي إلى تخفيض سعر كل من مادتي الديزل والبترول 500 ريال يمني بحيث يصبح سعر مادة الديزل 3400 ريال يمني وسعر مادة البترول 3500 ريال يمني.
  • يتضمن برنامج الحكومة الجديدة إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية وتنفيذ حزمة من الإصلاحات العميقة بما في ذلك إعادة النظر بطرق الشراء لمادتي الديزل والبترول بما يضمن جعل السعر متحركا وفقا للأسعار الدولية مما يؤدي إلى مزيد من تخفيض السعر وجعل المشتريات النفطية علنية وبعيدا عن تعدد الوسطاء والعمولات واتخاذ قرارات اقتصادية مزمنة لمعالجة آثار رفع الدعم عن المشتقات النفطية للتخفيف عن المزارعين والصيادين وتحسين التحصيل الضريبي والجمركي وجميع الإيرادات العامة للدولة وإنهاء الازدواج الوظيفي وتعميم نظام البصمة والقضاء على كل مظاهر الفساد والعبث المالي.
  • يتضمن برنامج الحكومة الجديدة رفع الحد الأدنى للأجور.
  • التأكيد والالتزام من جميع المكونات والفعاليات السياسية بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وفقا لآليات مزمنة، واستكمال المهام المتبقية لصياغة وإقرار الدستور والاستفتاء عليه.
  • تلتزم المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة والأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل بتبني سياسة إعلامية وخطاب إعلامي بناء وإيجابي وداعم للعملية السياسية بشكل عام ولمخرجات الحوار الوطني بشكل خاص وتلتزم بعدم النيل من الأشخاص وكرامتهم وخصوصياتهم أو تبني ما يدعو للصراعات المذهبية والطائفية والمناطقية أو التحريض على الكراهية والعنف وتكلف حكومة الوحدة الوطنية بوضع الآليات المناسبة لذلك.
  • التأكيد والالتزام من جميع المكونات والفعاليات السياسية بنبذ ورفض العنف والتطرف والأعمال المخلة بأمن واستقرار البلاد بدءً بإزالة أسباب التوتر المتمثلة في التجمعات المحيطة بالعاصمة وداخلها من خلال إزالة المخيمات وفض الاعتصامات واستكمال بسط سيطرة الدولة على محافظة عمران ووقف المواجهات المسلحة في محافظة الجوف وبسط سيطرة الدولة على كافة أراضيها.
  • يدعو اللقاء الوطني الموسع والمكونات والفعاليات السياسية عبد الملك الحوثي وأنصار الله للمشاركة في هذا الحل الوطني تجسيدا للشراكة الوطنية وحفاظا على أمن واستقرار ووحدة اليمن من خلال تنفيذ ما عليه من التزامات في هذا الاتفاق وخاصة في الفقرات السادسة والسابعة من هذه المبادرة.

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

محمد عبد السلام، الناطق الرسمي باسم أنصار الله، قال أن ماصدر عن اللجنة الرئاسية لا يمثلهم واعتبره "تمييعا لمطالب الشعب".[206] علي البخيتي، وهو من مثلهم في مؤتمر الحوار الوطني، قال أنهم لن يٌخدعوا بإصلاحات مظهرية وأن مطالبهم واضحة وأضاف بأن مصير الحكومة الجديدة هو الفشل طالما أن نفس القوى السياسية ستقوم بتشكيلها ووزير أو وزيرين من الحوثيين لن يتمكنوا من تحقيق أي تغييرات إيجابية ولم يكن ذلك هو سبب خروجهم للمظاهرات.[207]

لم تعلن أي من الأحزاب السياسية موافقتها رسميا على المبادرة رغم توقيع بعض من أعضائها عليها.[208] حميد الأحمر، قيادي بحزب التجمع اليمني للإصلاح، قال في 2 سبتمبر 2014 بأن دعوة عبد ربه منصور هادي لـ"حكومة وحدة وطنية" تخالف ماسماه بالـ"شرعية التوافقية" بين طرفي الأزمة عام 2011 (يقصد المبادرة السعودية) وأي إلتفاف عليها ينسف شرعية مؤسسات الدولة القائمة.[209]

سبتمبر[عدل]

حشدت السلطة وحزب التجمع اليمني للإصلاح مظاهرات أخرى يوم الجمعة 5 سبتمبر 2014، قابله مظاهرات من الحوثيين وحشد على مداخل العاصمة وتوجيه من عبد الملك الحوثي بوضع شارات صفراء على ملابسهم يوم الأحد 7 سبتمبر 2014.[210] قُتل متظاهران وجرح العشرات عند اقتحام قوات مكافحة الشغب لمخيمات المتظاهرين بشارع المطار، اتهمت وزارة الداخلية المتظاهرين أو من سمتهم "عناصر خارجة عن القانون" بإغلاق الطريق المؤدي إلى المطار وإخراج موظفي وزارتي الكهرباء والإتصالات وأنكرت استخدامها للرصاص للحي.[211] حمل الناطق الرسمي باسم أنصار الله محمد عبد السلام مسؤولية تداعيات ماوصفه بالـ"عدوان" وأكد على حقهم في الدفاع عن النفس.[212] ولم يخلي المتظاهرون المنطقة بعد إقتحامها.[213]

في 8 سبتمبر 2014، خطب عبد الملك الحوثي قائلًا :[214]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة وأنا أقول أنه (عبد ربه منصور هادي) الآن أمام اختبار حقيقي أمام الله وأمام شعبه، أمام الله أولًا لأنه في موقعه كرئيس يتحمل المسؤولية أمام الله، وسيحاسبه الله يوم القيامة، يوم القيامة لا يمكن أن ينفعه لا علي محسن الأحمر ولا حميد الأحمر ولا كل أولئك الذين يخضعونه أو يوجهونه أو يدفعونه لتبني مواقف للدفاع عن الفساد والفاسدين، هو أمام اختبار حقيقي أمام الله وأمام شعبه، إمّا أن يكون مع شعبه، وأنا أقول مع شعبه جميعًا، لأن دعم المطالب الشعبية والوقوف معها هو وقوفٌ مع الشعب بكله، إذا كان مع شعبه هذا هو الشرف هذه هي المعزة، هذا هو مقام العز والخير، ليس مقام هوان استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

عبد الملك الحوثي، 8 سبتمبر 2014

في نفس اليوم، أعلنت مايسمى بالمنسقية العليا للثورة اليمنية شباب، التابعة لحزب التجمع اليمني للإصلاح،[ملاحظة 2] الخروج للشوارع لـ"إسقاط الجرعة" (رفع الدعم عن المشتقات النفطية) و"إسترداد الأموال المنهوبة" و"تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني".[215] في 9 سبتمبر 2014 وبعد يوم من تعيين قائد جديد لقوات الأمن الخاصة، أطلقت القوات الأمنية النار على المتظاهرين أمام مجلس الوزراء مما أدى لمقتل سبعة منهم على الأقل وإصابة خمسين بالإضافة إلى سائق سيارة إسعاف يدعى "محمد سعيد النمر".[216] وكالة سبأ الحكومية تقول أن المتظاهرين أرادوا إقتحام المبنى فقامت بـ"واجبها الأمني"،[217] نشرت قناة المسيرة مقاطع لمشاهد إطلاق النار مباشرة على رؤوس متظاهرين غير مسلحين.[218]

أعلن الناطق الرسمي محمد عبد السلام أن السلطة تعتبر الخيارات السلمية للتعبير غير مقبولة وتدفع الشعب لخيارات أخرى.[219] وكالة سبأ للأنباء في نسختها الإنجليزية، قالت أن القوات الأمنية لم تطلق النار صوب المتظاهرين، وألقت باللائمة على الحوثيين و"شخصيات مسلحة" أخرى مضيفة أن أجهزة الأمن تتعقب المسلحين من "الطرفين".[220] دارت إشتباكات قصيرة في منطقة حِزيَّز جنوبي صنعاء بين مسلحين حوثيين وقوات أمنية مساء ذلك اليوم. وكالة سبأ الحكومية قالت أن الحوثيين اعتدوا على محطة كهرباء حزيز وتمركزوا في عدد من المنشآت الحكومية وأستخدموا أسلحة خفيفة ومتوسطة.[221] مراسل بي بي سي عربي في اليمن عبد الله غراب، قال إن الحوثيين اشتبكوا مع وحدات عسكرية من قوات احتياط وزارة الدفاع بعد أن سيطر الحوثيون على مدرستين حكوميتين وأطلقوا النار منهما على معسكر الاحتياط.[222] الناطق الرسمي لأنصار الله قال أن قوة عسكرية إتجهت نحو مخيم الاعتصام في حِزيَّز بعد أحداث مجلس الوزراء وحاولت إزالة المخيمات، ولكن من وصفهم بالـ"مجاميع الشعبية لحماية المعتصمين" تصدوا لتلك الحملة.[223] أجرى رئيس الحكومة محمد باسندوة بعد الأحداث تغييرات في القادة الأمنيين حيث تم تعيين العقيد عبده القواتي مديرًا عامًا للشرطة بمحافظة صنعاء، والعقيد محمد الهجري مدير لإدارة شرطة الدوريات وأمن الطرق.[224]

قُتل ثمانية متظاهرين في 11 سبتمبر 2014 بمحافظة عمران إثر إنفجار ثلاث عبوات ناسفة زرعت في طريقهم بعد يوم من واحد من دعوة الحوثيين للتظاهر تنديدا بقتل المعتصمين أمام مبنى رئاسة الوزراء.[225] في 13 سبتمبر، اندلعت اشتباكات بين نقطة أمنية ومسلحين حوثيين "حاولوا إدخال أسلحة" وفقا لغراب مراسل بي بي سي، وقال مصدر أمني لغراب أن مسلحين حوثيين أطلقوا النار على نقطة أمنية بشارع التلفزيون. نفى الحوثيون هذه الرواية وقالوا أنهم تعرضوا لهجوم استهدف أعضائاً منهم كانوا من ضمن قافلة غذائية متجهة للمعتصمين.[226]

في 15 سبتمبر، علق الحوثيون مشاركتهم في المفاوضات التي أشرف عليها جمال بن عمر بسبب ما وصفوه بـ"تدخل أطراف خارجية"، وذلك بسبب بيان صدر عن الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية وهو الذي وصفه الناطق باسم أنصار الله محمد عبد السلام بأنه "أعاد المفاوضات إلى نقطة الصفر وتجاهل المطالب الشعبية، وهو مايثبت أن تلك الأطراف الخارجية تريد الهيمنة على إدارة البلد وتجاهل المطالب العادلة والمشروعة".[227] من جانبه اتهم عضو فريق المفاوضات عبد العزيز جباري الحوثيين بـ"محاولة السيطرة على الدولة تحت غطاء المطالب الشعبية بسبب أسعار الوقود"، وقال أن الحوثيين يطرحون "شروطا مغايرة أثناء التفاوض كإعادة تشكيل الأقاليم وحصولهم على منفذ بحري وإلغاء مجلسي النواب والشورى وتشكيل لجنة وطنية يكونون جزأ منها بدلا من غرفتي البرلمان".[228]

الاشتباكات[عدل]

في 17 سبتمبر، إندلعت مواجهات مسلحة في مديرية همدان شمال صنعاء بين الحوثيين ومسلحين يقودهم "صالح عامر" مدير مكتب علي محسن الأحمر مما أسفرت المواجهات عن مقتل 32 شخصاً. صحف حزب التجمع اليمني للإصلاح قالت بأن الحوثيين أرادوا الاستيلاء على منازل مواطنين بحجة أنها من أملاك آل حميد الدين، وفقًا لمزاعم صحف الحزب.[229][230] الحوثيون قالوا بأن مسلحين يتبعون حزب التجمع اليمني للإصلاح بقيادة "صالح عامر" قاموا باطلاق النار على أعضاء في الجماعة ومحاولة إقتحام منازلهم، فرد هولاء عليهم بمحاصرتهم داخل مقر حزب التجمع اليمني للإصلاح ومنعوا الإمدادات من الوصول لفك الحصار.[231][232] فجر مقر حزب التجمع اليمني للإصلاح في تلك المنطقة.[233] وأحرقوا منزل "صالح عامر" وقُتل نجله بالإضافة لعدد غير مؤكد من القتلى والجرحى ونصب الحوثيون كمينًا لقوات من الفرقة الأولى مدرع (حُلت رسميا عام 2012) كانت في طريقها لتعزيز مسلحي التجمع اليمني للإصلاح في مديرية همدان.[234]

امتدت الإشتباكات إلى منطقة شملان في المدخل الشمالي الغربي للعاصمة صنعاء واستمرت حتى فجر 18 سبتمبر وقتل في الإشتباكات العقيد الركن صادق مكرم قائد لواء الدفاع الجوي في المنطقة العسكرية السادسة (الفرقة الأولى مدرع).[235] كما شهد المدخل الجنوبي لصنعاء اشتباكات خفيفة بين قوات الأمن ومسلحين قرب مخيم اعتصام للحوثيين في حزيز بسبب دخول سيارات قادمة من منطقة سنحان يشتبه بأنها كانت تنقل أسلحة للمعتصمين.[236] توجه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، صباح 17 سبتمبر إلى محافظة صعدة للقاء عبد الملك الحوثي، والموافقة على عرض بصيغة جديدة تقدمت به الرئاسة اليمنية لإنهاء الأزمة، وضم الوفد الذي توجه إلى صعدة رئيس جهاز الأمن السياسي جلال الرويشان، ومدير مكتب الرئاسة أحمد عوض بن مبارك، والقيادي الحوثي حسين العزي.[236]

في 18 سبتمبر اشتبك المسلحين الحوثيين مع قوات أمنية في حي شملان شمال صنعاء وشارع الثلاثين، كما حاصروا جامعة الإيمان التي يديرها عبد المجيد الزنداني، ونقلت أسوشييتد برس للأنباء عن سكان إفادتهم بمقتل نحو 60 شخصا في القتال.[237] في 21 سبتمبر 2014، سيطر الحوثيون على جامعة الإيمان ومقر الفرقة الأولى مدرع والقيادة العامة للقوات العسكرية ومنازل علي محسن الأحمر وحميد الأحمر.

نشر موقع صحيفة 26 سبتمبر التابعة لوزارة الدفاع بيانا مقتضبا نسب لمنتسبي دائرة التوجيه المعنوي تأييدهم لـ"ثورة الشعب".[1] أعلنت وسائل الإعلام الحكومية استقالة محمد باسندوة من رئاسة الوزراء والتوقيع على إتفاق مع الحوثيين برعاية الأمم المتحدة سمي بـ"إتفاق السلم والشراكة والوطنية 2014" في ذات الليلة.[238] تواردت أنباء عن هروب علي محسن الأحمر لجهة غير معلومة وهو من أعلنه الحوثيون مطلوبًا للعدالة. نشرت وسائل إعلام حزب التجمع اليمني للإصلاح وصحف إخوانية يعمل لحسابها ناشطون إصلاحيون أنه توجه إلى السعودية،[239][240] لم يصرح أي مسؤول سعودي أو صحيفة سعودية بهروبه إليهم حتى وقت متأخر في 12 أبريل 2015، حيث نشر موقع إلكتروني تابع لوزارة الداخلية السعودية ما مفاده أنه متواجد بالمملكة السعودية ويسعى جاهدًا لتشكيل ميليشيات لقتال الحوثيين والعودة إلى اليمن.[241]

متعلقات[عدل]

جانب من الحشود في صنعاء للاستماع لخطاب عبد الملك الحوثي في 23 سبتمبر 2014 والذي ألقاه من صعدة.
في

23 سبتمبر، احتشد عدد كبير في ساحة التغيير بصنعاء للاستماع لخطبة عبد الملك الحوثي والتي ألقاها من صعدة. ووجه عبد الملك معظم خطبته للداخل اليمني وتمحورت حول "الشراكة ونبذ الاقصاء" وجزء من كلمته كان موجها لحزب التجمع اليمني للإصلاح لـ"لاخاء والسلام والتفاهم" ومما جاء في كلمته:[242]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة هذه الجهود المتظافرة صنعت هذا الانجاز. اتفاقًا وطنياًَ وصيغة سياسية وعقدًا جديدًا يبنى عليه بناء حكيم وبنيان يمني أصيل، تدار به شؤون هذا البلد إن شاء الله. أيضا من الانجازات المهمة لهذه الثورة أنها أزالت عقبة كبيرة وعائقًا من أخطر العوائق التي كانت تحول دون بناء دولة عادلة، ذلك العائق كان متمثلًا في أكبر وأخطر قوى النفوذ المتغلغلة في المؤسسات والنافذة في البلد بقيادة علي محسن الأحمر الذي كان يسعى لفرض إرادته فوق إرادة الشعب ويتحالف مع بعض القوى الخارجية بغية اخضاع هذا الشعب والهيمنة على قراره. واليوم وبعد هذا الانجاز المهم، بات الطريق معبدًا والباب مفتوحا أمام شعبنا، كل شعبنا بكل مكوناته لرسم مستقبله وفق تلك الأسس الصحيحة القائمة على أساس الشراكة. هذا يتطلب إرادة وتصميمًا واستمرارية وصدقًا وإحساسًا مستمرًا بالمسؤولية وعزمًا وصبرًا وجدية من جميع المكونات. اليوم بات بالإمكان أن تتحول الفرقة الأولى مدرع إلى حديقة مع استرضاء الملاك للأرض وتعويضهم والاسم اللائق هو حديقة الحادي والعشرين من سبتمبر.[ملاحظة 3] استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

عبد الملك الحوثي في 23 سبتمبر 2014

الرئيس عبد ربه منصور هادي ألقى كلمة في 25 سبتمبر دعا الحوثيين إلى الانسحاب من صنعاء، متهما إياهم ضمنا بعدم احترام اتفاق السلام.[243] ومما جاء في الكلمة:[244]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة أكرر دعوتي الصادقة والمخلصة لاستغلال هذه الفرصة التاريخية لشراكة حقيقية بين كل أبناء الوطن من خلال تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية، فما يجري الآن يفقد المواطنين الثقة في كثير من الشعارات التي كانوا يسمعونها، وآمن بها بصدق وإخلاص الكثير من البسطاء والأنقياء من أبناء شعبنا .أنا على ثقة بأن العقلاء في كل القوى السياسية على قناعة بأن تصفية حسابات القوة العمياء المسكونة بالثأر، لا يمكن أن تبني الدولة ولا مؤسساتها الدستورية، ولا يمكن أن تؤسس لسلم اجتماعي بين كل مكونات المجتمع.. وإنني لأتساءل إذا كانت مكافحة الفساد وبناء الدولة تتم بنهب البيوت والمعسكرات ومؤسسات الدولة فكيف يمكن أن يكون الفساد والتخريب؟ وهل من يريد بناء الدولة المدنية الحديثة أن ينتهك حرمات البيوت وأن يهاجم مؤسسات الدولة بغية نهبها وإضعاف علاقتها وصلتها بالشعب، فلا يمكن أن نقبل بإضعاف مؤسسات الدولة بل وتدميرها معنويا وماديا، ولا يمكن أن يقبل شعبنا بذلك بعد أن نبذ كافة خيارات العنف وفضل السلام والحلول السياسية. شعبنا الذي اختار الدولة المدنية الحديثة والمواطنة المتساوية والسلمية في التعبير عن كافة خياراته..المدخل الحقيقي والشرعي لتطبيق هذه الاتفاقية (اتفاق السلم والشراكة الوطنية) هو الاعتراف بالسيادة الكاملة للدولة على كافة أراضيها ومناطقها وفي مقدمة ذلك عاصمتها صنعاء وتسليم كافة المؤسسات والأسلحة المنهوبة استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

عبد ربه منصور هادي في 25 سبتمبر 2014

إشتباكات الأمن القومي[عدل]

تواردت أنباء عن اقتحامهم لمبنى جهاز الأمن القومي ونشرت صحف إخوانية (إلى جانب صحف سعودية) أخبارًا عن إطلاقهم سراح سجناء إيرانيين.[245][246] رئيس الأمن القومي علي حسن الأحمدي نفى إقتحامهم لمبنى الجهاز ولكنهم اقتحموا منزله، وفقًا للأحمدي.[247] ونفى إطلاقهم لمساجين إيرانيين،[247] وطيلة الحروب مع الحوثيين، لم تُحدد هوية سجين إيراني واحد في اليمن ولم يُعلنوا للرأي العام.

الناطق الرسمي للحوثيين تطرق لحادثة قُتل فيها 13 معتصمًا سلميًا أمام مبنى الجهاز في 14 يوليو 2013،[248] ولم يتم تقديم المتسببين للمحاكمة وأضاف أنه تواصل مع الأجهزة المعنية لحل المشكلة دون تفاصيل أكثر ولم يتحدث عن منزل اللواء الأحمدي.[249]

في 27 سبتمبر 2014، دارت إشتباكات لمدة ساعتين أمام منزل آخر لرئيس الأمن القومي وقُتل ثلاثة من الحوثيين وجنديان حراسة وأصيب ستة جنود وتسعة حوثيين.[250] دوافع الاشتباكات غير معروفة ولكن يُعتقد أن سبب هجومهم على المنزل كان إشتباههم أنه يأوي علي محسن الأحمر.[251]

سجون ومعامل متفجرات إصلاحية[عدل]

أعلن الحوثيون عن عثورهم على نفق بين جامعة الإيمان والفرقة الأولى مدرع.[252] والعثور على معامل لصناعة المتفجرات بالاضافة إلى أقنعة ولوحات سيارات وصناديق ذخيرة وبزات عسكرية للفرقة الأولى مدرع داخل الجامعة التي يديرها عبد المجيد الزنداني.[253] ونفق آخر طوله يتجاوز مئتي متر ومزود بالاضاءة ووسائل التكييف ولوازم الاتصالات الأرضية بين جامعة العلوم والتكنولوجيا (فرع الطالبات) ومقر الفرقة العسكرية التي قادها علي محسن الأحمر.[254] وأُكتشفت سجون سرية كان يديرها علي محسن الأحمر تحت الأرض في مقر الفرقة الأولى مدرع، أقبية تحت الأرض وبداخلها سلاسل لتقييد الأرجل والأعناق.[255]

لم يصدر تعليق من حزب التجمع اليمني للإصلاح بخصوص السجون السرية في مقر الفرقة الأولى مدرع، ولكن جامعة الإيمان التابعة للحزب نفت وجود معامل متفجرات واصفة إعلان الحوثيين بمحض الأكاذيب والافتراءات في بيان صادر عنها.[256] مجادلين بأن الإعلان صدر عقب إقتحام المجمع بالقوة وبالتالي بامكان الحوثيين أن يضعوا ما يريدون بداخله وينسبونه لإدارة الجامعة.[256]

تشكيل الحكومة الجديدة[عدل]

ترشيح أحمد بن مبارك[عدل]

في 7 أكتوبر تم تعيين أحمد عوض بن مبارك رئيسا للوزراء.[257] وهو مارفضه الحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي العام برئاسة علي عبد الله صالح. عبد الملك الحوثي تحدث عن دور قناتي الجزيرة والعربية الذي وصفه بالمقزز ويعبر عن قوى معينة لم يسمها لا هم لها في المصلحة الشعبية، ووصف تعيين ابن مبارك بالـ"قرار الخارجي" وقال:[258]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة أي رئيس وزراء ترشحه سفارات أجنبية وتفرضه ويتخذ بشأنه قرار وفق املائات من سفارات أجنبية سيرى في المستقبل ان المنة عليه لتلك السفارات التي قدمته ورشحته وفرضته وانها هي التي اوصلته إلى رئاسة الحكومة ثم بالتأكيد لا يستطيع ان يقف تجاه إملائاتها هي فيما يضر بأمن هذا البلد ولا يتوافق مع مصالح البلد، قد يكون ضعيفا امام إملائاتها لأن لها عليه المنة استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة علي عبد الله صالح وصف أحمد عوض بن مبارك بالـ"متطرف" وأنه ليس محايدا ولا مستقلًا بل "متحزبا منذ نعومة أظافره" وشكك في ولائه لوحدة اليمن، واعتبر تعيينه خرقا لاتفاقية السلم والشراكة.[259] ولم يشر البيان المؤتمري إلى الحزب الذي ينتمي إليه ابن مبارك ومتى أبدى موقفا معارضًا للوحدة اليمنية. عبد الكريم الإرياني وصف موقف حزب المؤتمر الشعبي العام بالمتناقض وقال أن اللجنة العامة للحزب اجتمعت بعبد ربه منصور هادي قبل مدة وأقرت بالاجماع تفويض رئيس الجمهورية بتعيين رئيس الوزراء الجديد.[260]

في 8 أكتوبر أعتذر أحمد عوض بن مبارك عن تشكيل حكومة جديدة وهو ماوافق عليه عبد ربه منصور هادي، وقالت وكالة سبأ الحكومية أن مستشاري رئيس الجمهورية سيبحثون مجددا عن شخصية وطنية تكون محلا للاتفاق ووفق معايير اتفاقية السلم والشراكة.[261] ونشر أحمد عوض بن مبارك نص الاعتذار وجاء فيه أنه اعتذر عن قبول التكليف حتى لا يكون مطية لأحد أو عذرًا لتنفيذ ماهو أسوأ بحق هذ الوطن، ورد على اتهامات التخوين والعمالة الموجهة إليه ووصفها بالترهات مطالبا الحوثيين باثبات ولائهم هم لليمن وأن يدفعوا عن أنفسهم هذه التهم التي التصقت بهم وكان ابن مبارك من المدافعين عنهم على ما جاء في البيان. وأضاف أن هناك أدعياء يبحثون عن دمى يقومون بتحريكها.[262]

حكومة خالد بحاح[عدل]

في 13 أكتوبر، تم تعيين خالد بحاح، وزير النفط السابق وسفير اليمن إلى الأمم المتحدة رئيسا للوزراء وهو ماتوافقت عليه كافة القوى السياسية.[263] الرئيس عبد ربه منصور هادي قال في 26 أكتوبر أن الدولة أخذت على عاتقها مهمة حرب تنظيم القاعدة ولا ينبغي لأنصار الله استخدام محاربة القاعدة كذريعة لـ"احتلال محافظات أخرى"، ودعاهم للانسحاب من صنعاء وكافة المحافظات ومما جاء في الكلمة:[264]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة إنما يحدث اليوم من تمدد مسلح ومواجهات دامية في بعض المحافظات والمديريات من قبل أنصار الله وتحت ذرائع واهية ويافطات مختلفة عملًا لا يمكن فهمه أو قبوله بعد التوقيع على إتفاقية السلم والشراكة الوطنية .. بل إن ما حدث في صنعاء وعمران وقبلها في دماج ومؤتمر الحوار الوطني الشامل ما زال قائمًا .. ها هو أمرًا لا يمكن فهمه أو قبوله تحت أي مبرر فشعبنا قد أثبت أنه أكثر وعيًا من أن تنطلي عليه أي مبررات أو مزاعم بعد أن شاهد ما شاهده من انتهاكات لهذا الاتفاق وقبلها العديد من الاتفاقيات قبل أن يجف حبرها فكيف تحمي مصالح الناس باحتلال المدن بالحرب باقتحام ومداهمة لوزارات وشركات نفطية كيف تسمح لنفسها أي جماعة بأن تدعي ممارسة دور الدولة في بسط الأمن والاستقرار وكيف تسمح لنفسها بأن تتحدث عن سؤ النوايا من بقية الأطراف وهي تتقدم عسكريًا في ظل عملية سياسية فيها العديد من الاستحقاقات المتبادلة التي لن تعالج إلا بالحوار السلمي والعمل السياسي الصادق استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

الناطق الرسمي باسم أنصار الله محمد عبد السلام رفض اتهامهم بالـ"احتلال" وقال أنه كان على عبد ربه منصور هادي شكرهم لقتالهم تنظيم القاعدة وأضاف أن اللجان الشعبية ستظل في كل مواقعها لحماية مكتسبات الثورة الشعبية ومواجهة تهديد تنظيم القاعدة وحتى يتم تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية بما يكفل التعايش المشترك وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي نصت على الشراكة في كل مؤسسات الدولة، على حد تعبيره. وتحدث عن دول لم يسمها لا تريد مصلحة اليمن وتريد من الرئيس أن يتبنى مواقف متشنجة اتجاههم.[265] في 25 أكتوبر 2014، كان عبد الملك الحوثي قد ألقى خطبة جاء فيها:[266]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة بعض القوى الداخلية والإقليمية لديها توجه إما أن يبقى اليمن تحت حذائها، تحت هيمنتها، تحت سلطتها، وتتدخل هي في كل شؤونه الصغيرة والكبيرة بما تريد وحسب ما تريد. ليبقى الشعب اليمني باجمعه خاضعا باذلال وهوان للوصاية الخارجية وبائسا ومعانيا وفقيرا ولا ينعم لا بأمن ولا استقرار، ليبقى دائما يعيش حالة من الاضطراب والتناحر والغرق في المشاكل. تُفَعل أوراقًا للضغط، بعض القوى الداخلية للاسف الشديد، البعض منها بدون أخلاق، بدون قيم. قد يتواطئ مع الخارج في كل هذا، إما يمن خاضع وراكع ومستجدي دائما بالخارج يا إما يمن أيضا يغرق في مشاكل لا تنتهي ويبقى معلقا بين السماء والارض لا يشهد استقرارا سياسيا، قد يرى البعض ان مصالحه تلتقي مع مصالح الخارج في هذا استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

أُعلن عن تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة خالد بحاح في 7 نوفمبر 2014، والتي ضمت 36 حقيبة.[267] وأعلن جمال بنعمر اختتام زيارته الرابعة والثلاثين إلى اليمن والتي استغرقت خمسة عشر يومًا وهدفت إلى تسريع تنفيذ اتفاق تنفيذ السلم والشراكة الوطنية الذي عده الوسيلة الأمثل لإخراج اليمن من أزمتها الراهنة،وذَكَّر في بيانه بالاتفاق الذي وقعته كافة الاطراف السياسية بمن فيهم أنصار الله والمؤتمر الشعبي بتفويض الرئيس عبد ربه منصور هادي باختيار وزراء الحكومة.[268]

في 8 نوفمبر 2014، أعلن مجلس أمن الأمم المتحدة عن ترحيبه بتشكيل الحكومة الجديدة مجددًا دعوته بدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي وخالد بحاح.[269] في صباح 9 نوفمبر 2014، أدى ثلاثين وزيرا من أصل ستة وثلاثين اليمين الدستورية.[270] في 18 ديسمبر 2014 وافق مجلس النواب اليمني على برنامج حكومة خالد بحاح ومنحها الثقة بعد يومين من رفض حزب المؤتمر الشعبي العام.[271] وأعلنت عن عدة توصيات منها إزالة المظاهر المسلحة والنقاط الغير حكومية وتنفيذ جانبها من اتفاق السلم والشراكة الوطنية.[271]

استقالة هادي[عدل]

منذ التوقيع على اتفاقية السلم والشراكة الوطنية، لم يلتزم الحوثيون بأي من البنود المتعلقة بجانبهم من تنفيذ الاتفاق وبالذات الملحق الأمني، وهو الاتفاق الذي ملأ به الحوثيون اليمن ضجيجًا بأنه اتفاق يمني نقي لم تؤثر عليه تدخلات خارجية، كما ورد في أول خطاب لعبد الملك الحوثي في 23 سبتمبر 2014. فجأة وبدون أي مقدمات، صعَّد الحوثيون لهجتهم اتجاه عبد ربه منصور هادي والذي رغم كل شيء، كان أحد أهم عوامل وصول الحوثيين إلى صنعاء ولكن حتى هذا لم يلقى تقديرًا من جانب الحوثيين واتهموه بدعم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.[272] لجوئهم لهذا التصعيد هو للتهرب من الالتزام بالاتفاقية التي التي جروا القوى السياسية إلى توقيعها، الجزئية الوحيدة التي فشلت حكومة خالد بحاح في الالتزام بها كان البند الثامن من اتفاق السلم والشراكة الوطنية والذي نص على التالي :

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة يعمل الأخ رئيس الجمهورية عن كثب مع جميع المكونات من أجل تحقيق توافق على دستور جديد عبر آليات لجنة صياغة الدستور والهيئة الوطنية استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

عبد ربه منصور هادي وأحمد عوض بن مبارك تجاهلوا هذه الجزئية من الاتفاق وأُعلن عن الانتهاء من صياغة مسودة الدستور الجديد في 4 يناير 2015.[273] الإعلان الحكومي حينها، قال أن مسودة الدستور ستُسلم للهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، يعقب ذلك مرحلة من المشاورات العامة حولها.[273] ما إذا كان هناك خطة حقيقية لهذه "المشاورات العامة" أو أن أحمد عوض بن مبارك وعبد ربه منصور هادي أرادوا المضي قدمًا بالدستور على أية حال، ليس واضحًا تمامًا ولكن تسريبات مكالمات هاتفية بين الرجلين تقترح أنهم لم يقيموا وزنًا لأي مكون داخلي عند إتخاذهم للقرارات.[274]

هذه الجزئية الوحيدة التي يمكن الجدال بشأنها وهو أن حكومة خالد بحاح والرئاسة لم تلتزم باتفاق السلم والشراكة الوطنية، وهي جزئية بسيطة والاختلاف حول خطة التقسيم الفيدرالية أمور يمكن معالجتها بطرق ووسائل تختلف عما ألفه الحوثيون. عدا ذلك، التزمت الحكومة والرئاسة بكافة البنود المتعلقة بها سواء على الصعيد السياسي والاقتصادي والاعلامي. في المقابل، لم يلتزم الحوثيون بأي من الاتفاقات مثل مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وكافة بنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي تنص بعض بنوده على التالي :

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة
  • تتعهد الأطراف إزالة جميع عناصر التوتر السياسي والأمني من أجل حل أي نزاع عبر الحوار وتمكين الدولة من ممارسة سلطاتها. ويجب وقف جميع أعمال العنف فورًا في العاصمة صنعاء ومحيطها من جميع الأطراف.
  • تؤكد الأطراف ضرورة بسط سلطة الدولة واستعادة سيطرتها على أراضيها كافة وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
  • تقوم القوات الأمنية والعسكرية التابعة للدولة بمهامها في ضمان أمن المحافظة واستقرارها. وتتحمل اللجنة المسؤولية الرئيسة عن الإشراف على الاتفاق وتنفيذه، بما في ذلك سحب جميع المجموعات المسلحة القادمة من خارج عمران
  • وقف جميع أعمال القتال ووقف إطلاق النار في الجوف ومأرب فورًا، وانسحاب جميع المجموعات المسلحة القادمة من خارج المحافظتين مع ترتيب الوضع الاداري والأمني والعسكري.
  • توفر اللجنة المشتركة كل الدعم والمساعدة اللازمين إلى المسؤولين المحليين لتمكينهم من ممارسة مسؤولياتهم بشكل كامل، وضمان مبدأ الشراكة الوطنية. وتكون اللجنة المنبر المناسب لمناقشة أي عقبات وحلها من أجل القيام بتلك المسؤوليات.
  • يتم الاتفاق على آلية، بمساعدة فنية من الأمم المتحدة، لتنفيذ توصيات مؤتمر الحوار الوطني الشامل المتعلقة بـ"نزع السلاح واستعادة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من كافة الأطراف والجماعات والأحزاب والأفراد التي نهبت أو تم الاستيلاء عليها وهي ملك للدولة على المستوى الوطني وفي وقت زمني محدد وموحد".
استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

لا يستطيع الحوثيون القول أنهم التزموا بأي من البنود الواردة أعلاه، وهي بنود أهم من مباركتهم لمسودة الدستور. الحوثيون هم المسؤول الأول والوحيد في تقويض حكومة خالد بحاح وعرقلتها عن القيام بمهامها.[8]

الخلاف حول الفيدرالية[عدل]

برروا اختطافهم لابن مبارك بعدم التوافق على مسودة الدستور وبالذات ما تعلق بتقسيم البلاد إلى ستة أقاليم فيدرالية.[275] ولكنهم في الحقيقة معارضون للفيدرالية كمشروع وفكرة بالكلية،[275] وهو مشروع تم التوافق عليه في مؤتمر الحوار الوطني ويوافقهم في ذلك أكبر مراكز القوى والنفوذ، الرئيس السابق علي عبد الله صالح. دعائيًا، يزعم الحوثيون أن خطة التقسيم الفيدرالية "مؤامرة أميركية صهيونية" على اليمن وفق تعابير ثقافتهم السياسية (طالع خلفية عن مركزية الحكم).

خلال جلسات مؤتمر الحوار الوطني وحصارهم صنعاء، كان الحوثيون يتبنون موفقًا مختلفًا وهو أنهم يريدون ضم محافظات حجة والجوف إلى الإقليم الفيدرالي المسمى "آزال"، مسميات الأقاليم المصطنعة قصة أخرى بحالها، ولكن هذا ما كان عليه موقف الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني مجادلين بأن حجة والجوف مناطق ذات أغلبية زيدية، وهو يكشف عن سوء فهم لما تعنيه الفيدرالية ولكن الحوثيين حينها لم يدلوا بتصريحات أن الفيدرالية "مؤامرة صهيو أميركية" وهو موقف أكده أحد أعضاء "المكتب السياسي" للجماعة ويدعى علي القحوم، إذ قال في 26 ديسمبر 2014:[276]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة البند العاشر من اتفاق السلم والشراكة الوطنية ينص على أن الهيئة الوطنية تعمل على معالجة شكل الدولة، كما أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني نصت على دولة اتحادية وعندما تم إقرار الستة الأقاليم اعتبرنا حينها أن التقسيم كان سياسيا ومعدا مسبقًا وطلبنا تشكيل لجنة مختصة لإعادة التقسيم. وهذا كان مطلبنا ولا زلنا مصرين عليه. أما الخيار الفيدرالي فهو موجود وقائم على ما نصت عليه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

محمد عبد السلام، الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثيين، أدلى بتصريحٍ مغاير لما قاله القحوم واعتبر الفيدرالية "خطرًا على وحدة اليمن ونسيجها الاجتماعي" وقال في 18 يناير 2015:[277]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة تم ترحيل موضوع الأقاليم من مؤتمر الحوار الوطني وطالبنا في أكثر من بيان وموقف ومظاهرة ولقاء عام أو خاص مع كافة الشركاء السياسيين رفضنا القاطع لهذه الخطوة مطالبين بتشكيل لجنة ذات صلاحيات تناقش حاجة اليمن إلى الأقاليم ... ورغم تحفظنا وتجاوز اتفاق السلم والشراكة يسعى الرئيس هادي إلى المغالطة والخداع مع كل المكونات السياسية وسعى إلى فرض مشروع الاقاليم وتسليم مسودة الدستور النهائية وكأن شيئا لم يحدث او لا يوجد أي تحفظ او مشكلة وكانه لم تصله الكثير من النصائح والتنبيهات أن الشعب اليمني لن يقبل بمثل هذه الخطوة مهما كلف الأمر استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

وهناك إشكال آخر إلى جانب الاعتراض على الفيدرالية، وهو تفسيرات الحوثيين للبنود المتعلقة بالـ"شراكة" في اتفاق السلم والشراكة الوطنية الموقع في 21 سبتمبر 2014.

الشراكة[عدل]

هناك عدة بنود في اتفاق السلم والشراكة تشير إلى "الشراكة على المستوى المركزي (صنعاء) وفي المحافظات"، وهو ما يمكن تفسيره بالتمثيل المتساوي لكافة المكونات السياسية في المجالس المحلية والمناصب الوزارية بمن فيهم الحوثيين الذين لم يتحولوا لحزب سياسي أصلًا ولا ينوون الاقدام على ذلك. برغم أن إنهاء "المحاصصة" في المناصب والقطاعات العسكرية كان أحد أكبر شعارات الحوثيين قبل اقتحامهم صنعاء.[278] وبالفعل، كانت المحاصصة وتنافس الأحزاب السياسية على المناصب أحد أهم أسباب رداءة أداء حكومة باسندوة.[28] استهلكوا الأطروحات التي تنتقد مراكز القوى والنفوذ،[275] وأسرفوا في إظهار مساوئ الفترة الانتقالية وما رافقها من أخطاء دون أن يثبتوا أنهم بديل أفضل أو بقدر المسؤولية.[279]

الحكومات الائتلافية والتي تلجأ للمحاصصة الحزبية غالبًا ما تكون ضعيفة وتحاول الالتفاف على تآكل شرعيتها الواضح بهذا السلوك، فالمحاصصة أو تحديد نسب التمثيل في الوظيفة العامة أو أي قطاع، غالبًا ما يكون متعلقًا بتمثيل النساء أو الأقليات الدينية والإثنية المستضعفة (في حالة اليمن اليهود والإسماعيلية)، بغض النظر عن المواقف المؤيدة أو الرافضة لهذه السياسات، ولكنها في الأصل متعلقة بالحقوق المدنية والسياسية للمجموعات الأضعف في المجتمع وليس الأحزاب السياسية وبالتأكيد ليس الميليشيات المسلحة.

بعد إكتشاف الحوثيين أنهم الفصيل الأقوى في صنعاء، لم يعد الالتزام بأي من الاتفاقيات مبررًا طالما أن باستطاعتهم فرض ما يريدون بقوة السلاح والابتزاز، ولم تعد المحاصصة مع بقية القوى السياسية مهمة بل ذهبوا لتشكيل سلطات موازية للدولة تحت مسمى "اللجان الشعبية" تفرض قرارتها على الجميع.[280] هم ليسوا مهتمين بالمشاركة السياسية كما يردد عبد الملك الحوثي في خطبه، بل بالسيطرة على المؤسسات للسيطرة على الميزانية[؟] وبالتالي إعتماد برنامج من المحسوبية لضمان الولاء لعبد الملك الحوثي، وتحول المحسوبية إلى أداة سياسية فاعلة ليست بعقلية الإدارة الجديدة على اليمن.[281] كان عبد الملك الحوثي يعلن القرارات الجمهورية، التي ينبغي لمنصور هادي إعلانها، في خطاباته.[280] فهموا "الشراكة" بأنها إقتحام الوزارات والمؤسسات الحكومية بكافة أشكالها، وتعيين "لجان رقابية" بقيادة أعضائهم لـ"مكافحة الفساد". بالاضافة إلى مخالفتهم للأعراف الدبلوماسية بتفتيشهم للبريد الدبلوماسي وإعتبارهم ذلك عملًا بطولياً.[282]

قاموا بتعيين محافظين جدد عن طريق حزب المؤتمر الشعبي العام في المجالس المحلية،[283] اقتحموا مقرات وسائل الإعلام الحكومية وسخروها لنشر البروباغندا الخاصة بهم،[284] اقتحموا مقرات شركات نفطية وغيروا طاقم الإدارة والغالب أن المعينين الجدد من الموالين للجماعة،[285] وتواردت أنباء غير مؤكدة ولكنها واردة، أنهم كانوا يضغطون على عبد ربه منصور هادي لتعيين أحد أعضائهم ويدعى صالح الصماد نائبًا للرئيس.[286] طالبوا بمنصب نائب الرئيس ونائب رئيس الوزراء، نائب الأمين العام لمجلس الوزراء، نائب مدير مكتب الرئيس ورئيس أو نائب رئيس جهاز الأمن السياسي، وكيل أو نائب وكيل جهاز الأمن القومي، رئيس أو نائب رئيس مجلس الشورى، رئيس لجنة الحدود واللجان الرقابية، رئاسة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، نائب محافظ البنك المركزي، رئاسة هيئة التأمينات والمعاشات، رئاسة الخطوط الجوية اليمنية، رئاسة الهيئة العامة للصناعات الدوائية، بالإضافة إلى مناصب الأمين العام لمجلس النواب ودائرة الشؤون المالية والإدارية. وسعوا لتعيين شخص منهم في منصب نائب وزير في أغلب الوزارات، إضافة إلى دائرتي المالية والرقابة عن كل وزارة، وجميع إدارات الرقابة والتفتيش في جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات والبنوك الحكومية.[287]

هذا وفقا لقناة الجزيرة فالقراءة مع الابقاء في الذهن أنها قناة متعاطفة مع حركات الإسلام السياسي بمختلف أشكالها المسلحة وغيرها أمر ضروري، ولكن إحتمالية صحة الوارد قوية نظرًا لتحركات وتصريحات الحوثيين منذ 21 سبتمبر 2014، فكل هذه السلوكيات تمت تحت هدف "فرض الشراكة" الذي أعلن عنه عبد الملك الحوثي في 15 ديسمبر 2014.[288][289] بل كانوا يريدون دمج ميليشياتهم في الأجهزة الأمنية إذ قال الناطق الرسمي للجماعة متحدثًا عن عبد ربه منصور هادي:[277]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة ورغم كل هذه التجاوزات وتجميد الإتفاقيات ومحاولة ربط الكثير من القضايا بتواجد اللجان الشعبية في العاصمة صنعاء ورفضه إيجاد حلول منطقية وعادلة تقضي بالشراكة لهذه اللجان في المؤسسات الأمنية سعى إلى الدفع ببعض الجهات لتبني مواقف رافضة للشراكة وعرقلة أي تسوية في هذا الجانب استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

دمج ميليشياتهم في الأجهزة الأمنية والعسكرية رُفض رفضًا قاطعًا، فلا معنى لتطهير المؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية من العناصر الموالية لحزب التجمع اليمني للإصلاح وإستبدالهم بعناصر من الحوثيين، لأن من شأن ذلك أن يخلق نفس الاشكالات التي ظهرت بـ"أخونة" هذه القطاعات مثل تسخيرها لخدمة مصالح فئوية ضيقة،[290] أو التستر على المجرمين والجناة طالما أنهم ينتمون لنفس الفصيل المسيطر.[291] وقد بدأت هذه الاشكالات بالظهور خلال بضعة أشهر من تسلم الحوثيين للسلطة فعليًا في صنعاء، فهم يتحفظون على المتهم منهم في قضايا جنائية، ويستعملون ميليشياتهم لفرض أئمة مساجد.[292] عدا أن ولائات وحدات من الجيش اليمني (الفرقة الأولى مدرع) لعلي محسن الأحمر وتجمع الإصلاح كانت أهم تبريرات الحوثيين لمهاجمتها.[293] تغلغل تجمع الإصلاح والمتعاطفين مع المنظمات الارهابية في المؤسسة العسكرية والأمنية مشكلة قديمة تعود لما قبل العام 2012،[294] ولكن استبدال عناصر تجمع الإصلاح والموالين لعلي محسن الأحمر بحوثيين، تغيير سطحي ولا يعالج المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الجيش اليمني.

ما قام به الحوثيون باسم "الشراكة"، يتشابه مع ما قام به حزب التجمع اليمني للإصلاح عبر مراحل مختلفة من تاريخه،[280][295][296] وإن كانت جرأة وطريقة الأخير أقل إنكشافًا ذلك لأن تجمع الاصلاح كان جزءاً من نظام علي عبد الله صالح ومتآلف مع شبكات المحسوبية الراسخة لذلك "النظام"، وكلهم يدعون شرعيات ثورية ووطنية لتمرير أهدافهم.

الهجوم على دار الرئاسة[عدل]

دارت إشتباكات مسلحة بين الحوثيين وقوات الحرس الرئاسي في العاصمة اليمنية صنعاء بعد يومين من اختطاف أحمد عوض بن مبارك وتهديد الجماعة بـ"سلسلة إجراءات خاصة".[275] بدأت الاشتباكات صباح 19 يناير 2015، واستمرت إلى مساء اليوم التالي باقتحام الحوثيين لدار الرئاسة.[297] ووصف قائد الحرس الرئاسي اللواء صالح الجعيملاني مايقوم به الحوثيون بالانقلاب.[297]

في مساء 20 يناير 2015، ألقى عبد الملك الحوثي خطابًا طالب فيه بأربعة نقاط تتعلق بمسودة الدستور و"تنفيذ الشراكة" ومعالجة الاوضاع في محافظة مأرب وهذه النقاط كانت:[298]

  • تصحيح وضع الهيئة الوطنية لمراقبة مخرجات الحوار قبل أن تمارس أي مهمة.
  • تهذيب مسودة الدستور وحذف كل المخالفات.
  • "تنفيذ الشراكة الوطنية".
  • الدخول الفوري في معالجة الخطر الأمني الذي تعانيه البلاد ومعالجة الاوضاع في محافظة مأرب.

ومما يؤكد الوارد أعلاه أنهم طالبوا بمناصب عليا في كافة الوزارات والهيئات الحكومة ما قاله عبد الملك الحوثي في تلك الخطبة:[298]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة رفضوا إشراكنا في الأجهزة الحكومية المعنية بمكافحة الفساد بل أبدوا حساسية كبيرة من أي نشاط لنا في هذا الجانب وواجهت اللجان الثورية عقبات كبيرة استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

استجاب عبد ربه منصور هادي لمطالب عبد الملك الحوثي في 21 يناير 2015 وتم الإتفاق مع الحوثيين مقابل إطلاق سراح أحمد عوض بن مبارك، وأن ينسحب الحوثيين من المناطق التي سيطروا عليها خلال الإشتباكات الأخيرة أهمها دار الرئاسة والقصر الجمهوري الذي يسكن فيه رئيس الوزراء، ومن معسكر الصواريخ.[299] لم يلتزم الحوثيين بالإتفاق ولم ينسحبوا من دار الرئاسة أو يطلقوا سراح بن مبارك حينها.[300] هم أرادوا رئاسة وحكومة صورية تنفذ أهدافهم وتوفر لها غطاءً شرعيًا وقد سبق وأن هدد خالد بحاح بتقديم الاستقالة في 17 ديسمبر 2014.[301] قدم خالد بحاح استقالة حكومته في 22 يناير 2015 وجاء في بيان الاستقالة:[302]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة إننا ننأى بأنفسنا، أن ننجر إلى متاهة السياسة غير البناءة والتي لا تستند إلى قانون أو نظام. قررنا اليوم أن نقدم استقالتنا لفخامة رئيس الجمهورية وإلى الشعب اليمني، حتى لا نكون طرفا فيما يحدث، وفيما سيحدث، ولا نتخمل مسؤولية ما يقوم به غيرنا أمام الله استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

الإعلان الدستوري[عدل]

كرتون سياسي بريشة الرسام اليمني سامر الشميري، يعبر فيه عن رؤيته لما سمي بالإعلان "الدستوري" للحوثيين.

بعد استقالة خالد بحاح وتبعها استقالة عبد ربه منصور هادي، اعتبر عبد الملك الحوثي الاستقالات "مؤامرة"، ولم يصدق أن عبد ربه منصور هادي استقال فعلًا وقال أنها مناورة للابتزاز.[303] فهم لم يريدوا استقالة عبد ربه منصور هادي أو إسقاط حكومة خالد بحاح بقدر ما كانوا يبحثون عمن يشرعن ويسهل لهم سيطرتهم على السلطة، لإنهم جماعة مقاتلة تشكلت ونمت بفضل الحرب أصلًا، ولم تألف العمل السياسي. عبد الملك الحوثي اعتبر استقالة خالد بحاح وعبد ربه منصور هادي "مؤامرة" لخلق الفوضى والتهرب من "تحقيق مطالب الشعب"، ويقصد بـ"مطالب الشعب" تعيين حوثي بمنصب نائب وزير في كل وزارة.

دعا عبد الملك الحوثي القوى السياسية للتوصل إلى حل لجماعته، وعقدوا مؤتمرًا في 1 فبراير 2015 أمهلوا فيه القوى السياسية من غير جماعتهم بالتوصل إلى حل خلال ثلاثة أيام وإلا فإنهم سيفوضون "اللجان الثورية" بترتيب أوضاع السلطة والمرحلة الانتقالية.[304] لم يكن إلى 6 فبراير 2015 حتى أعلن الحوثيون عما أسموه بـ"الإعلان الدستوري" والذي نص على تكوين مجلس وطني من 551 عضوًا ومجلس رئاسي من خمسة أعضاء بقيادة محمد علي الحوثي، ابن عم عبد الملك الحوثي، وعن فترة إنتقالية من سنتين لحين إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية. حل "الإعلان الدستوري" مجلس النواب برغم إعترافه بالدستور النافذ الذي ينص على إيكال منصب رئيس الجمهورية لرئيس مجلس النواب وهو يحيى الراعي، والذي بدوره سيدعو لعقد انتخابات رئاسية خلال 60 يوماً.[305] العودة إلى مجلس النواب في ظل هيمنة حزب المؤتمر الشعبي العام تعني عودة علي عبد الله صالح، إبنه أحمد أو أي مقرب من تلك الدائرة إلى السلطة من جديد، وهو ما لا يريده عبد الملك الحوثي.

مجلس أمن الأمم المتحدة اعتبر الإعلان أحادي الجانب ورفض الاعتراف به، وقام بان كي مون بزيارة السعودية وأعلن من هناك أن عبد ربه منصور هادي هو الرئيس الشرعي للبلاد مطالبًا باعادة السلطة إليه في 8 فبراير 2015.[306] رُفض الإعلان من مجلس الأمن لفشل الحوثيين في بناء تكتل أو إئتلاف يضم المجموعات السياسية المختلفة.[307][308][309][310] في 9 فبراير 2015 أعلن جمال بنعمر عن العودة إلى طاولة المفاوضات من جديد،[307] في 16 فبراير، طالب مجلس الأمن الحوثيين بتحمل مسؤولية تصرفاتهم والتوقف عن استعمال العنف لتحقيق أهدافهم، عدم محاولة إملاء أو فرض رؤيتهم لمستقبل اليمن، والافراج عن عبد ربه منصور هادي - يُزعم أنه كان تحت الإقامة الجبرية حينها - والعودة إلى عملية سياسية مقيدة بخط زمني محدد وواضح.[311] وأصدر الحوثيون بيانًا يرفضون فيه بيان مجلس أمن الأمم المتحدة ويتهمونه بالـ"تدخل في الشأن اليمني"،[312] مثال آخر على الاستهلاك الحوثي للمشاعر والعواطف القومية اليمنية في المكان والإتجاه الخاطئ والاساءة إليها بتوظيفها لتمرير أجنداتهم فالأمم المتحدة منظمة دولية وليست بلدًا معادياً.

حول شرعية هادي[عدل]

في 21 فبراير 2015، غادر عبد ربه منصور هادي مقر إقامته في صنعاء إلى عدن،[313] وتواردت أنباء ثبت عدم صحتها عن حاجته إلى رعاية طبية بصورة عاجلة. ورد في بيان منسوب إليه أنه تراجع عن إستقالته وكانت دول مجلس التعاون الخليجي أول المرحبين بهذه الخطوة، عبد ربه منصور هادي لم يصدر بيانًا ولم يلق خطابًا ويُعتقد بشكل واسع أن البيان المنسوب إليه والذي لا يعترف بحكومة خالد بحاح، صيغ في الرياض. فالسعودية لم تكن سعيدة باتفاق السلم والشراكة الوطنية والذي ألغى المبادرة الخليجية فعليًا، وإن لم يكن رسميًا إذ لا زال اسم تلك المبادرة يتردد في بيانات مجلس الأمن.

قبل إسبوع تمامًا من مغادرة هادي، أصدر ذلك المجلس بيانًا يعبر فيه عن متابعته للمستجدات في اليمن الـ"شقيق"، وطالبوا مجلس الأمن بتفعيل القرار رقم بخصوص معرقلي التسوية السياسية والذي صدر تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ينص على إمكانية التدخل العسكري، وقبل ذلك كانت صحف سعودية تنشر موادًا عن "عقوبات خليجية على اليمن" عُدل في البيان الصادر إلى أن دول المجلس ستتخذ ما يلزم لحماية "مصالحها الحيوية"، التي لم تحدد، ولـ"مساعدة الشعب اليمني الشقيق".[314] مجلس الأمن لم يصدر قرارًا تحت الفصل السابع وطالب المجلس في قراره الحوثيين المشاركة بـ"حسن نية" في مفاوضات الامم المتحدة، سحب قواتهم من المؤسسات الحكومية والأمنية.[311]

أعلن السعوديون سواء عبر مجلس التعاون الخليجي أو وسائط أخرى، في أكثر من بيان ومناسبة رفضهم للـ"تدخلات الخارجية في شؤون اليمن[315] ودعمهم لـ"شرعية فخامة الرئيس هادي الدستورية" و"رفض الإنقلاب الحوثي على الشرعية الدستورية".[316] بغض النظر عن كونه حاكمًا دمية بقرار وطني شبه معدوم، وهو سبب كافٍ لنزع شرعيته في القانون الدولي، ولكن "شرعية" عبد ربه منصور هادي ليست دستورية. البند الرابع من المادة 65 من قانون الانتخابات العامة والاستفتاء تنص على:[317]

استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة لا يجوز إجراء الانتخابات الرئاسية بأقل من 2 من المرشحين استيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة

فـ"شرعية" عبد ربه منصور هادي "توافقية" ومستمدة من المبادرة الخليجية وليست من الدستور اليمني، كما تقترح البيانات السعودية. ووفق المبادرة التي أعتبرتها الأحزاب السياسية مرجعية قانونية و"فوق دستورية"، تنتهي فترة رئاسة عبد ربه منصور هادي في 21 فبراير 2014.[318] الحوثيون لم يكونوا طرفًا في المبادرة الخليجية ولكنهم شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني ووقعوا على مخرجاته، ودعايتهم تطالب بتطبيقها. في يناير 2014، اتفق المجتمعون في مؤتمر الحوار الوطني على التمديد لعبد ربه منصور هادي لسنة أخرى بحجة أن متطلبات المرحلة الانتقالية لم تكتمل، بمعنى أن شرعيته حسب التمديد الذي بدوره لم يشر إلى الدستور، تنتهي في 21 فبراير 2015.[318] حتى المرجعية "القانونية" وهي المبادرة الخليجية، لم تشر إلى إحتمالية التمديد، وما هي صلاحيات أعضاء مؤتمر الحوار الوطني لتمديد فترة رئاسته لأجل غير محدود.[318] بعد توقيع اتفاقية السلم والشراكة الوطنية من قبل نفس الأطراف التي وقعت على المبادرة الخليجية، أنهى ذلك الاتفاق المبادرة الخليجية فعليًا على أرض الواقع، ولم يشر الاتفاق الذي نقضه الحوثيون بأنفسهم، إلى تمديد فترة عبد ربه منصور هادي الرئاسية.[318] ما قام به الحوثيون انقلاب بمعنى الاستيلاء الغير القانوني على السلطة، ولكن هذا لا يجعل عبد ربه منصور هادي بشرعية مستمدة من الدستور اليمني بالضرورة. باختصار، عبد ربه منصور هادي نُصب رئيسًا من قوى أجنبية ولم يُنتخب.[319][320]

أحيانًا، الدستور والقوانين النافذة قد لا تكون مصدرًا أخلاقيًا للشرعية طالما غابت الأخلاقيات التي تُرسم من خلالها في أحاديث المواطنين اليومية.[321] فلو كانت على الدستور، لكان علي عبد الله صالح رئيسًا إلى العام 2013، فالثورات والإحتجاجات الشعبية ليست قانونية. إن تم حسابها ديمقراطيًا، فالغرض من الديمقراطية هو خلق أشكال حكم مسؤولة أمام المواطنين وإقامة حكومة تكون ممثلا حقيقيا لرغبات عموم الشعب، ومن هنا تأتي غالب الشرعيات السياسية وهو مالم يتحقق في اليمن كون عبد ربه منصور هادي كان المرشح الوحيد.[322][323] في الدول الهشة أو "المجتمعات المتغيرة"، غالبًا ما تكون الديمقراطية مهددة والحل قد يتطلب هيمنة نخبة سياسية قوية على القرار السياسي، تعمل على بناء المؤسسات وتراكم السلطات بما يشكل دولة فعّآلة،[324] تنهي العجز السياسي وملامح الإضطراب وهولاء يستمدون شرعيتهم بتحقيق هذه الأهداف، المشكلة في اليمن، هي أن عبد ربه منصور هادي ليس قائدًا كاريزماتيًا ولا هو أو عبد الملك الحوثي وعلي عبد الله صالح قادرين على فرض سيطرتهم.[325] مفهوم الشرعية السياسية حوله خلاف بين علماء السياسة ولكن نقطة الالتقاء هي القبول الشعبي العام وهذا يتأتى بالوسائل الديمقراطية، أو قوة الدولة وقدرتها على تطبيق عملية تحديث سياسية ومؤسسية بمعنى القدرة على الحكم بما يسهل عملية الانتقال الديمقراطي إن كانت ضمن الأجندة.

علاقة الحوثيين بصالح[عدل]

أصدرت لجنة العقوبات الأممية بيانا في 7 نوفمبر 2014 بشأن التنسيق بين علي عبد الله صالح والحوثيين.[326] والشائعات عن هذا التحالف بدأت مبكرًا منذ عام 2013 حتى أن وسائل اعلام حزب التجمع اليمني للإصلاح وصفت الحوثيين بالـ"جناح المسلح لحزب المؤتمر الشعبي العام".[327] "الجناح المسلح" لحزب المؤتمر الشعبي العام هم رجالات علي عبد الله صالح في الجيش والأمن والميليشيات القبلية الموالية له، والحوثيون لم يكونوا جزءاً من شبكة محسوبية صالح في يوم من الأيام.[328] ونفى علي عبد الله صالح أي تواصل مباشر بينه وبين عبد الملك الحوثي،[329] ولا يوجد ما يثبت تواصلًا مباشرًا بين الرجلين حتى الآن. لكن المؤشرات قوية على صحة هذه الفرضيات، جزئيًا على الأقل، ولكنه تحالف تكتيكي أنخرط فيه الطرفان، تنسيق ضد خصوم مشتركين وليس تحالفًا استراتيجيًا بعيد المدى.[185] بمعنى أن الحوثيين لن يقبلوا بأن يجني علي عبد الله صالح أي مكاسب إضافية، باستثناء مكسب الثأر من الخصوم المشتركين.[185][330] وقد تجلت هذه الحقيقة بعد استقالة عبد ربه منصور هادي وظهور الخلافات بين الطرفين حول كيفية حل أزمة فراغ السلطة.

خلفية[عدل]

بالعودة إلى التاريخ، كان منتدى الشباب المؤمن في الثمانينات وهو أساس حركة الحوثيين، يتلقى تمويلًا برعاية شخصيات من حزب المؤتمر الشعبي العام كانت مهتمة باحداث توازن أمام التمدد الوهابي الممول سعودياً.[331] وذلك باعتراف قيادات في حزب الإصلاح وإن بالغوا في حجم ومستوى الدعم،[332] لأن علي عبد الله صالح كان لا يزال بحاجة إلى التمويل السعودي لتجمع الإصلاح (الجبهة الإسلامية) لمقاومة الإشتراكيين ونجاة نظامه.[333] توترت العلاقات بعد تجييش حسين بدر الدين الحوثي طلابه للخروج في مظاهرات علنية معارضة لسياسات الولايات المتحدة وهي بالتأكيد كانت معارضة لعلاقة علي عبد الله صالح بالأميركيين بالدرجة الأولى.

فتوقفت الرعاية المؤتمرية المحدودة أصلًا ومع استمرار المعارك في صعدة، وجدها علي عبد الله صالح فرصة لاضعاف علي محسن الأحمر وغيره من القيادات السنحانية المعارضة لتوريث أحمد علي عبد الله صالح. معارضتهم للتوريث ليست من منطلقات وطنية أو إيمان بالعملية الديمقراطية بل لما اعتبروه خيانة صالح لسنحان واهتمامه بعائلته على حساب عصبته القبلية التي ساندته طيلة 33 عاماً. خلال الحروب الست في صعدة من 2004 إلى 2010، كان علي عبد الله صالح يعلن الحرب على الحوثيين ويمدهم بالسلاح سرًا لاطالة أمد الحرب واستنزاف طاقة علي محسن الأحمر.[105] حينها، لم يكن هناك مايمكن تسميته بالتحالف. فتسليم الأسلحة وإطالة أمد الحرب في صعدة لم يتم بتنسيق بين علي عبد الله صالح والحوثيين، وكانت حملات وسائل الاعلام الحكومية على الحوثيين في أوجها.

في 2011، احتفى الإعلام الإصلاحي بهروب المحافظ المؤتمري لصعدة طه هاجر وتنصيب فارس مناع محافظًا بدلًا عنه، وهو تاجر السلاح الذي تربطه علاقات مشبوهة مع كل من علي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر وحسين الأحمر. واعتبر الإصلاح ذلك التطور جزءاً من "الثورة".[334] لم يستمر ذلك طويلًا على أي حال وبدأ الحوثيون والموالون لصالح، بما في ذلك ضباط الجيش، بالتدريب في معاقلهم بشمال البلاد في نفس الوقت الذي أصبح عبد ربه منصور هادي رئيسا في عام 2012. واستمر التنسيق وأقنع علي عبد الله صالح قبائل عديدة بالوقوف إلى جانب الحوثيين مستغلًا توجسهم - حقيقيًا كان أم متخيلًا - من عبد ربه منصور هادي.[329] حزب المؤتمر الشعبي العام كان نشطًا في الاحتجاجات على رفع الدعم عن المشتقات النفطية وماتلاها من اشتباكات وحصار قبلي للعاصمة، والهجوم على قصر الرئاسة. واستقالة الرئيس هادي وحكومة خالد بحاح أعادت للمؤتمر الشعبي العام آماله بإعادة السلطة إلى مجلس النواب الذي يهيمن عليه، ولكن عودة علي عبد الله صالح للحكم بأي صورة كانت، أمر لا يريده الحوثيون.[335]

مكامن الاختلاف والالتقاء[عدل]

حزب المؤتمر الشعبي العام يريد العودة إلى مجلس النواب المنتهية صلاحيته منذ 2009، وموقفه هذا يستند على الدستور الذي وقع على تقويضه بموافقته على المبادرة الخليجية. بينما يبحث الحوثيون عن زبائن ليكونوا في الواجهة مع تمثيل صوري للأحزاب السياسية باسم "الشراكة"، يسيطر الحوثيون خلالها فعليًا وعمليًا على كامل أجهزة الدولة، وأي موالٍ لعلي عبد الله صالح لن يقبل بهذا الدور.[330] ولكن جزئية استقالة الرئيس هادي والإختلاف حول الوسيلة المثلى لسد فراغ السلطة، لا تعني وصول الطرفان إلى مرحلة العداء والحرب كما يؤمل حزب التجمع اليمني للإصلاح والإعلام السعودي،[336] فنقاط التقارب بين حزب المؤتمر الشعبي العام والحوثيين لا زالت كثيرة أهمها أن كلاهما يرفض خطة التقسيم الفيدرالية من ستة أقاليم. أسباب رفض تلك الخطة متعددة ولكنها تختلف من مكون سياسي وشعبي لآخر.

خطة التقسيم الفيدرالية المقترحة في مؤتمر الحوار الوطني لا تحظى بشعبية كبيرة في البلاد ونشر الحوثيون تسريبات لمكالمات هاتفية بين عبد ربه منصور هادي وأحمد عوض بن مبارك أرادوا منها تشويه صورة الرجلين وتصويرهما بمظهر العملاء وهو ما فشلوا فيه، ولكن الجزء المهم في تلك التسريبات هو كشف حقيقة أن تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم لم يتم وفق معايير علمية وإقتصادية ولم يشترك في تقييمها أي خبراء دوليين كما زعمت الحكومة في فترة سابقة، بل تمت في جزء كبير منها بناءً على تصوراتٍ شخصية لعبد ربه منصور هادي وأحمد عوض بن مبارك.[274]

ولكن الأسباب الحقيقية لرفض حزب المؤتمر الشعبي العام للخطة الفيدرالية هو أنها ستنهي عقودًا من المركزية[؟] الشديدة للحكم وتركز السلطة والثروة في المرتفعات الشمالية للبلاد، وهذا واقع يمني يريد عبد الملك الحوثي وعلي عبد الله صالح الإبقاء عليه. يؤكد هذه الفرضيات سيطرة الحوثيين على المؤسسة الاقتصادية اليمنية، التي لطالما كانت غطاء لممارسات شركاء علي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر،[337] وتماهي مجموعات قبلية في المرتفعات الشمالية مع سلوكيات الحوثيين. وتجدر الإشارة أن حزب التجمع اليمني للإصلاح كان بدوره معارضًا للفيدرالية حين تواجد علي محسن الأحمر وحميد الأحمر في البلاد،[338] ولم يلجأ لشحن باقي فصائله مناطقيًا إلا بعد هروب أولئك.[339][340] إذ كانوا ينشرون "تحليلات" أن الانتقال للنظام الفيدرالي يتطلب عشر سنين على الأقل، وهو ما يُفهم بأنه كان مماطلة لقتل المشروع.[341]

خلفية عن مركزية الحكم[عدل]

برغم أن تمركز السلطة والثروة بيد نخبة قبلية من المرتفعات الشمالية يعود إلى الثمانينات، ولكن العقلية تعود إلى ماهو أبعد من ذلك ومن الآمن القول بأن جزءاً من اضطرابات اليمن وفشلها كدولة قومية مرده المرتفعات الشمالية.[342] ومبدأ "الخروج" في المذهب الزيدي لطالما كان من أهم عوامل الاضطراب المستمر،[343] ليس لإن فكرة التمرد والخروج على الحاكم الظالم خطأ بحد ذاتها، بل لإن الأئمة الزيدية استغلوا المبدأ للتقاتل فيما بينهم على الإمامة، فتعريف "الظلم" لديهم قد لا يوافق المعايير المتعارف عليها عند بقية العالم.

السلالات القبلية التي يُتحدث عنها اليوم، ظهرت في شمال اليمن بعد طرد العثمانيين في القرن السابع عشر.[342] تعامل معهم الأئمة الزيدية بعدة طرق، إما تأديبهم بالحرب أو إشغالهم بثاراتهم، أو التخلص منهم بإرسالهم إلى تعز وإب لجبي الضرائب أو الاستيلاء على الأراضي. هذه العقلية لم تنتهي بسقوط المملكة المتوكلية اليمنية، واستمرت في الجمهورية.[344] مع استبدال الأراضي الزراعية بحقول النفط إذ أنه وفور إكتشاف النفط في مأرب[؟] عام 1984، بدأوا باحكام سيطرتهم على القطاعات.[342]

بعد إغتيال إبراهيم الحمدي في عملية يُعتقد بشكل واسع أنها مدفوعة سعوديًا،[345][346] وإسترجاع مصلحة شؤون القبائل وحل "هيئات التطوير التعاوني" التي أنشأها، شهدت صنعاء عملية تركيز شديدة للسلطة وتعاظم نفوذ مشايخ القبائل في الجيش والمؤسسات الأمنية واحتكروا عقود الاستيراد والتصدير التي مُنحت لهم من الدولة مكافأة لهم على ولائهم. عام 1989، أُكتشف أن مناطق الحديدة وتعز وإب يدفعون ضرائب بمقدار خمسة أضعاف مناطق صنعاء والمحويت وحجة[؟] وصعدة وذمار[؟]،[347] معظم الإنفاق الحكومي كان يتجه لشبكات قبلية من تلك المناطق عبر قنوات عسكرية وأمنية.[348] فمثلما أن علي محسن الأحمر وحميد الأحمر أرادوا تجيير المرحلة الانتقالية للحفاظ على هذا النفوذ، علي عبد الله صالح، والآن عبد الملك الحوثي، لا يريدون بدورهم إنهيار منظومة المحسوبية هذه، وهو هدفهم من الاعتراض على الفيدرالية كفكرة من الأساس.

المدى المنظور[عدل]

أزمة اليوم تعكس نفس المشاكل التي لم تحل في الماضي وليس من المرجح أن يتم حلها من خلال السياسات التي تتحدى تلك الدينامكيات المنشئة منذ فترة طويلة. آلاف السنين من التاريخ اليمني تشير إلى سلطات محلية متعددة تحكم مناطق مختلفة من البلاد، فالفيدرالية ليست ترفًا بل ضرورة وطنية وليس أمام الحوثيين وصالح سوى القبول بصيغة فيدرالية ما.[349] في نفس الوقت، هذه المجموعتين، علي عبد الله صالح والحوثيين، لم يريدوا أن يظهروا للعلن أن أي منهما يقف خلف الآخر، كل منهم كان يحرض الآخر لأخذ الأمور لمستوى أبعد ومع استقالة عبد ربه منصور هادي في 22 يناير، عادوا لمربعاتهم وبدأوا التنافس على السلطة والنفوذ.

الأحداث الجارية شبيهة بأحداث التسعينات في بعض الجوانب، عندما كانت السعودية تستثير عملائها القبليين،[350] وتستخرج بيانات وتصريحات معارضة للوحدة من الآخرين بحجة أن الاشتراكيين "كفار"، لإن الوحدة اليمنية شكلت نكسة للسياسة السعودية التي كانت تهدف لتوريط اليمن الشمالي في حرب مع اليمن الجنوبي وليس الشروع في الوحدة،