إسطرلاب بحري

الإسطرلاب البحري، هو مميال استُخدم لتحديد خطوط العرض للسفن في البحار عن طريق قياس ارتفاع الشمس وقت الظهيرة (الانحراف) أو ارتفاع خط الزوال السماوي لنجم ذي انحدار معروف. على عكس الإسطرلاب عادي، كان الإسطرلاب البحري عبارةً عن دائرة متدرجة مع عضادة تُستخدم لقياس الزوايا الرأسية. صُمم للسماح باستخدامه على متن القوارب في المياه العاصفة و/أو في الرياح العاتية، وهو أمرٌ لم يكن الإسطرلاب العادي مجهزًا للتعامل معه. في القرن السادس عشر، كان يُطلق على الأداة اسم حلقةٍ أيضًا. [1]

نظرة تاريخية[عدل]

يعود أول استخدام للإسطرلاب البحري إلى عدة تواريخ في الماضي. أقرب تاريخ، 1295، هو لعالم الفلك المايوركي رامون يول.[2] تتراوح التواريخ اللاحقة حول أواخر القرن الخامس عشر، حيث ادعى صموئيل بيرشاس أن الأداة استُخدمت للملاحة البحرية من قبل مارتن بهيم، وهو بحار لا يعتبره المؤرخين مصدرًا موثوقًا. على أي حال، كانت الأداة معروفةً بالتأكيد بحلول نهاية القرن الخامس عشر. مع ذلك، يُنسب إنشاء واتقان الإسطرلاب البحري للملاحين البرتغاليين خلال بداية الاكتشافات البرتغالية.[3][4] يعود أقدم وصف معروف لكيفية صنع واستخدام الإسطرلاب البحري إلى كتاب مارتين كورتيس دي ألباكار،[5] الذي نُشر عام 1551،[6] على الرغم من أن المبدأ الأساسي يشابه مبدأ البندول القوسي الذي استُخدم في بناء الأهرامات المصرية.

هناك أدلة قوية على أن تصميم الإسطرلاب البحري قد اشتُق مباشرةً من الإسطرلاب الكوكبي، إذ تشير الأمثلة المبكرة إلى بعض العلامات (على سبيل المثال مصطلحي المحور الأفقي umbra recta والمحور الرأسي umbra versa) للأداة السابقة دون أن تمتلك نفس المكونات. [7]

استبدل الإسطرلاب البحري أو استكمل أدوات قديمة مثل السارية التقاطعية أو الربع كأداة للملاح. استُخدم الإسطرلاب البحري حتى منتصف القرن السابع عشر، أو حتى نهايته على الأكثر. استُبدل بأدوات أكثر دقة وسهولة في الاستخدام مثل ربع ديفيس. بحلول أواخر القرن التاسع عشر، بدأ البحارة في استخدام أداة السدس ثم نظام التموضع العالمي (جي بّي إس) بدءًا من الثمانينات.

على الرغم من أن الهيكل النحاسي الثقيل للإسطرلاب ساعده على الصمود في البيئات البحرية لفترات طويلة، فنادرًا ما يُستخدم الإسطرلاب البحري اليوم. في عام 2017، كان هناك 108 إسطرلاب معروف فقط.[8][9] توجد أكبر مجموعة في متاحف البرتغال. يحتوي متحف كوربوس كريستي للعلوم والتاريخ في تكساس، الولايات المتحدة، على إسطرلاب بحري يعود إلى عام 1554، الذي استُرد من حطام سفينة سان إستيبان. [10]

يعود تاريخ أقدم إسطرلاب بحري قرصي مُكتشف إلى الفترة بين عامي 1496 و1501، إذ اكتُشف عام 2014 من قبل عالم البحار ديفيد إل. ميرنز في موقع حطام سفينة ناو إزميرالدا البرتغالية، التي غرقت قبالة سواحل عُمان عام 1503. جرى تأكيد الإسطرلاب عن طريق المسح بالليزر، الذي كشف عن سلسلة من 18 تدرجًا ذات فترات مكونة 5 درجات، وقد سُمي بإسطرلاب سودري. اقتُرح أن إسطرلاب سودري هو أداة انتقالية بين الإسطرلاب الكوكبي الكلاسيكي، الذي استُوحي منه الإسطرلاب النحاسي، والإسطرلاب مفتوح العجلة الذي بدأ استخدامه قبل عام 1517. [11]

صناعة الإسطرلاب[عدل]

صُنع الإسطرلاب البحري من النحاس. بما أن الوزن الخفيف كان مفيدًا عند استخدام الأداة على سطح السفينة أو في ظل الرياح العاتية، فإن المواد الأخرى، مثل الخشب أو العاج، لم تكن مرغوبةً على الرغم من صنع بعض الإسطرلابات الخشبية. صُنعت الإسطرلابات البحري المبكرة من صفائح نحاسية. لكن بسبب وزنها الخفيف، كان أداؤها ضعيفًا في البحر. بدأت صناعة الإطارات النحاسية المصبوبة الثقيلة في منتصف القرن السادس عشر وكانت أفضل بكثير. نظرًا لارتباط دقة الأداة بنصف قطر الدائرة المقسمة، فقد صُنعت بأكبر حجم ممكن عمليًا.

وبما أن شكل الصفيحة الكبيرة للإسطرلاب الكوكبي جعله حساسًا للرياح، فقد زُود الإسطرلاب البحري بإطار. سمحت الفتحات الموجودة في الإطار بمرور الرياح، ما قلل من اهتزاز الأداة.

كانت الوظيفة الأساسية للجهاز هي قياس الزوايا. بالتالي تمتعت الأداة بحلقة متدرجة. امتلكت الأدوات المبكرة 90 درجةً فقط، في حين امتلكت الأدوات اللاحقة 360 درجةً بالكامل حول طرفها. كان الغرض الوحيد للبرامق هو دعم النقطة المحورية للعضادة. من أجل خفض مركز كتلة الأداة وبالتالي زيادة فترة حركتها كوسيلة لتثبيتها، عادة ما أُضيف المزيد من النحاس إلى الجزء السفلي داخل الحلقة.

كانت العضادة حرةً في الدوران حول مسمار يمر عبر مركز الأداة. شُقت عنفات العضادة أو خُرمت بفجوة للسماح للمستخدم بمحاذاة العضادة.

امتلك الإسطرلاب حلقةً علوية للسماح بتعليقه عموديًا.

المراجع[عدل]

  1. ^ Waters, David Watkin, The Art of Navigation in England in Elizabethan and Early Stuart Times, Yale University Press, 1958
  2. ^ The Oxford Companion to Ships and the Sea, Peter Kemp ed., 1976 (ردمك 0-586-08308-1)
  3. ^ Comandante Estácio dos Reis (2002). Astrolábios Náuticos. INAPA. ISBN:978-9727970377.
  4. ^ "Archived copy". مؤرشف من الأصل في 2012-11-22. اطلع عليه بتاريخ 2013-04-02.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: الأرشيف كعنوان (link)
  5. ^ See es:Martín Cortés de Albacar for the Spanish Wikipedia biography
  6. ^ Swanick, Lois Ann. An Analysis Of Navigational Instruments In The Age Of Exploration: 15th Century To Mid-17th century, MA Thesis, Texas A&M University, December 2005
  7. ^ Daumas, Maurice, Scientific Instruments of the Seventeenth and Eighteenth Centuries and Their Makers, Portman Books, London 1989 (ردمك 978-0-7134-0727-3)
  8. ^ A. Stimson, The Mariner's Astrolabe. A survey of known, surviving sea astrolabes. Hes & De Graaf Pub B V (March 1988) (ردمك 978-90-6194-017-3)
  9. ^ Morelle، Rebecca (24 أكتوبر 2017). "Astrolabe: Shipwreck find 'earliest navigation tool'". BBC News. BBC.com. مؤرشف من الأصل في 2019-08-23. اطلع عليه بتاريخ 2017-10-24.
  10. ^ "Astrolabe". Texasbeyondhistory.net. مؤرشف من الأصل في 2018-06-28. اطلع عليه بتاريخ 2014-07-14.
  11. ^ Mearns، David L.؛ Warnett، Jason M.؛ Williams، Mark A. (16 مارس 2019). "An Early Portuguese Mariner's Astrolabe from the Sodré Wreck-Site, Al Hallaniyah, Oman". International Journal of Nautical Archaeology. ج. 48 ع. 2: 495–506. DOI:10.1111/1095-9270.12353.